سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش جملة من الاختلالات التي شابت الدخول المدرسي الحالي بالمنطقة المتضررة من الزلزال، منها اختلالات بنيوية مستمرة منذ ما قبل الكارثة، وأخرى برزت كنتيجة للزلزال. وانتقدت الجمعية في تقريرها انطلاق الدراسة بالمناطق الأكثر تضررا بعد أسبوع، دون مراعاة لحالة الخوف والهلع وعدم الشعور بالأمان، خاصة مع استمرار تسجيل هزات ارتدادية، وأيضا دون مراعاة اجواء الحزن والأسى المنتشرة، ودون تبني خطة ناجعة للدعم النفسي. وسجل التقرير عدم تناسب عدد المنح المخولة للتلاميذ مع الطاقة الاستيعابية للداخليات ودور الطالب، مما يفاقم الاكتظاظ ويدفع بعض التلاميذ للتخلي عن المنحة والانقطاع عن الدراسة، إضافة إلى التأخر في انطلاق عمليات الإيواء والتغذية والنقل المدرسي. وقالت الجمعية إن الإطعام المدرسي يشكل نقطة سوداء، خاصة مع جشع الشركات المكلفة، وتقديم مواد غذائية مدة صلاحيتها قريبة الانتهاء، وانعدام ظروف وشروط تخزين مواد الإطعام، وضعف المراقبة والنظافة، إضافة إلى ضعف أسطول النقل المدرسي. وبخصوص التلاميذ الذين تم تنقيلهم من منطقة الزلزال لمراكش، فقد أكدت الجمعية أن هذه العملية صاحبتها عدة انتقادات، أولها كون ظروف الاقامة بأغلب المؤسسات المستقبلة غير مقبولة وخدمات رديئة، وتوزيع تلاميذ نفس المؤسسة على مجموعة من المؤسسات مما يزيد من اعباء تدبير شؤونهم، وهناك أسر فضلت البحث عن حلول ذاتية أو ضحت بمستقبل أبنائها في التمدرس. وحسب المعطيات التي قدمها التقرير، فعدد المنقلين لم يتجاوز 2700 تلميذا وتلميذة من أصل 6000 المستهدفة حسب التصريحات الرسمية، وقد حالت ظروف الزلزال دون استكمال اجراءات التسجيل وبالتالي فالأغلبية من التلاميذ المنقلين لا يتوفرون على التأمين المدرسي. وبالنسبة للأطر التربوية والادارية المنقلة، فقد رصدت الجمعية عدم توفير السكن اللائق للأغلبية منهم، وزيادة الأعباء واثقال كاهلهم بمهام ليست من اختصاصهم، وعدم توفير حراس عامين للداخلية في مجموعة من المؤسسات، والارتباك في التراتبية الإدارية وتعدد المتدخلين، و عدم التوفر على استراتيجية واضحة للتعامل مع الوضع والعمل بمنطق التجريب. وبخصوص التدريس في الخيام، فقد لفت التقرير إلى أن الخيام المتوفرة على علاتها غير كافية ولا تناسب البنية التربوية للمؤسسات المعنية، مع وضعها على أرضيات غير مهيئة، و غرق الخيام في الأوحال بعد التساقطات، وتعرضها للسقوط نتيجة الرياح مما يهدد سلامة التلاميذ والأساتذة، فضلا عن انعدام المرافق الصحية، وإشكالات أخرى، علما أن بعض المناطق لم تنطلق بها الدراسة. وأكدت الجمعية على أن إصلاح قطاع التعليم لا يمكن أن يكون ناجعا ومنتجا ما لم تتم المعالجة الحقيقية والجريئة للاختلالات البنيوية الداخلية التي تعاني منها المنظومة التربوية، والتعاطي الجدي والمسؤول من طرف الدولة في المعالجة الفورية لمخلفات الزلزال، وربط ذلك بالتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية وجعل المنطقة تستطيع الاستفادة من ثرواتها المنجمية. ودعت إلى تعميم الدعم المالي الشهري مؤقتا بما يضمن العيش الكريم على كافة المتضررين، وتعويضهم من آثار الزلزال بما يتناسب من حجم الضرر. وأوصت بفتح كل المؤسسات القطاعية والجماعية الصالحة وغير المشغلة وتخصيصها للتعليم تدريسا وايواء وتجهيزها بشكل وافر وملائم، مع تعزيز وتجويد الخدمات، وتقوية تعلم الفتيات، والقطع مع سياسة الافلات من العقاب في كل ما يتعلق بسوء التدبير والتسيير.