امتحان جديد سقط فيه الإعلام الرسمي المغربي بعدما تجاهل الأحداث الخطيرة التي شهدتها مدينة تازة طيلة الأيام الماضية. ورغم أنّ المواجهات التي وقعت بين سكّان المدينة المتظاهرين من أجل مطالب معيشية، وقوات الأمن قد اتخذت منحى خطيراً، إلا أن الإعلام الحكومي تعاطى مع الخبر بلا مبالاة واضحة. هكذا لجأ المواطنون إلى وسائل الإعلام الجديد، وخصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة حقيقة ما يجري على الأرض. إذاً في وقت كانت فيه تتسارع الأحداث في تازة، تحاشى الإعلام المغربي الخوض في تفاصيل الموضوع. ولم تشِر النشرات الإخبارية إلى أي معلومة توضح التطورات الأمنية. وقد انتقلت عدوى التعتيم إلى الإعلام الخاص، فلم نسمع على الإذاعات الخاصة أيّ معلومة عن الحدث. وكشف أحد الإذاعيين ل"الأخبار" أن الحديث عن تازة كان خطاً أحمر «طُلِب منّا الاكتفاء فقط بإذاعة البيانات التي توردها وكالة الأنباء الرسمية». أما الصحف المكتوبة، فتناولت الحدث بخجل. لكن هذا الغياب الإعلامي عوّضته المواقع الالكترونية الإخبارية والمدونون، الذين نشطوا على مواقع التواصل الاجتماعي لنقل تفاصيل التجاوزات التي ارتكبها رجال الأمن ضدّ المحتجين. لم يقتصر دور الناشطين الإلكترونيين على النقل المباشر، بل تعدّاه إلى فضح حجم الرقابة التي تمارسها السلطة على الإعلام الرسمي. هكذا عرفنا أن مقص الرقيب حذف مشاهد وشهادات صادمة لأهالي تازة من تقرير بثّته «القناة الثانية». ونشر المدوّنون على النت التسجيل الكامل لمقابلة أجرتها القناة مع ممرضة تعرض منزلها للاعتداء والتكسير من قبل قوات الأمن.وقالت إنها وأبناءها تعرضوا «للترويع والاعتداء». غير أن هذه الشهادة التي تدين السلطة لم تجد طريقها إلى الشاشة. واستبدلتها بمقابلات مع من قالت إنهم ناشطون وصحافيون، تبنّوا الرواية الرسمية عن وجود «أيادٍ خفية مستفيدة من الفتنة»، كما قرأنا على فايسبوك وتويتر وشاهدنا على يوتيوب، شهادات لنساء روَين تهديدات رجال الأمن باغتصابهن وكيل الشتائم لهن، لكنّ تأثير المواقع الاجتماعية والمدونات يبقى محدوداً جداً ولا يصل إلى نسبة كبيرة من الشعب. مع ذلك، يمكن القول إن الإعلام الجديد عوّض عن تقصير الصحف والتلفزيونات والإذاعات. وهو تقصير لم يفاجئ أحداً في المغرب. حتى الإعلام الذي يسمّي نفسه مستقلاً، يملكه رجال أعمال نافذون يدينون بالولاء للنظام. الإعلامية المغربية منى هاشم قالت في تصريح لها: «كنا نتمنى في ظل التغييرات السياسية الجديدة أن تتغيّر طريقة التعامل مع المواطن، لكن للأسف بقي الوضع على ما كان عليه». بدوره أكد الناشط والمدون نجيب شوقي أن الإعلام الرسمي تعامل مع أحداث تازة بمنطق الدعاية والبروباغندا الأمنية. وفي ظل كل هذه «الفضائح» الإعلامية، يبقى حلم تحرير هذا القطاع صعب المنال، وخصوصاً أن التراخيص للمؤسسات الإعلامية تمنح فقط لأصدقاء النظام. --- تعليق الصورة: صورة مركبة لوزير الاتصال مصطفى الخلفي والقنوات العمومية