عبرت جمعية "محامون من أجل العدالة" عن استيائها من التفاعل الضعيف لوزير العدل مع أغلبية التعديلات البرلمانية المقدمة على مشروع المسطرة المدنية، رغم أنها تكتسي أهمية جوهرية، ومن شأنها تجويد النص التشريعي وإخراجه في حلة تمتحي من روح العدالة، وتساهم في رفع الاختلالات الحالية وتحسين مؤشرات العدالة. واستنكر "محامون من أجل العدالة استمرار وزير العدل في منطقه الاستبدادي واستفراده بإعداد مشاريع القوانين وضربه عرض الحائط مختلف الاقتراحات المجتمعية والمهنية ولا سيما المقدمة من هيئات المحامين بالمغرب، التي من شأن الأخذ بها تجويد النصوص التشريعية، مخالفا بذلك دستور المملكة الذي أصل وقعد للديمقراطية التشاركية.
وأكدت الجمعية رفضها المطلق لعدد من المقتضيات الانتكاسية بالمشروع والتي من بينها الحد من الحق في التقاضي على درجتين خلافا لما استقر عليه التشريع المغربي والمقارن، والنص على بدعة جديدة وهي تغريم الدفوع والمساطر بغرامات ثقيلة والجمع بين سلطة الاتهام والحكم حين الادعاء بالإخلال للاحترام الواجب للمحكمة. واعتبر البلاغ أن هذا المشروع أخلف الموعد مع التاريخ بالتضييق على حق الدفاع والولوج المستنير للعدالة وجعل نيابة المحامي في دائرة الممكن لا الواجب، خلافا للمواثيق الدولية ذات الصلة، وخلافا للدستور وخلافا للتطور الذي تعرفه البلاد، خاصة وأن تنصيب المحامي أصبح متاحا وبسيطا في ظل التشريع للمساعدة القضائية. وأضاف ذات المصدر "في وقت أغرقت فيه وزارة العدل المهنة بعدد واسع من خريجي كلية الحقوق بامتحانات مشكوك في مصداقيتها بحسب مؤسسة دستورية؛ وفي وقت وعد وزراء العدل السابقين بتوسيع مجالات عمل المحامي للتخفيف من هذا الاغراق، يتجه المشروع ويختار عن قصد وإصرار التضييق على عمل المحامي بخلق بدعة الوكيل، وعدم إلزامية نيابة المحامي عن الدولة والجماعات، والأدهى إضافة المؤسسات العمومية". وانتقد المحامون التوسع اللامقبول واللامعقول لمنطق عدم القبول خلال البت في الملفات، لأسباب شكلية يمكن إصلاحها، ووضع ضوابط دقيقة لذلك وإمكانية إعادة الدعوى بدون رسوم قضائية جديدة وإلزام القضاة بالبت في جوهر الدعوى والحقوق، مستغربين من الإذن بالترافع شخصيا دون محام أمام محكمة النقض، في حين لا يسمح بذلك للمحامي إلا بعد 18 سنة، 15 منها بشكل رسمي، علما أنها محكمة قانون. كما سجل محامون من أجل العدالة إثقال اختصاصات قاضي التنفيذ بالإجراءات الإدارية والقبلية، الأمر الذي سيعقد مسطرة التنفيذ ويزيد من بطئها، علما أنها تعاني من اختلالات وإشكالات حاليا، مع تعقيد مساطر التنفيذ والحجوزات، وحرمان المواطن-المتقاضي من حقه في حجز أموال الدولة والجماعات دون تحديد أجل معقول لذلك، وفرملة التنفيذ ضد الدولة وإفراغ الاحكام القضائية من قوتها التنفيذية، فضلا عن إخلاف الموعد مع المحكمة الرقمية والزمن الرقمي. وبعد مصادقة النواب على مشروع المسطرة المدنية، دعت الجمعية مجلس المستشارين بمختلف مكوناته لتصحيح وإصلاح هذه الاختلالات من أجل قانون عادل ومنصف ومتوازن، منبهة وزير العدل بضرورة التخلي عن منطقه الاستفرادي والاحتكاري في اعداد مشاريع القوانين واعتماد التشاركية كمنهج وخيار نص عليه الدستور. واستنكرت تصريحاته اللامسؤولة واللامقبولة واللامعقولة الماسة بالمحامين وجسم المحاماة ومؤسساتها المهنية.