لم يسلم الاقتصاد المغربي من تبعات تفشي فيروس كورونا محليا ودوليا، مع ارتباط السوق المحلية الوثيق مع الخارج، خاصة بلدان القارة الأوروبية، في قطاعات التجارة والنقل والسياحة. وفي ضوء ذلك، بدأ البنك المركزي المغربي التدخل في محاولة منه لتخفيف أثر تفشي الفيروس على قطاعات كالتجارة الخارجية والسياحة، والسيناريوهات المختلفة لمدة بقاء الفيروس مسيطرا على مفاصل الاقتصاد، كما أوضح والي البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري في مقابلة مع الأناضول.
“إن التطورات المرتبطة ب”كورونا” تتسارع بكيفية مقلقة.. ونحن بصدد تحديد السيناريوهات والإجراءات التي يمكن أن تخفف من تأثير الفيروس، بما في ذلك تعزيز احتياطي النقد الأجنبي”، بحسب والي بنك المغرب. وطمأن الجواهري السوق المحلية بالمستوى الحالي لاحتياطات العملة الصعبة (حوالي 24 مليار يورو)، قائلا إنها كافية وتغطي أكثر من 5 شهور من واردات السلع والخدمات. لكنه اعتبر أن التطورات المرتبطة بفيروس كورونا (Covid-19) تتوالى بسرعة كبيرة.. “التطورات الحالية تخلق حالة كبيرة من عدم اليقين، ومن الصعب التنبؤ بكيفية تطور الوضع في الأسابيع والشهور المقبلة”. وتسارع الحكومة المغربية والبنك المركزي المغربي، لاتخاذ عدة تدابير وإجراءات احترازية، بهدف احتواء التداعيات السلبية للجائحة، ومواجهة “الكساد”. في 19 مارس الماضي، أعلن المغرب حالة طوارئ صحية وتقييد حركة التنقل في البلاد، حتى 20 أبريل/ نيسان الجاري، ضمن إجراءات متخذة لمنع انتشار الفيروس، سبقها قرار بتعليق جميع الرحلات الجوية. تجنب الأسوأ يرى والي البنك المركزي، أن ما يبعث على الرضا، هو التدفق العفوي للتضامن من جميع المغاربة والشركات والمؤسسات العمومية والخاصة، “وبمساعدة استجابة الحكومة السريعة، فقد تجنبت بلادنا الوضع الأسوأ”. في 17 مارس الجاري، صدر في الجريدة الرسمية قرار حكومي، تم بموجه إحداث صندوق مالي بمبلغ مليار دولار، بأمر من العاهل المغربي، ل”التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية”. وسيدعم الصندوق أيضا، “الاقتصاد الوطني، من خلال مجموعة من التدابير التي ستقترحها الحكومة، لا سيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثرا، بفعل انتشار فيروس كورونا كالسياحة، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة”. نمو متراجع على إثر التطورات الاقتصادية بسبب تفشي الفيروس، توقع البنك المركزي المغربي في 17 مارس الماضي، أن تتراجع نسبة النمو عند 2.3 بالمئة في 2020، مقارنة مع 3 بالمئة في 2019. وقال البنك المركزي، “إن توقعات نسبة نمو الاقتصاد المحلي، تبقى محاطة بقدر كبير من الشكوك، وقابلة للتخفيض، إذا لم يتم احتواء تفشي الفيروس على المستوى الدولي في أقرب الآجال”. وقرر المركزي المغربي، “تخفيض سعر الفائدة الرئيسي بواقع 25 نقطة أساس، إلى 2 بالمئة بدل 2.25 بالمئة، بسبب تبعات كورونا والأوضاع المناخية”. والأربعاء، توقعت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب، انكماش نمو الاقتصاد المحلي في الربع الثاني 2020 بنسبة 1.8 بالمئة على أساس سنوي، بسبب فيروس كورونا، مقابل نمو 1.1 بالمئة خلال الربع الأول. فيما قال البنك المركزي المغربي، الأربعاء، إنه حصل على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد. تحديد الأولويات وقال والي بنك المغرب “إن لجنة اليقظة التي تتكون من ممثلين لجميع الأطراف المعنية، ستحدد الإجراءات والأولويات وأساليب التفعيل”. وأعلنت الحكومة المغربية في 11 مارس الماضي، إنشاء “لجنة اليقظة الاقتصادية” لمواجهة انعكاسات وباء فيروس “كورونا المستجد” على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة. وتابع الجواهري: “من الواضح أن الأولوية هي أولا وقبل كل شيء للصحة، والتكفل بالأسر الأكثر ضعفاً، التي تتأثر بتدابير توقف بعض الأنشطة، والقيود المفروضة على التنقل”. “هناك أيضا قطاعات الاقتصاد الأكثر هشاشة، كالشركات الصغيرة ومتناهية الصغر (SMEs)، والمتوسطة.. علينا أن نبقيها قائمة”. تحرير الدرهم وانطلقت في المغرب، الشهر الماضي، المرحلة الثانية من تحرير الدرهم، ضمن خطة مع صندوق النقد الدولي، بعد مرحلة أولى بدأت مطلع 2018، والتي جاءت بحسب مراقبين في موعدها لامتصاص صدمة “كورونا”. “الجواهري”، أشار إلى أنه وبعد بدء تنفيذ المرحلة الثانية من تحرير العملة المحلية، انخفضت قيمة الدرهم فعليا بنسبة 0.8 بالمئة مقابل اليورو، لكنها ارتفعت بمقدار 0.81 بالمئة مقابل الدولار. “بالنسبة لتقلب صرف الدرهم، فسيظل محدودا داخل نطاق التقلب بالنسبة إلى سعر الصرف المركزي، المحدد من طرفنا، على أساس سلة من العملات مكونة من اليورو (60 بالمئة) والدولار الأمريكي (40 بالمئة)”. وتابع: “وعليه، فإن توسيع نطاق التقلب من 2.5 بالمئة في المرحلة الأولى إلى 5 بالمئة في المرحلة الثانية، لن يسهم فقط في تطوير سوق الصرف المغربي، بل سيعزز أيضا مرونة الاقتصاد”. وزاد: “الاقتصاد المغربي سيصبح أكثر قدرة على امتصاص الصدمات الخارجية، المرتبطة بالأزمة الحالية والناجمة عن انتشار فيروس كورونا”. وفي يناير 2018، نفذ المغرب تعويما جزئيا للدرهم، حيث وسع نطاق تداوله مقابل العملات الصعبة إلى 2.5 بالمئة من السعر المرجعي بدلا من 0.3 بالمئة سابقا.