لا شك أن شهر رمضان يأتي ليجدد في النفوس الحياة، ويكسبها ذلك السمو الروحاني ويضفي عليها الرحمات والكرامات، ويكسيها حلة من الكمال والجلال، ولما كانت لهُ هذه الأفضلية على غيره من الشهور والمواسم جعل الله في أواخره ليلة خير من ألف شهر، ولمقدارها عند الله تعالى كان صلى الله عليه وسلم ينقطعُ عن الدنيا ويتصل بخالقه مولاه فترة من الزمن، يلوذ بالله في رحابه في بيت من بيوته يذكره ويسبحه ويمجده ويستغفره كما أمر الله عز وجل في كتابه الكريم قائلا: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبحُ لهُ فيها بالغذو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلبُ فيه القلوبُ والأبصار" )سورة النور/36-37(. ولأننا في دولة تدينُ بالإسلام شكلا لا مضموناً، في أُبهة تأخذ من الدين ما يسوقُ الوهم للعالم على أن شعبها ينعمُ في أحضان دولةٌ إسلامية وهو في الحقيقة يعيشُ في مجتمع تُغتصبُ هويتهُ الإسلامية على يد بنو علمان في اليوم والليلة أكثر من عقارب الساعة، جعلت من المساجد مكاناً لصلاة الفريضة ليس إلا، لأن أداء النوافل وحفظ القرآن وسنة الاعتكاف فيه لا تمتُ إلى قُياد الشعب المبجلين بصلة "صلاة الجمعة والأعياد.. صلاة القياد". أجل، إن هؤلاء قد خيم الظلامُ على قلوبهم، فلم يعد لديهم القدرة على التمييز بين نور الحق المتلألئ في الآفاق وظلام الباطل المتجدر في أعماقهم، فأعلنوا حربهم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرسلوا خيلهم وعسكرهم ومخزنهم لاقتحام بيوت الله وإخراج الناس من عبادة الله إلى عبادة من قال: "أنا ربكم الأعلى"، ضاربين المثل بفرعون الذي علا في الأرض وتجبر فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر وأغرقهُ في الدنيا ليكون لمن خلفهُ آية. وفي الوقت الذي يمارسون فيه أشنع المظالم وأفظع الاعتداءات في حق كل من أراد أن يستن بسنة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، يحسنون الترائي باللين والرفق أثناء ظلمهم الصارخ وتجاوزاتهم الواضحة، بإظهار مشاعر الإنسانية لمن اغتصب 11 طفلا في عز طفولتهم ! إن فرحة كل أم بقدوم مولود جديد إلى الأسرة، يُنسيها شهور الحمل الطويلة وما صاحبها من مشاكل صحية ونفسية؛ ولكي لا تدوم السعادة التي حُرمت منها جراء صدمة اغتصاب طفلها على يد مجرم سفاح أجنبي، تتلقى اليوم صدمة أكبر من سابقتها بإطلاق سراح الذئب البشري الذي يتغذى على لحوم الأطفال بعفو سامي يفتحُ لهُ الباب على مصراعيه لإشباع رغباته وشهواته المكبوتة، فلا يجدُ حرجاً في نفسه من اغتصاب طفولة شعب رعاياهُ لا يجدون حرجاً في أنفسهم من لثم الأيدي، ولا يرون بأساً من تقبيل الأقدام لماما إسبانيا !! إن الشعب المغربي اليوم؛ بانتهاك حقوق 11 طفلا من أطفاله مقابل مصالح صغيرة، وحرمانه من ممارسة شعائره الدينية، يتلقى أكبر صفعة على خديه ليستيقظ من سباته العميق، ويستوعب أن قياد اليوم منعدمي الغيرة على حُرمات الله وأعراض عباده، بإقرارهم شعار: "لا للاعتكاف.. نعم للاغتصاب !".