من هو يا ترى بائع أعواد الثقاب الصغير الذي تحول إلى صاحب أكبر شركة أثاث عالمية، وامتلك أكثر من خمسين فرعًا حول العالم، وحولته حكومة عبد الإله بنكيران الى عدو الشعب رقم 1 في المغرب؟ إنه رجل الأعمال السويدي (اينغفار كامبراد) مؤسس شركة إيكيا الدولية، التي قررت السلطات المغربية تجميد فرع أنشطتها في المغرب عقابا لحكومة السويد على نيتها الاعتراف بجبهة "البلوليساريو". أستهل رجل الأعمال السويدي «إنجڤار فيودور كامپراد – INGVAR Feodor Kamprad مشوار حياته خالي الوفاض تماماً، وذلك قبل أن يصبح واحدًا من أثرى أثرياء العالم، وأنجح رجال الأعمال، بوصفه المؤسس والمالك ل «إيكيا «IKEA – العالمية. إليكم قصة نجاح وصعود «كامپراد»، كما نشرها موقع "أراجيك"، من الحياة الريفية البسيطة، إلى أعتلاء عرش صناعة الأثاث المسطح التعليب؛ ليصبح فيما بعد رابع أغنى رجل في العالم عام 2007، ووصلت ثروته الى 3.3 مليار دولار عام 2013.
بقلم رودولفو والش (الأب الروحي للصحافة الإستقصائية) وُلد كامپراد في 30 مارس 1926 في مزرعة صغيره مملوكة لوالديه، تُسمى «ألمتاريد – «Elmtaryd وتقع على مقربة من قرية «أجونّاريد – «Agunnaryd في مقاطعة «سمولاند «Småland – السويدية، ونشأ في تلك المزرعة التى كانت تعود لجده، الذي انتحر قبل مولده؛ بسبب عجزه عن دفع ديون مستحقة على هذه المزرعة، وقد كان جد أبيه من ألمانيا، ولكن العائلة أنتقلت للسويد للعيش فيها . «كامپراد» مؤسس سلسلة متاجر الأثاث الشهيرة إيكيا جاء مولد كامپراد فى أوقات قاسية عندما كانت «السويد" بلدًا زراعيًا يعاني الفقر، إنهم يتحدثون عن العمل الشاق والتقشف والمساواة المقترنة بحالة الفقر التي يتشارك فيها الجميع، وهي القيم التي ستمتزج فيمابعد بروح إيكيا. وقد تميز بشخصيته الذكية عندما تعلم قيمة الإدخار من سن الخامسة، وعلى الرغم من أنه نشأ في أسرة كئيبة، وكان مصاب بمرض «الدسلكسيا"، وهو إضطراب تعلمي يتضح بشكل أساسي كصعوبة في القراءة والهجاء. بدأ كامپراد حياته المهنية منذ صغره، وتحديداً وهو في عمر السادسة، بالدخول في اتفاقات أعمال صغيرة، عندما قام ببيع ثقاب الكبريت على دراجته في الحيّ الذي يسكن فيه، وحينها اكتشف أن بإمكانه شراء الثقاب بالجملة وبأسعار رخيصة في "ستوكهولم"، ومن ثم إعادة بيعها بالتجزئة بسعر منخفض جداً لزيادة أرباحه. حينما بلغ العاشرة، ومن أرباح تجارة الثقاب وسع تجارته، وراح يبيع بذور الأزهار وبطاقات المعايدة، وزينة أشجار عيد الميلاد والأقلام وبطاقات أعياد الميلاد والأسماك وبذور الحدائق، حيث كان يقطع الحي ذهابًا وجيئًا على دراجته؛ ليبيعها لجيرانه وفي الأحياء القريبة من منزله، حيث تمتّع منذ صغره بحسّ عملي قويّ، كما قام بتعليم نفسه العديد من الحيل العمليّة في مجال التجارة. في عام 1943، وعندما بلغ السابعة عشر، قدّم اليه والده مبلغاً ماليّاً بسيطاً كهديّة بسبب علاماته المرتفعة، كمكافأة لأنه أبلى بلاءً حسنًا في دراسته، وبهذا المبلغ أسس شركته الخاصة التى اسماها «إيكيا – IKEA»، من على طاولة مطبخ عمّه. كامپراد عند افتتاح أول متجر ايكيا في ألمهولت السويدية استوحى اسم «IKEA» من خلال الحرف الولى لإسمه «Ingvar Kampard» واسم مزرعة والديه «Elmtaryd» واسم بلدته «Agunnaryd»، حيث جاء الأسم اختصار لعبارة «INGVAR Kamprad from Elmtaryd, Agunnaryd»، كتعبيراً عن اسم بلدته في فترة الصبا. في البدء لم تقدّم «إيكيا» سوى الأغراض المنزليّة الصغيرة والأغراض المكتبية البسيطة،ك الأقلام، والمحافظ، وإطارات الصور، وشراشف الطاولات، والساعات، والمجوهرات وخزائن النايلون ومنتجات خاصة بالمكاتب بأسعار منخفضة. وبعد عامين من إنطلاق «إيكيا»، بدأ كامپراد في استخدام شاحنات توزيع الحليب لنقل بضائعه، ثم بعد خمس سنوات، وتحديداً في عام 1948 تم توظيف أول عامل في الشركة، كما قرر توسيع نشاطه، والتخصص في الأثاث، فبدأ بجلب أثاث محلي الصنع، ينتجه صناع محليين من خشب الغابات القريبة من منزله. ولاقت هذه التجارة استجابة واسعة، ومن أجل التوفير من المساحة التي تطلبها المفروشات والتخفيف من كلفة الشحن، أتى «كامپراد» بفكرة بيع مفروشات يقوم الزبون بجمعها، وللترويج لسلعته بشكل أكبر قرر الشاب نشر إعلان للتعريف بعلامته، وبعدها أطلق كتالوج خاص وفتح صالة للعرض للوصول إلى المزيد من المستهلكين، ومع السنوات قدّم العديد من الأفكار المفيدة للزبائن. في أوائل الخمسينات أصبحت المنتجات عبر البريد تتعرض لمنافسة، فكان القرار بإنشاء مكان دائم يمكن دخوله للزبائن؛ كي يتمكنوا من رؤية المنتجات قبل شرائها، وفي عام 1951 أنتجت ونشرت الشركة أول كتالوج (دليل/كتيب دعائي صغير)، يتضمن منتجات «إيكيا»، وبسبب إصابته بمرض «الدسلكسيا» وجد صعوبة بحفظ أرقام المنتجات بالترتيب، فقرر إعطاء المفروشات أسماء، وقرر التركيز على المفروشات. وبحلول عام 1955، عانى من عدوانية بعض تجار الأثاث السويديين آنذاك، حيث شرع المُصنعون في مقاطعة «إيكيا»؛ احتجاجًا على أسعار«كامپارد» المتدنية، فقاموا بمقاطعة الموردين الذين يتعاملون معه، سعيًا منهم لوأد «إيكيا» في مهدها. ولكن كامپراد لم يقف مكتوف الأيادي، وحول التهديد إلى فرصة، فسعى إلى حيلة مناسبة لمجابهة هولاء التجار، الأمر الذي دفعه لتصميم قطع الأثاث في شركته، فكان يقوم باستلام المواد الخام من الموردين بعيدًا عن الأنظار، وأحيانًا تحت جنح الظلام، ولكن ذلك لم يروق ل«كامپارد» طويلاً، إذ رأى أن ذلك لم يعد كافيًا للوفاء بمتطلبات «إيكيا»، التي بدأت تكبر شيئًا فشيئًا. اضطر للسفر إلى «بولندا»؛ لشراء الخشب من هناك، مستعينًا بعلاقات تجارية جديدة؛ لتدعم مسيرته التجارية، كما سعى للإهتمام بالعملاء، من خلال تقديم القهوة والكعك داخل المتجر، وهذا سبب أساس شعبية المطاعم الموجودة داخل المتاجر في هذه الأيام. وكان الكثيرون يراهنون على فشل «كامپارد» في إدارة الشركة، التي بدأت تتوسع شيئًا فشيئًا, إضافة إلى أن أسواق الولاياتالمتحدة وأوروبا الشرقية آنذاك تختلف عن أسواق الدول الاسكندينافية. ولكن كامپراد بعزيمة الشاب الطموح وذكاء الكبار دفع «إيكيا» وبكل ثقة نحو التوسع المدروس والمتزن, فمازالت فروعها تنتشر في أوروبا مرورًا بأسيا وإفريقيا. في عام 1959 بلغ عدد الموظفين لدى «إيكيا» 100 عامل، وبدأت في عقد شراكات إستراتيجية، وتوظيف مصممي أثاث مبدعين. وأثناء حقبة الستينات والسبعينات بدأ مفهوم «إيكيا» في التبلور، وتم أفتتاح عدة متاجر جديدة، وإطلاق عدة منتجات جديدة، كما تم عام 1960 افتتاح أول مطعم خاص بالسلسلة في السويد، حيث بدأ «كامپراد» أيضًا في بيع منتجات «إيكيا» بطريقة التعليب/التوضيب المسطح الشهيرة من متاجر تابعة لشركته، والتى تحولت لتصبح أسطورة الشركة، ونقطة بيع محورية، تخفف من تكاليف اليد العاملة والنقل والتخزين على العميل، وبالتالي تقدم المفروشات بأسعار منخفضة عن منافسيها. وبذلك اكتمل المفهوم الأساسي لشركة «إيكيا»، وهو أثاث مسطح التعليب، بأسعار في متناول الجميع، يتم تصميمه وتوزيعه وبيعه داخل الشركة، فقد كانت الفكرة المُحفِّزة لإنشاء «إيكيا»، ومازالت، هي قدرة أي شخص على شراء أثاث أنيق وعصري، ولم يكن« كامپارد» يهدف فقط لتقليل أعباء التكاليف وكسب المال، وإنما أيضًا كان يسعى لتقديم خدمة أفضل للجمهور. كامپراد أمام متجر ايكيا بالسويد توسعت أعمال «كامپراد» أكثر فأكثر، وأنتشرت فروع «إيكيا» في السويد، النمو الإستراتيجي العالمي، حيث كانت تفتتح متجرًا سنويًا في بلد جديد، وكانت توطد علاقتها مع مزود في البلد المستهدف، والشروط القانونية والثقافية والمادية والسياسية لتسهيل إطلاق المتجر.
فبدأت توسع نشاطاتها خارج السويد، وأمتدت إلى النرويج والدنمارك، و انتشرت عبر ألمانيا الى كافة أنحاء القارة الأوروبية، إذ افتتح أول متجر في النرويج عام 1963 ، وفى عام 1965 إفتتح أكبر متجر في السويد، وجذب العملاء بالتزامن مع إفتتاح مخزن الخدمة الذاتية للعملاء. وفي الدنمارك عام 1969، وفي سويسرا عام 1973، وألمانيا عام 1974، وفي كندا عام 1976، وأستراليا عام 1977، حتى وصلت إلى أقاصي الشرق والغرب، وعند إفتتاح «إيكيا» في «شنغاهاي» زار المتجر 80000 شخص. يوجد اليوم أكثر من300 متجر يعرض أثاث «إيكيا» حول العالم، متوزعة على 38 دولة، وخلال هذه الفترة، لم يلجأ «كامپراد» مطلقًا لإقتراض أموال لمواجهة التوسعات، أو طرح أسهم. استمرت سلسة «إيكيا» في التوسع في الثمانينات بشكل كبير ودخلت أسواق جديدة مثل الولاياتالمتحدة و إيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة واستقطبت عدة شركات لتصميم الأثاث مثل KLIPPAN وهي شركة لعائلة سويدية وشركة LACK وMOMENT. في التسعينات توسعت «إيكيا» أكثر مما كانت عليه، وتم إطلاق سلسلة «إيكيا» للأطفال، والذى تركز على حلول تأثيث المنزل لتلبية إحتياجات الأسر التي لديها أطفال، وبدأت بالأهتمام بالبيئة، وأشترطت على شركائها الاهتمام بهذا الجانب لممارسة الأعمال التجارية الجيدة. ومع بداية الألفية، وبحلول العام 2000، دخلت «إيكيا» المزيد من الأسواق العالمية مثل اليابانوروسيا وأبرمت شراكات عديدة خاصة بالمشاريع الاجتماعية والبيئية، هذا ويذكر أنه في وقت سابق من حياته المهنية، بدأ يعمل مع مجموعة من مصنعي الأثاث في بولندا. وأصبح مدمن على الكحول، ولكنه في عام 2004، صرح بأنه بدأ يسيطر على إدمانه، وفي يونيو عام 2013، أعلن «كامپراد» انه يعتزم العودة للعيش في «سمولاند» بالسويد، بعد تسليم إدارة الشركة لأولاده الثلاثة، حيث يبلغ مؤسس «إيكيا» اليوم 90 عاماً. وبالرغم من كونه صاحب العديد من الشركات والعقارات، الّا أنّه يشتهر بكونه رجلاً اقتصادياً صاحب أسلوب حياة بسيط، وهذا ما يريد تعليمه لموظفيه، فهو يعيش في المدينة السويسرية Epalinges منذ عام 1976، ويقود سيارة Volvo 240 موديل 1993، ويطلب من موظفيه في أن يكتبوا على الورق من الجهتين للتوفير. ويستخدم في متاجره أكياس مصنوعة من الأوراق، ومعروف عنه يزور المطاعم التى تقدم الوجبات الرخيص، من الأشياء الغريبة أنه يسافر في الدرجة السياحة في الطائرة، ويجلس في الدرجة الثانية بالقطارات، ولا ينام في الفنادق الفخمة، ولهذا ففلسفته موجودة في شكرته للأثاث دومًا بشكل ظاهر. الروايات عن «كامپراد» كثيرة. احداها عندما اشتكى والد«إنجڤار» من أن ولده لايستيقظ مبكرًا، أحضر عندها «إنجڤار» منبهًا وضبطه على الساعة السادسة وانتزع زر الإيقاف. وبحسب « كامپراد»، (يتعين علينا تقسيم حياتنا إلى وحدات من«10 دقائق» وإمضاء أقل قدر ممكن منها في نشاط غير مُجدِ). سيارة كامپراد الفولفو موديل 1993 «إيكيا» في وسائل الإعلام العالمية الجارديان(2004) صحيفة الغارديان:«في بعض أيام الأحد في بريطانيا، وبحسب أحد التقديرات، يبلغ عدد زوار فروع «إيكيا» ضعف عدد مرتادي الكنائس؛ وقد أظهرت الحسابات أن 10 في المائة من الأوروبيين الأحياء في الوقت الراهن اقتنى آباؤهم أَسرّة من "ايكيا"». ذا إيكونوميست (2006): «قليلة هي الامور الأكثر استفزازًا من محاولة تجميع أثاث «إيكيا» المسطح التعليب. إلا أنها تعد بسيطة إذا ما قورنت بتجميع حسابات أكبر متجر للأثاث المنزلي على مستوى العالم». نيويورك تايمز (2009):"تخطط «إيكيا» لإيقاف استثماراتها في روسيا. [...] صدر ذلك الإعلان عقب بيان نادر ألقاه مؤسس «إيكيا» البالغ من العمر 83 عامًا في مقابلة مذاعة عبر الراديو صرح خلالها بأن «إيكيا» قد اتخذت قرارها بعدم اللجوء للرشاوى لحل المشكلات".