قضت المحكمة الإدارية بالعاصمة الرباط في جلسة عامة صباح يوم الخميس 23 ماي بقانونية ملف "محضر 20 يوليوز " ،موصية في الوقت ذاته السلطة التنفيذية التي يرأسها السيد عبد الإله بنكيران بتنفيذ القرار وتعويض المتضررين هذا الإجراء وبالضبط في هذه الظرفية بالذات التي تميزت بنقاش تافه حول التعديل الحكومي ، وما واكبه من الهاء مقصود للشعب المغربي ، وبين هذا وذاك ، فان تنفيذ القرار ، قرار سياسي محض ، يخص الأقاليم الصحراوية ومعطلي الصحراء ، دون الفئات الأخرى من المغاربة ، ولعل الأمر يبدوا واضحا للعيان بعد أيام فقط من الاحتجاجات المتوالية للمعطلين في الأقاليم الجنوبية ، التي أدت إلى خروج في مسيرات جابت اغلب مدن الصحراء و رفعت فيها أعلام البوليساريو ، ونظرا لحيثات المسيرة وماقيل عنها ، خاصة وان وزير الداخلية محمد العنصر اتهم المخابرات الجزائرية بتمويلها للمسيرة واستغلالها للوضعيات الاجتماعية للساكنة ، فان توقيف مثل هذا الخروج المتكرر ، الآني و برهة ، يمكن ربطه بما يشاع بين الصحراويين أنفسهم ، ومفاده إن اغلب المعطليين المنتمين لأقاليم الصحراوية سيستفيدون من التوظيف المباشر ، هو اجراء روج له قبل المصادقة أيام قليلةعلى قرار المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بتنفيذ محضر 20 يوليوز ، كابتزاز من المعطليين الصحراويين ، مقابل إفشال مسيرات الاحتفال بتأسيس "الجمهورية " ، التي غالبا مايصدفها تاريخها نهاية شهر ماي ، وهو نفس تاريخ تنفيذ محضر الرباط ، في حين إن البعض من الأقلام التمويهية تنشر أخبار زائفة من قبيل نزع بطائق الإنعاش من أصحابها في الصحراء ، كما سال مدادها عن الانسحاب المستحيل للحكومة ، في لعبة أخرى غير مفهومة ، لايخرج عن إطارها تداعيات الوضع بالصحراء ، إن عملية الابتزاز ، وان كان يتقنها الصحراويين دون غيرهم لسبب سياسي ، فإن فئات أخرى اليوم من معطلي الصحراء ، تيقنت بعد صدور هذا القرار ، على أن الإصلاح مجرد حكاية ، وان الواقع شئ يخالف ذالك، وأن حليمة عادت إلى عهدها المألوف للحصول على مزيد من المكاسب ، وهو الأمر الذي يبدو ظاهريا لفئات لايعنيها مايسمى بمحضر الرباط في شئ ، بل أصبحت تخطط إلى النزوح للاعتصام أمام مقر (المينورسو) بالصحراء لاعتصمات أمام تماطل الدولة عن تحقيق مطالبهم، تزامنا مع زيارة مرتقبة للمبعوث الأمامي " روس". لهذه الاعتبارات يمكن أن نستنتج ، أن قرار تنفيذ هذا المحضر لاعلاقة له بضغط حزب الاستقلال على حكومة بن كيران، أو بحزب العدالة والتنمية التي رفض مسبقا مثل هذا الإجراء ، في شخص رئيس الحكومة بن كيران ، أو لضغط قبلي لحزب الأصالة والمعاصرة الذي اعتبر المحضر قانوني .... فعلى مايبدو القرار اكبر من ذالك ،يمثل ضغطا صحراويا بإمتياز ، وقد سبق لأحد الأعيان داخل حزب الاستقلال بالعيون أن أشار إلى أن توظيف المعطلين يجب أن يكون عن طريق التوظيف المباشر لاعتبارات قانونية واقتصادية تختلف عن مناطق المغرب المنتفع ،وهو ما يعد خرقا حقيقيا لما جاءت به فصول الدستور المغربي ،والذي عملت على تفصيله بنود الوظيفة العمومية خاصة في مادته 22 23 24 25 القاضي بأنه "يجب التوظيف في المناصب العمومية وفق مساطر تضمن المساواة بين جميع المترشحين لولوج نفس المنصب، ولاسيما حسب مسطرة المباراة." ومازاد الطين بالة أن تدخل مجلس حقوق الإنسان كمؤسسة مسوؤلة عن متابعة تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ، إلى هيئة تمييزية بين أبناء الوطن، حينما حاول العشرات من معطلي اقتحام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوم الأربعاء الماضي ، وهي محاولة أحبطها التدخل الأمني ، ومن اجل الاحتجاج على توظيف أبناء المناطق الصحراوية ، قالوا إنها توظيفات تتم في الوقت الحالي للشباب مناطق الصحراء بتوصية من المجلس ، ورغم أن المعطلين عبروا عن دعمهم لتلك التوظيفات المباشرة ، فأنهم انتقدوا ماقالوا أنه " تمييز بين أبناء الوطن". أن ما نلمسه في الآونة الأخيرة أن الوضع الاجتماعي للصحراويين أصبح عرضة للمزايدات السياسية، وورقة للاتجار بمعاناة غيرهم ، وأحيانا يُتّخذ وسيلة لإبراز قدرة المسوؤلين على فرض قرارات معينة، وفي جميع الأحوال دائما هناك اتهام مباشر وجاهز يوجه لكل صحراوي زائغ مفاده أنه يتحرك بخلفيات غير بريئة ومن "دعاة الانفصال". بطبيعة الحال هذا اتهام مردود على أصحابه، وفي صالحهم ترويجه ، مادام أن مثل هذه المزايدات تعزز من مكانتهم الاجتماعية ، ضمن قائمة المفسدين، أما كل إنسان حر ، في ظل هذا الوضع يدرك تمام الإدراك أن مصيره الفقر والتهميش ، أو السجن له ولعائلته ."