قال الكاتب والروائي عبد الكريم جويطي، إن أهم ما قامت به فرنسا خلال فترة استعمارها للمغرب هي بسط نفوذ الدولة على جميع التراب المغربي وخاصة الجبال. وأضاف الجويطي في مداخلة أمام منتدى نظمته مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، الجمعة، حول موضوع علاقات المغرب وفرنسا، إن العمل الثاني الإيجابي الذي قامت به فرنسا هو تدوين المعرفة. وأوضح الجويطي أن كل الدول التي حكمت المغرب لم تستطع أن تسيطر على الجبل الذي ظل ملاذا للثائرين والمتمردين الخارجين عن سلطة الدولة المركزية. وأبرز الجويطي أن القوات المستعمرة الفرنسية نجحت في بسط نفوذ الدولة المركزية المغربية على الجبل، في أطول فترة مقاومة واجهتها استمرت منذ 1911 وحتى 1939 وبكلفة كبيرة بلغت 360 ألف قتيل أغلبهم من المغاربة الذين جندهم المستعمر لبسط سيطرته ونفوذه على الجبل وسكانه المقاومين. وبخصوص المعرفة التي دونها المستعمر الفرنسي عن الثقافة والتقاليد والجغرافيا المغربية، قال الجويطي إن أعظم من ورثناه عن المستعمر هو تدوين تاريخنا وثقافتنا التي كانت غير مدونة. وأضاف الجويطي أن أهم من أنتجه مؤرخا مغربيا متميزا هو عبد الله العروي، هو معارضته ومناقشته لما خلفه المستعمر من تدوين. وانتقل الجويطي إلى القول بأن الاستعمار قام بتقسيم المغرب إلى تقليدي ومعاصر، التقليدي تركته لعموم الشعب، وكل ما يرمز للمعاصرة استحوذت عليه وأورثته للنخب التي تتلمذت على ثقافتها. واقترح الجويطي نقد الحاجة إلى فرنسا في المغرب، وهو عكس نقد فرنسا، لأن المغاربة، كما قال، لا يمكنهم أن ينتقدوا فرنسا كما انتقدها كتابها ومفكروها الكبار أمثل سارتر وفوكو وغيرهم. وأوضح الجويطي أن المغاربة في حاجة إلى نقد حاجتهم إلى فرنسا، لأنهم ليسوا بحاجة إلى فرنسا وحدها وإنما إلى العالم ومن ضمنه فرنسا. وحَمَل الجويطي بقوة على النخبة لمفرنسة في المغرب التي تعتقد أن العالم هو فرنسا، وقال إن علينا أن ننتقد أصحاب هذا التصور بلا هوادة. وقال الجويطي إن هناك نخبا مفرنسة تعيش مناخا نفسيا لا يمكن أن ترضى على نفسها إذا لم ترضى عنهم فرنسا. وانتقد الجويطي أصحاب هذا الطرح بدعوتهم إلى مراجعة أنفسهم لأن فرنسا لم تعد تعتبر نفسها مرجعا ونموذجا لنفسها فبالأحرى أن تكون كذلك للآخرين ومن بينهم النخب المغربية المفرنسة التي ما زالت تدين لها بالولاء. وختم الجويطي مداخلته بالقول بأن المغاربة مازالوا في حاجة إلى فرنسا الأنوار وفرنسا الفكر وفي حاجة إلى اللغة الفرنسية التي أصبحت جزءا من ثقافتنا، وقال إن ذلك لا يجب يشكل عقدة بالنسبة لنا لأن أغلبية المتحدثين بالفرنسية في العالم اليوم ليسوا فرنسيين ولا يوجدون في فرنسا وإنما في دول أخرى نحن في حاجة إلى التواصل معها.