(إن من يعتقد أن نجم الثورة قد أفلّ ، فهو أما متساقط أو خائن أو جبان ، فالثورة قوية كالفولاذ .. مشتعلة كالجمر .. حامية كالسندان .. والطريق مظلم وحالك . إن لم تحترق أنت وأنا فمن سيضيء الطريق ) ... أرنستو تشي جيفارا . من نار جسمك ولهيبها التي ألهمت الناس أن الثورة نار تسعر ... وعرف ناس اليوم حينها أن النار برداً وسلاما للمظلومين ، وعذاباً وسعيراً للظالمين ... من نار روحك تصرخ بلقمة العيش بعدما رأيت الكروش تتدلى تتدلى تتدلى حتى فجرتها نيران جسمك ... رأى بو عزيز وجوه نسائهم تنعم وتتجمل بينما زاد فيه جشوبة العيش وسواد الظلم وفقر الحال سواداً وسمرة وخشونة حتى لفحت نيران جسمك تلك الوجوه التي تتجمل بالملايين من الدولارات بينما تنام على الحزن والضيم والفاقة ملايين الناس ... وحتى خدش ومزق خشونة ذلك الجلد الذي لم يعهد من حاكميه خيراً ولا كرامة ، كل أقنعة المكياج وكواليس التلفاز وقصر الرئيس ... يا بو عزيز خذها مني وأنت عزيز ... ويا من أبيت إلا أن تلاقي العزيز عزيزاً ... والموت أولى من ركوب العارِ ... يا بو عزيز وأنت حي عند ربك ترزق ... ونيران جسمك التي ألهمت الشعوب حب النار ... عشق النار ... وعلمتها أن لا توجد أمة تطهرت إلا ولفحها حر النار ... فالنار تطهر الأرواح وتحرق الأجسام ... ألم تسمعوا من قبل وترددوا (نار الثورة ) و (الثورة نار) ... لماذا لم تعوها كما وعاها بو عزيز ... بكل بساطة يا بو عزيز ... لو مت محروقاً من حريق طباخ منزل أو حريق نار عرضي لم يذكرك أحد ولمت كما يموت الملايين من الناس من دون أن تكون لهم ذكرى سوى بحزن ساعات !! ولكنك عرفت أن النار ستلهم ثورة ... وعرفت أن النار ستدق لها لا صفارات سيارات الإطفاء بل صراخ الجماهير وهي تشتعل ثورة ... لتشتعل تشتعل حتى عبرت لمصر واليمن والجزائر وليبيا والحريق مستمر ... ولم يطفئ برد الشتاء نار الحريق ... نار جسمك تشتعل وتساعد على الاشتعال يا بو عزيز ... ولم تطفئها لا الحرس الجمهوري ولا الحرس الخاص بالرئيس ولا كلابه السائبة . أين كنت قبل هذا يا بو عزيز ... وماذا كان يدور ببالك حتى طال الانتظار ... هي العفوية والبساطة في التفكير التي جعلت منك مناراً للثورة ، ولو عقدّت تفكيرك بالفلسفات والسياسات والحوارات لصرت (لا شيء) ، بينما اليوم بأسمك وبفعلك صار كل شيء ... ماذا كنت تفكر وأنت تدب فيك النار ...؟!! أنا شبه متأكد أنك صرخت (بس) (كفاية) (كافي) (لا) (حتى متى) ولم تعرف أن تلك الأمنيات التي أحرقتك قد تحققت ... تحققت يا بو عزيز ... فها هي تونس ومصر ومن بعدها بلدان وبلدان تصرخ بتلك الكلمات ... (بس) للحاكمين الذين جلسوا بالكرسي لعشرات السنين الحاسبين الحكم ملكاً لهم ... (كفاية) (كافي) سجون وتعذيب وفقر وفساد . (لا) لكل ظالم وظلم . (حتى متى) السكوت عن كل ذلك ... نم عزيز العين يا بو عزيز وأعلم أن حريق جسمك سيبقى ناراً تلهب الشعب العزة وحب العزة والثورة وحب الثورة وستبقى على الظالمين سعيراً هم فيها خالدون ... من قلب مليء بالضيم والهموم كانت هذه الكلمات إليك يا بو عزيز التونسي ، وهي ثمن بخس جداً جداً لحريقك الذي أحرق الظالمين ... وها هي تونس اليوم تحررت بعد أن طهرتها نيران جسمك الصارخة بالكرامة والحرية ولقمة العيش ... وها هي مصر تصرخ بلقمة العيش والحرية والكرامة وعساها تظل وتعبر الحدود ، يا مصر لا تكفي ولا تكلي وتذكري الأيام الخوالد وحرب الأيام الستة ... محمد بو عزيزي تولد العام 1984 في تونس ، وولد مرة أخرى ناراً حامية في العام 2011 في كل قلب حر ثائر .