" رسالة الى منتحل " لا يهمني من قال بقدر ما يهمني ما قال ، وما كل قوّالٍ يجابُ ، خاصة إذا تستَّر خلف متراس الانتحال . من أبدع ما قاله الراحل محمد مهدي الجواهري : وحين تطغى على الحران حيرته **** فالصمت أفضل ما يطوى عليه فم قد يكون الصمت أفضل ما يُستلا ذُ به ، إذا كان المتكلم ينطق بِِشَرٍّ أو يرمي غيره بشرَر من تهمة أو زور . ومقالك أيها المتقمص رداءً لا يلائمك – نظرا لحسن سمعة المفترى عليه غسان بن جدو - ، هوى بك من علياء التألق المأمول إلى قاع الارتزاق المأفون ، فقد نفخت في غير ضرَم واستسمنْتَ ذا ورم خبيثٍ ، حين نافحت بكل ما أوتيت من ذلَق العبارة وحذلقة أنصاف المثقفين عن الأنظمة الجبارة التي لم تتورع عن ذبح الحرائر واقتراف الكبائر ، زاعما أن الثورة التي حين أزفت ساعتها دقت آخر مسمار في نعوش الديكتاتوريات العتيدة ، ليست سوى ثورة قطعان أو رعاع لا تحكمها ولا توجهها فلسفة تولد الأفكار !. ولقد عجبت من جرأة ذباب كلماتك وهي تحط على أنوف الأكابر الذين شقوا طريق المجد ، ونالوا الاحترام من جهات لا تعدُّ ، و إن كان بعض كلامهم يأتي عليه الردُّ ، إذ هُم من العصمة أبعدُ ، نذكر منهم العالم الجهبذُ يوسف القرضاوي الذي لم يشذ عن عوائد العلماء في نصرة المستضعفين ومدِّهم بمدَد الدعم والتأييد ، فقد جهر بالدعوة إلى إسقاط الأنظمة الظالمة بمصر وسوريا وليبيا واليمن ، وأشهدَ الناس على ما يعتقده حقا لا جمجمة فيه من وجوب نصرة المستضعفين الذين يقتلون ويصلبون ويسجنون بغير حق إلا أن يقولوا : أبينا الضيم ، وليسقط الظلم ! وأما لمزك وهمزك وازدراؤك للأعلام من الرجال الموقعين عن المستضعفين في الأوطان من قبيل كلامك عن الدكتور عزمي بشارة وبرهان غليون والمرزوقي وراشد الغنوشي ، فانه ينبئ عن حقيقة شخصك وعن أي عقل تملك ، فأصحاب العقول الكبيرة يناقشون الأفكار ، أما أصحاب العقول الصغيرة فيتحدثون مثل حديثك عن الأشخاص ، فلان فعل كذا وعلاّن فعل كذا ، ....، ذلك مبلغهم من العلم !. إن تبخيسك لثورات الشعوب العربية ينم عن عقلية عتيقة منكدرة ، إذ أن الشعور بالظلم والحرمان والفقر كافٍ لحقن الشعوب بمشاعر الغضب ، ولا يسلك في أذن الجائع إلا صوت ينادي بالخبز كما لا يتألق في وعي المقهور المحْقور إلا خطاب الحرية وحقوق الانسان . وقد ثارت بعض الشعوب الأوروبية ضد جلاديها ثورات لم تكلِّف من الدماء ما كلفته الثورات العربية ، فالثورة البرتقالية بأوكرانيا أفضت إلى إسقاط الرئيس وهدم الجور والظلم دون إراقة كثير من الدماء ، لأن الرئيس فهِم الرسالة بسلاسة كما فهمها مؤخرا الرئيس الألماني المستقيل إثر شيوع شبهة فساد ! ، أما الثورات العربية ، فقد بلغتْ خلالها الدماء الرُّكَب، نظرا لأن الحكام المتساقطين منهم والمُستمسِكين جهلا وعنادا بقِشة آمال البقاء ، صمٌّ بكم ُ لا يعقلون !، ألم يقل أولهُم بعد ثلاثين سنة من الحكم ، وقد تبلد َحسّه ومات شعوره ، ولم توقظه إلا لَسْعة الثورة: أنا فهمتكم ! ، ولم يفهم أن " كل تليد بليد "! ، أما أكبرهم وأكثرهم ظلما وجورا ، فقد أجاب الثائرين كما يجيب الظالمون ملَك الموت : من أنتم ؟ ،بينما صاح أرذلهم : فاتَكم القطار ! ، ولم يعرف الناس أي قطار يقصد ؟ ، وقد أفقر البلد وأغرقه في الحروب ، ولو أحسن قيادة القطار ما طارَ !. و باختصار ، فان تجربة الثوار مع الأشرار تثبت أن الحكام المتساقطين يسلمون مقاليد الحكم بذُل واحتقار ، ولا يتركون السلطة بعزٍّ وافتخار ! . كم هو جميل كلامك عن الثورات التي قدحت زنادها الفلسفة والأفكار والأنوار ، لكنه كلام معسول تحول إلى علقم ذاقت مرارته الشعوب بعد تحول الثورة البلشفية مثلا إلى دولة تحكمت في مصائر الناس بإرادة فولاذية ، وساقت كثيرا منهم سوْق البهائم إلى المجازر ، واسأل يوميات أرخبيل الكولاك تُنبئْك عما تجهل أو تتجاهل !. إن ثورات الشعوب العربية لم تحتج لأفكار وفلسفات ثورية جديدة كي ينقدح زنادها ، ففي الفيسبوك وأشقائه من المواقع الاجتماعية مِهاد الثورة وزاد أفكارها، وقد أجاد من قال : فيسبوك على كل ظالم ! .