وأنا أتصفح في الآونة الأخيرة بعض المنابر الإعلامية المكتوبة والإلكترونية التي خصصت ملفات عن الذكرى الثانية لانطلاق حركة 20 فبراير، أثار انتباهي الحديث عن الحركة ، عن قصد أو غير قصد ، وكأنها صارت في خبر كان، بحيث تم استعمال بعض العناوين من قبيل " ما تبقى من 20 فبراير "وغيرها من العناوين... وكأن الأمر يتعلق بحدث عابر أو فترة خرج فيها المغاربة كي ينفسوا عن غضبهم لتعود ريما إلى عادتها القديمة!. لا نحتاج إلى منجمين ومحللين أو إلى رؤيا منامية لنقربأن حركة 20 فبراير مستمرة وستستمر. فخفوت صوتها وتظاهراتها في الشارع لا يعني أبدا إعلان موتها، لأن أي حركة احتجاجية تعرف فترات مد وجزر، بل إن أسباب استمراريتها هي ذات الأسباب الموضوعية التي أدت إلى ميلادها وانطلاقها بكل ذلك الزخم في القرى والبوادي، وهذه الدوافع ما تزال قائمة.. واهم من يعتقد العكس. حركة 20 فبراير مستمرة وستستمر بشعارها الجميل "حرية، كرامة، مساواة وعدالة اجتماعية" لأنها بكل بساطة تعبير عن استياء الشعب المغربي بنسائه ورجاله، وهي تعبر عن طموحه إلى الانعتاق والتحرر والعيش الكريم . حركة 20 فبراير مستمرة وستستمر لأن الدولة تواصل غطرستها وتسلطها متجاهلة مطالب الآلاف من المواطنات والمواطنين بكل مداشر وقرى ومدن المغرب ضد الفساد والاستبداد، مرددين شعار "اسمع صوت الشعب " و شعار 'الفساد يطلع برا". ومادام النظام يصر على مقابلة المطالب الشعبية المشروعة بالرفض والقمع والتنكيل والتشويه والاعتقال وطبخ الملفات وتلفيق التهم . حركة 20 فبراير مستمرة وستستمر لأننا ما زلنا في دولة السلطان والرعية، دولة تبتكر وتبدع في أساليب الاستعباد، دولة التسامح مع الفساد والرشوة والمحسوبية والزبونية والتطبيع مع هذه الظواهر الخطيرة، دولة لم تقطع مع كل المظاهر العتيقة والتقاليد والطقوس المخزنية المهينة للكرامة الإنسانية. حركة 20 فبراير مستمرة وستستمر لأن النظام لم يقطع مع أساليبه المخزنية أثناء تعديل الدستور الممنوح، فبدل الإنصات إلى صوت الشعب فضل سياسة الالتفاف والبهرجة والتضليل، التهليل والترهيب، الترغيب والتخويف، الكذب والاحتيال للتصويت عليه. فدستور 2011 لم يعدل استجابة لمطالب الشارع ورغبة في الرقي إلى صفوف الدول الديمقراطية بل من أجل الالتفاف على مطلب "دستور شعبي ديمقراطي"، بل أكثر من ذلك باسم هذا التعديل قمع وسجن النشطاء والمتظاهرون . حركة 20 فبراير مستمرة وستستمر مادام الدستور الممنوح لم ينص بالصريح على أن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر كل المشروعية والسلطة، ولا توجد سلطة أو صلاحيات خارج دستور ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة... حركة 20 فبراير مستمرة وستستمر ما دام لم يتم تحرير الإعلام العمومي والخاص ودمقرطته وتخليصه من براثين أجهزة الدولة ليصبح في متناول جميع التيارات الفكرية والسياسية، وما لم ينفتح على النضالات الشعبية، وما لم ترفع كل المضايقات عن حرية الصحافة وحرية التظاهر السلمي وكل أشكال التعبير الفكري والفني. حركة 20 فبراير مستمرة وستستمر لأن خزينة الدولة أصبحت فارغة ولن يعود بمقدورها مستقبلا الاستمرار في إرشاء الطبقات المتواطئة الصامتة والمستفيدة من سياسة واقتصاد الريع . تحضرني مقولة بليغة للفقيد إدريس بنعلي"يا لها من بذاءة ! القول إن المغرب شهد حركة 20 فبراير ومظاهرات في العديد من المدن وخطاب 9 مارس والإصلاح الدستوري من أجل العودة إلى نقطة الانطلاقة، ومشاهدة الوجوه نفسها التي كانت تؤثث الديكور وتشخص المسرحية ذاتها. يا له من كابوس مزعج! ..." الرباط 19 أبريل 2013 (*) فاعلة نسائية