طرحت مجموعة “جدل” للأغنية الملتزمة في نهاية الاسبوع الماضي ( السبت 21 أبريل 2019 ) خلال احيائها لحفل متميز بمدينة الرباط، في اطار ” الصالون الفني” أفقا جديدا للأغنية الملتزمة، يتجاوب مع التحولات المجتمعية الراهنة ويساهم في اعادة الاعتبار للحركة الابداعية الفنية في مواجهة ثقافة الابتذال والتمييع. ووسط حضور متميز غصة به جنبات القاعة الكبرى للفضاء الاجتماعي والمهني لتكوين الشباب بحي يعقوب المنصور بالرباط، توحد “خريجو” مؤسسات دور الشباب والمخيمات التربوية من أجيال متعددة منهم الكهل والشاب والطفل، في استحضار تراث الغناء الملتزم، الذى كانت الحركة الجمعوية التطوعية والجامعات المغربية مهده وفضاءه خاصة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. لقد كان صالون “جدل” الفني ” نقطة نظام” حول راهن ومستقبل الاغنية الملتزمة، طرحتها المجموعة بإبداع فنى راق، أغاني من ريبطوار كل من الشيخ امام الذى غنى لمحاربة الظلم والاستبداد ومارسيل خليفة الذى ينتصر في ابداعاته الموسيقية والغنائية لقيم الجمال والحياة والوطن والقضية الفلسطينية. لم تكن ابداعات الشيخ امام ومارسيل خليفة، وحدها الحاضرة في حفل “جدل ” الذى انتقي الساهرون على الصالون الفني “جماهيره” بدقة وعناية بالغين، من فعاليات جمعوية تربوية وثقافية وفنية، بل كان أيضا سيد دروش الذى افتتحت به المجموعة لقائها وتحيتها للحضور الذى ردد وتفاعل مع أغنيته هذا الفنان المصري، الشهيرة التي لحانها أيضا وجاء في مطلعها ” الحلوة دي قامت تعجن في البدرية والديك بيدن كوكو كوكو في الفجرية يلا بنا على باب الله يا صنايعية يجعل صباحك صباح الخير ياسطى عطية … “جدل“ تجربة متفردة لكونها فضلا عن توفقها الو حد بعيد في أداء كشكول من أغاني خالدة لكل من الشيخ امام عيسى ومارسيل خليفة وفيروز وفرقة العاشقين الفلسطينية، استطاعت عناصرها أيضا أن تبدع وتنتج ، أغان وشعرا ولحنا منها أغنية ” بحر الرشوة ” يقول عيد الرزاق الحنوشي الفاعل الجمعوي والاعلامي والحقوقي، خلال حضوره فعاليات هذا الصالون الفني الذى امتزج فيه الغناء بالموسيقى والشعر والزجل مع أبى الفنون المسرح. وبإصرار، عبر الحنوشى، وهو أحد مؤسسي ” حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي“، مربى الاجيال، عن اعتقاده الراسخ بأن المجموعة، تمكنت من ربح رهان التجديد الموسيقى من خلال قيامها بإعادة توزيع عدد من الاغاني وتقديمها في حلة جذابة، أنيقة وآسرة أيضا. فعبد الرزاق لم يكتف بالإشادة بالطابق الفني الغني والشهي، بل أضاف أن مثل هذه المجموعات التي تنبعث من الرماد كالفينق، تعد في الحقيقة مصدر افتخار ليس للجمعية المغربية لتربية الشبيبة ( لاميج) التي رأت النور في أحضانها سنة 1988، بل لكافة المتيمين بالغناء الجاد والرفيع. ف“جدل” تجعلنا كأجيال، منظمات المجتمع المدني التطوعية والأصيلة، مطمئنين على هذا الجيل الصاعد القادر على الاخلاص لرسالة الفن الرفيع، يختتم الحنوشي في بوح خاص. أما خديجة مروازى التي تعد انتاجا خالصا لجمعية ( لاميج ) فهي كانت عضو بفروعها في آسفي مدينتها ومنها الى مراكش لتحط الرحال في الأخير بفرع الرباط،، فقد اعتبرت ان هذه الأمسية الفنية، كان لها وقعا خاصا وجاذبية بالنسبة لها، معللة ذلك بكون المجموعة الفنية “جدل“، ” تبعث الذاكرة حية، وهي أيضا تنصف مؤسسين من الحركة الجمعوية التطوعية الراحلين السي محمد الحيحي والسي محمد السملالي. ان هذا الحفل ” برهن بالملموس استمرار الفعل التربوي الذى تربينا في أحضانه ممثلا في مدرسة ( لاميج)، ومواصلة الاجيال المتعاقبة عليها رسالتها التربوية والتقدير لأطرها خاصة تلك التي استمرت في حفظ الذاكرة، وحمل المشعل فهذه الالتفاتة هي تكريم من نوع خاص لرئيس حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي ، الصديق (….الحذف من طرفي ههه)، يمد له شباب الجمعية اليوم كل أيادي التكريم والتقدير، وهذا ليس بغريب على خريجي الوفاء بالجمعية، تؤكد مروازي الاستاذة الجامعية والحقوقية. فجاذبيه هذه الأمسية تتمثل أيضا في القدرات الهائلة لمجموعة “جدل” التي تشق طريقها بثبات واصرار، فأعضائها كانوا خلال ثمانينات القرن الماضي، ضمن فئة اليافعين ( وهم من تتراوح أعمارهم ما بين 15 و16 سنة، ويطلق عليهم اسم ” رفاق الجمعية” ب” لاميج ” ليس تيمنا بأفكار ماركس ولينين وماو تسي تونغ ورفاقهم أو رفاق الدرب المضيء…إلخ) حيث نراهم مساء هذا اليوم قد أزهروا فنا بديعا ينتقل بنا ما بين المحلي والاقليمي، بأبعاد انسانية مكتفة، وبأصوات بديعة أبهرت جميع الحاضرين خلال هذا الاحتفاء، تختتم خديجة مروازي كلامها لتنصهر مع الحضور في أجواء الطرب على نغمات ” في البال أغنية” التي تؤديها المجموعة المتألفة من 11 عنصرا. وكان الاستاذ أنس الحسناوي الفاعل الجمعوى الذى تولى باقتدار واتقان السهر على تنسيق وتقديم فقرات الحفل، قد قال في مستهل هذه الأمسية أن هذا اليوم سطعت خلاله ثلاث جيمات ( حرف ج ) خامس الحروف سلس في الكتابة والرسم والشعر موضحا ان الجيم الاولى: كجمعية، المدرسة هنا تعلمنا وتربينا واكتشفنا، لعبنا وحلمنا انفتحنا، كبرنا، استقبلنا، واصلنا، والآخرون، والأخريات الكل شاهد على هذه المحطات، هذا التواصل، هو الذى بنى ويبنى المعني فيما بيننا، الجيم الثانية، تعلمنا بفضله العرفان والاعتراف، فكان طبيعيا أن نعترف للمدرسة ولأطرها ومن ثمة جاء” جمال” يكفى أن نقول أنه انتسب لنفس هذه المدرسة لعقود، كي نعترف للمدرسة وللتلميذ الإطار الاستاذ الباحث الصحفي المبادر وصولا الى تكثيف هذا الاعتراف المتبادل بين جيم الجمعية وجيم جمال في الوفاء والاعتراف لذاكرة الجيل المؤسس حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي. وأضاف أنس الحسناوي وهو أحد مؤسسي حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي، وعضو مكتبها التنفيذي، موجها كلامه الى أفراد مجموعة “جدل” فنعم ما صنعتم هذا اليوم من نقل مشكل الاعتراف عبر جسر الاعتراف والبناء المتواصل في جيم ثالثة ” جدل ” معتبرا أن ” هذا المولود الجديد المتجدد، جذوره في الوجدان وفي القلوب، وفي العقول. جدل جاء ليواصل التعليم والتعلم، على درب الأغنية، والكلمة واللحن الرفيع..” يوضح منسق فقرات الصالون الفني الذى انتهى، لتتناسل الاسئلة ليس فقط حول مستقبل الأغنية الملتزمة في ظل واقع فني واعلامي يتسم بكثير من الالتباس. وهذا ما دفع عبد العزيز السباعي أحد أعضاء ” جدل ” إلى القول إن المجموعة، أعدت برنامجا للصالون، يستهدف خلال المرحلة المقبلة الانفتاح على فئات المثقفين والأدباء من أجل المساهمة في اشاعة التربية الفنية بأبعادها الوطنية والانسانية، وتنشيط الساحة الفنية فضلا عن العمل على حفظ ذاكرة الأغنية الملتزمة، وضمان اشعاعها وتألقها.