– مرة أخرى كشفت الأحداث الجارية في مصر تناقضات حزب "العدالة والتنمية"، الذي يقود الحكومة التي سبق لها أن رحبت بالوضع الجديد في مصر، وذراعه الدعوي "الحركة والإصلاح"، الذي خرج اليوم على رأس مظاهرة شعبية في الرباط للتنديد بما تسميه "الانقلاب العسكري" في مصر. فقد هتف اليوم آلاف المتظاهرين، أغلبهم من الإسلاميين، ومن بينهم حركة "الإصلاح والتوحيد"، بشعارات تصف ما حصل في مصر ب "المجازر"، وتنعت النظام المصري ب "الانقلابي"، و تطالب بطرد السفير المصري في الرباط. "تغريدة" العثماني و"تصريحات" العمراني وكان المغرب الرسمي قد اعتمد موقفا محايدا في البداية بعد الاطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي الشهر الماضي، وأعربت وزارة الخارجية المغربية التي يرأسها سعد الدين العثماني، الذي ينتمي إلى "حزب العدالة والتنمية"، منذ ذلك الوقت عن قلقها من أعداد القتلى التي نجمت عن حملة القمع الأمني ضد أنصار مرسي في الشوارع، والتي ذهب ضحيتها حتى الآن، حسب حصيلة رسمية، أكثر من 750 شخصا وجرح الآلاف. تناقضات الخطاب الرسمي الذي عبرت عنه الحكومة التي يقودها حزب "العدالة والتنمية"، مع بيانات الحركة التي تعتبر الوعاء الإيديولوجي للحزب، جاءت لتكشف عن ازدواجية قاتلة في خطاب الحزب، وفي نفس الوقت عرت عن تناقضات داخل الحكومة نفسها وداخل ديبوماسيتها. ففي الوقت الذي قال فيه سعد الدين العثماني، في تغريدة على "تويتر"، إن "التطورات الأخيرة بمصر مستنكرة ومرفوضة"، معرباً عن أمله في أن "يجتاز الشعب المصري هذه المحنة في أقرب وقت ممكن"، مضيفا بأن "ما يحدث في مصر من تزايد للقتلى بين المدنيين مستنكر ومرفوض". أكد الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني، الذي يعتبر الرئيس الفعلي للدبلوماسية المغربية، "إن المملكة المغربية تعبر، بتأثر وانزعاج كبير، عن أسفها للخسائر في الأرواح في صفوف المدنيين والعناصر التابعة لقوات حفظ النظام بمصر على حد سواء". منبها في حوار مع القناة التلفزية الأمريكية "سي إن إن"، إلى أهمية "الحفاظ على الوحدة الوطنية والاستقرار بمصر بهدف تفادي الفوضى، أو الأسوأ من ذلك اشتعال الوضع الإقليمي". وجاء إعلان مندوب مصر الدائم لدى منظمة الأممالمتحدة بأن المغرب ضمن الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي الداعمة لموقف النظام المصري لما بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، ليفضح تناقضا آخرا داخل الدبلوماسية المغربية التي يقول الدستور الجديد بأنها من مسؤوليات الحكومة. "موقف الكراكيز" ضعف موقف العثماني كان وراء حملة انتقادات لاذعة شنها ضده رواد المواقع الاجتماعية الذين طالبوا باستقالته. ولم يسلم العثماني حتى من هجوم قيادات من حزبه، خاصة من النواب البرلمانيين التابعين للحزبه الذين انتقدوا ضعف موقف الحكومة المغربية من الأحداث الجارية في مصر. وهو ما دفع الكثير من المراقبين إلى طرح التساؤل: هل يتعلق الامر بتبادل أدوار أم انه يعكس العجز السياسي لدى الحزب الذي يقود الحكومة؟ فقد أصدرت الأمانة العامة للعدالة والتنمية بيانا مختلفا تماما عن لغة التوازن التي ميزت موقف الحكومة، إذ أدانت ما وصفته ب "السلوك الإجرامي المتمثل في العدوان على المواطنين المسالمين والأبرياء، والقتل الشنيع والمكثف لتفريق الاعتصام والمعتصمين السلميين في مصر". أما النائب البرلماني الإسلامي المثير للجدل، عبد العزيز أفتاتي فقد وصف بيان الخارجية التي يقودها زميله في نفس الحزب بأنه "موغل في التخاذل"، ساخرا مما اعتبره "موقف الكراكيز" أو الدمى المحركة، التي تتحرك على مسرح الظل فيصعب التمييز بين الصورة وظلها، وكذلك يحصل اليوم مع موقف الحزب الذي يقول بان أغلبية المغاربة اختاروه ليقود حكومة تعبر عن تطلعاتهم!