نبه البنك الدولي إلى أن المغرب من بين أكثر البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تضررا من موجة الغلاء، بما لذلك من آثار على تآكل القدرة الشرائية، وتضرر الفئات الأشد فقرا. وتوقف البنك الدولي في تقرير له حول "الآثار طويلة الأجل لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن اللغذائي" على الآثار السلبية لتراجع قيمة الدرهم مقارنة مع الدولار الأمريكي، حيث أدى انخفاض قيمة الدرهم ب7.4 في المئة العام الماضي، إلى ارتفاع مستويات التضخم، وقد تضررت المعاملات الجارية من الزيادات في أسعار المنتجات الغذائية المستوردة والنفط، مما زاد من حجم المديونية. وفي الوقت الذي لجأت بلدان المنطقة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات للتخفيف من وطأة التضخم، من قبيل التحويلات النقدية، والإعفاءات الضريبية غير المباشرة، وفرض ضوابط جديدة على الأسعار، كان المغرب أقل البلدان اتخاذا لهذا النوع من التدابير، واكتفى بزيادة دعم المواد الغذائية والوقود. وحذر البنك الدولي من أن كل زيادة بنسبة 1 في المئة في سعر المنتجات الغذائية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تؤدي إلى سقوط نحو نصف مليون شخص في دائرة الفقر. وأكد التقرير أن المعاناة من التضخم متفاوتة بين الشرائح المجتمعية، حيث كان على الأسر الأشد فقرا بالمغرب أن تواجه التضخم أكثر من الأسر الأكثر ثراء، خاصة وأنها تنفق حصة أكبر من دخلها في المنتجات الغذائية. وحسب التقرير، تعد المملكة ثاني بلدان المنطقة التي شهدت أعلى فارق في التضخم السنوي بين الأسر الأشد فقرا والأكثر ثراء، والذي بلغ 1.6 نقطة مئوية، في الوقت الذي تتكون فيه الأسر الفقيرة من عدد أفراد أكبر من ذلك الذي تتكون منه الأسر الغنية، ما يزيد من ضغوط التكاليف في ظل الغلاء. كما لفت ذات التقرير إلى أن غلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية تكون له انعكاسات على التغذية وبالتالي على الصحة العامة، حيث تظهر حالات التقزم ووفيات الأطفال، ومشاكل صحية أخرى. كما أن هذا الوضع، يفاقم انعدام الأمن الغذائي بالمنطقة وكذا بالمغرب، حيث إن معدل انعدام الأمن الغذائي بالبلد يصل إلى 6.4 في المئة، أي إن حوالي 2.4 مليون مواطن مغربي يعانون من انعدام الأمن الغذائي، والهو الوضع الذي يعرف تفاقما منذ جائحة كورونا، وزاد حدة مع موجة الجفاف الأخيرة. وعلى الرغم من أن بلدان المنطقة مستوردة للمواد الغذائية بشكل كبير، إلا أن هناك بلدانا ومنها المغرب تنتج الغذاء وتصدره، حيث أكد البنك الدولي أن عليها تطوير الكفاءة في سلاسل الإمداد وتحسين استجابتها للصدمات المناخية والسوقية والتعافي منها، عبر الاستفادة من التكنولوجيا والابتكار للتخفيف من مخاطر الإنتاج، مع التركيز على الزراعة المراعية للظروف المناخية.