دقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ناقوس الخطر إزاء تردي الخدمات العمومية والبنيات التحتية الكفيلة بضمان الحق في الماء الكافي والصحي، محذرة من مغبة اتساع أزمة العطش في العديد من مناطق المغرب. وقالت الجمعية في بلاغ لها، إنها تتابع بقلق كبير وانشغال بالغ اتساع دائرة الاحتجاجات بالعديد من المناطق والقرى والمداشر، خصوصا النائية منها، التي تعيش على وقع تذمر شعبي كبير، بسبب تردي الخدمات العمومية، والبنيات التحتية الأساسية الكفيلة بضمان التزود الكافي بالماء.
وأضافت الجمعية أنها لاحظت من خلال فروعها أن مدنا عديدة وضواحيها مثل (وزان، خنفيرة،أزيلال، آزرو، بركان، قلعة سراغنة، زاكورة، شيشاوة، شتوكة آيت باها، تارودانت، ولماس، مكناس، مراكش، الحوز، اليوسفية، وغيرها) عرفت خلال الأشهر الأخيرة انقطاعات متكررة للماء، مما جعل الآلف من المواطنين يعيشون وضعية مأساوية أرغمتهم على الانتظار ساعات طويلة، وأحيانا أياما للحصول على كميات محدودة من الماء، لا تكيفهم لتلبية حاجياتهم الأساسية ولتوفير المياه الضرورية لأنشطتهم، رغم أنها مناطق توجد بالقرب من مصادر المياه الرئيسية في المغرب، في حين يتم توفير المياه وتلبية الحاجيات المتزايدة للفضاءات السياحية القريبة المستنزفة للماء خلال هذه الفترة من السنة. وأبرزت الجمعية أنه في الوقت الذي يفترض فيه من السلطات الوصية النظر بعين الجد والتفاعل الإيجابي العاجل مع مطالب المحتجين بهذه المناطق، عجزت المؤسسات المعنية ( الوزارة الوصية، الجماعات الترابية، المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، شركات التدبير المفوض، وكالات توزيع الماء) في إيجاد حلول معقولة ومستدامة، تحترم وتحمي حق المواطنين والمواطنات في الحصول على الماء واستعماله بشكل كاف وذي جودة، وهو الحق المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادتين 11 و 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمصادق عليه من طرف الدولة المغربية سنة 1979. ونبهت الجمعية إلى مخاطر الانقطاع المتكرر للماء خلال هذه الفترة من فصل الصيف في عدة مناطق المغرب، واتساع أزمة العطش ونذرة الماء بمناطق أخرى، مع ارتفاع فاتورته نتيجة مواصلة الدولة تفويت هذا القطاع للشركات الخاصة في إطار ما يعرف ب “التدبير المفوض”، واستمرار اللوبيات في السطو على مصادر المياه لأهداف ربحية لا تأخذ بعين الاعتبار المصالح والحقوق المشروعة لسكان تلك المناطق. وعبرت الجمعية عن إدانتها الشديدة إخلال الدولة بالتزاماتها فيما يخص ضمان وصول المواطنين للاستفادة من حقهم الحيوي في الماء الذي تضمنه كل المواثيق الدولية، واستنكراها لاستخفاف المؤسسات والوكالات المعنية بقطاع الماء بمصالح المواطنين والمواطنات، والصمت المطبق على هذا الانتهاك السافر لحقوق السكان الاقتصادية والاجتماعية وخاصة حقهم في الماء. كما عبرت الجمعية عن تضامنها التام وللامشروط مع كافة الحركات الاحتجاجية، بوصفها تعبيرا شعبيا، عن الحاجة الملحة لضمان كرامة المواطنات والمواطنين، عبر إقرار العدالة الاجتماعية وضمان الحريات العامة. ودعت الجمعية السلطات إلى التفاعل الجدي مع الساكنة المحتجة، من خلال فتح حوار معها والاستجابة لكل مطالبها المشروعة، إعمالا لالتزامات المغرب الأممية في مجال حقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تعد جزءا لا يتجزأ منها.