تعالت أصوات العديد من الفعاليات البيئية والحقوقية والجمعوية بمدينة طنجة، منتقدة ارتفاع تكلفة سقي المساحات الخضراء في السنوات الأخيرة، مطالبة بالحفاظ على المياه الصالحة للشرب والتقليص من الفاتورة التي وصلت إلى مستويات قياسية، وذلك باستعمال المياه العادمة المعالجة. وتأتي هذه المطالب في الوقت الذي تشكو فيه سدود المنطقة (سد 9 أبريل وسد ابن بطوطة) من نقص في المياه، كما أن نسبة المياه المهدورة تصل إلى 20.42 بالمائة حسب آخر تقرير لمرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية.
في ذات السياق، اعتبر مسؤول جماعي في تصريح لموقع “لكم”، أن السبيل الوحيد للحفاظ على المياه الصالحة للشرب والتقليص من الفاتورة هو استعمال المياه العادمة المعالجة، وهو ما قال عنه أنه يمثل “التوجه الاستراتيجي لجماعة طنجة”. سقي 400 هكتار يكلف 15,3 مليون درهم سنويا كشف أحمد الطلحي رئيس لجنة التعمير وإعداد التراب والمحافظة على البيئة بجماعة طنجة، عن مجموعة من الأرقام المتعلقة بهذا الملف، وقال في حديث مع “لكم”، ان المساحة الإجمالية للمناطق الخضراء ارتفعت في السنوات الأخيرة بنسبة الثلث، من حوالي 300 إلى حوالي 400 هكتار. مما استدعى معه الزيادة في استهلاك مياه السقي وفاتورته وكذا ميزانية الصيانة. وأضاف الطلحي، “يتم استهلاك مليون ونصف مليون متر مكعب سنويا من المياه بنسبة 2% تقريبا من المياه التي تستهلكها المدينة، أما الكلفة المالية فهي 15,3 مليون درهم”، مشيرا إلى أن “المدينة تحتاج عمليا أضعاف هذه الكمية من المياه اذا ما تمت معالجة الخصاص الكبير في المناطق الخضراء والمقدر ب700 هكتار”. هدر لمورد حيوي مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، اعتبر في تقريره السنوي السابع الذي يتوفر “لكم” على نسخة منه، أن سقي المساحات الخضراء بمدينة طنجة بالمياه الصالحة للشرب، يسهم في هدر لهذا المورد الحيوي، ناهيك عن تعميق الفاتورة المائية لجماعة طنجة. وقال المرصد البيئي، إنه سبق له أن وجه العديد من المراسلات بهذا الخصوص، كما أن هذا الملف كان من جملة الملفات التي تم تدارسها خلال المنتديات السابقة “للمدينة المستدامة” التي عرفت تقديم مجموعة من التوصيات بهذا الخصوص. وأشار المرصد، إلى أنه سبق وأن وقعت اتفاقية متعددة الأطرف، بهدف إطلاق مشروع لتثمين المياه المستعملة في سقي المساحات الخضراء بمدينة طنجة، لكن في ظل غياب كامل للمقاربة التشاركية وتقريب حيثيات المشروع من عموم المواطنين والهيئات المدنية المهتمة بالمجال البيئي، مؤكدا على أن المؤشر الخاص بقياس المساحات الخضراء المسقية بالمياه المستعملة المعالحة بالنسبة لعموم المساحات الخضراء يظل في مستوى الصفر . عشوائية السقي المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، اعتبر “استمرار الاعتماد على الشبكة العمومية للماء الشروب في سقي المناطق الخضراء، يثقل كاهل المدينة بالديون المتراكمة نتيجة ارتفاع فاتورة الاستهلاك التي تتحملها الجماعة الحضرية”، وقال في رقم يخالف الأرقام الرسمية التي توصل بها “لكم”، أنها “تتجاوز سقف 6 ملايير سنتيم سنويا”. وتساءلت رابطة المستهلكين في بيان يتوفر “لكم” على نسخة منه، أنه و”في ظل هذه الوضعية، كيف يمكن لميزانية الجماعة أن تنتعش وتسترجع عافيتها ؟، ثم ألا يدخل ذلك ضمن الممارسات الممقوتة من الناحية الأخلاقية، لما تنطوي عليه من التبذير وهدر المال العام الذي يتم إنهاكه، وحرمان المواطنين من الاستفادة منه”. وأضافت الرابطة المشار إليها، أنه “ومما يزيد الأمر إيلاما هو أن عملية السقي تتم بكيفية عشوائية، كما تستغل مياه الشبكة من طرف منعدمي الضمير في قضاء أغراضهم، ويتجلى ذلك أساسا على مستوى الحنفيات التي يتم تدميرها من أجل أن تظل المياه ضائعة”، مشيرة إلى أن “السقايات العمومية بدورها تستغل بشكل بشع من طرف غير المستحقين الذين يستعملونها في ملء المسابح داخل الأحياء الراقية، وفي البناء على صعيد الأحياء الشعبية، وكذلك في مزاولة بعض الأنشطة الزراعية والصناعية وفي غسل السيارات”. مشروع للمعالجة في طور الإنجاز أحمد الطلحي رئيس لجنة التعمير وإعداد التراب والمحافظة على البيئة بجماعة طنجة، قال في تصريح لموقع “لكم”، إنه “عمليا هناك مشروع في طور الإنجاز لنقل هذه المياه من محطة المعالجة بمنطقة “بوخالف”، بكلفة 55 مليون درهم في الشطر الأول للمشروع، حيث تساهم الجماعة 10 ملايين درهم”. وأشار المتحدث إلى أنه “في هذا الشطر لن تستفيد الجماعة كثيرا بحيث أعطيت الأولوية لملعبي الكولف، وعمليا بدأ سقي ملعب الكولف بالهوارة، وسيتم سقي حوالي 40 هكتار فقط، ولكن الجماعة ستقتصد مليونين درهم سنويا وسيتم الحفاظ على عشر الموارد المائية الصالحة للشرب”، مؤكدا أن “الاستفادة الحقيقية ستكون في الشطر الثاني للمشروع وهو مرتبط باكتمال أشغال الشطر الثاني من محطة المعالجة”. وأضاف الطلحي، “فإذا كان الشطر الأول من محطة المعالجة سيمكن من سقي حوالي 200 هكتار، فإنه في الشطر الثاني ستتضاعف المساحة، ولكن مع ذلك لن تكفي احتياجات المدينة الحالية والمستقبلية”. وأكد المسؤول الجماعي على أن الحل الاستراتيجي القوي يبقى “هو تطوير مستوى المعالجة في محطة بوقنادل من المعالجة الأولية إلى الثلاثية، لأن كمية المياه المعالجة في هذه المحطة تفوق بأكثر من ست مرات طاقة محطة بوخالف عند انتهاء الشطر الثاني” وكشف الطلحي أن “هذا المشروع الاستراتيجي غير مدرج في دفاتر التحملات الخاصة بشركة “أمانديس”، خاصة وأن كلفته تتجاوز بكثير إمكانيات الجماعة، لكن منافعه جمة، بل كميات المياه المعالجة ستتجاوز بكثير حاجيات المدينة، متمنيا أن يتم الاهتمام بهذا المشروع من قبل الحكومة في المستقبل القريب ان شاء الله”. مقترحات لفعاليات المدينة رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، اعتبرت أن المسؤولين قد اعتادوا على اللجوء إلى الحلول السهلة رغم تكلفتها العالية، حيث لم يتم التفكير في البحث عن بديل في سقي المناطق الخضراء، مضيفة أنه بعد إسقاط عملية الاستعانة بالمياه الجوفية ، تم إهمال السدود التلية التي توجد داخل تراب المدينة والتي تظل مياهها عرضة للضياع ، حيث لا تستغل بأي شكل من الأشكال، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بسدود : سيدي حساين، والديموس، والمغاير، متسائلة، لماذا لا يتم استغلال مياه تلك السدود المعطلة علما أنها بنيت خلال فترات الجفاف من أجل أن تستغل في السقي؟ من جانبه اقترح مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، استعمال الشاحنات الحاملة لخزانات، وإعادة استعمال المياه المستعملة في انتظار اختتام المشاريع المطروحة .