بداية من شهر مارس الجاري، ستتم إعادة هيكلة البنية التعريفية للكهرباء بالمغرب الذي بات يعيش ظرفية طاقية تتميز بالنمو المتزايد للطلب، وبتأخر في وثيرة إنجاز الاستثمارات، وكذا بمتغيرات دولية صعبة ترافقها عوامل أخرى ساهمت في انخفاض نسبة إنتاج الكهرباء. عملية إعادة الهيكلة هاته، تندرج في إطار المخطط الوطني للمبادرات الأولية بالنسبة لقطاع الكهرباء الذي اعتمدته الحكومة، وتهدف ضمان استمرارية خدمة الكهرباء من خلال الملاءمة بين العرض والطلب في مجال الطاقة الكهربائية وتحسين وعقلنه الاستهلاك. بمعنى آخر، يعتبر الإجراء الجديد الذي أعلنت عنه وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة ووزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، تأكيدا للمشهد الطاقي الحرج الذي عكسته، حسب أحد مهندسي المكتب الوطني للكهرباء، دعوات متتالية للاقتصاد في الطاقة روجت لها وصلات إشهارية دون أن تصل مبتغاها. فالتغييرات التي شهدها هرم المكتب الوطني للكهرباء، يقول مصدرنا، والتأخر المسجل في إنجاز مشاريعه، وكذا تعثر الاستراتيجية المعتمدة لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة، بالإضافة إلى عناصر المخطط الاستثماري في القطاع وموقع الطاقة البديلة ضمن هذا المخطط كان لها بالتأكيد انعكاس على وضعية الإنتاج الوطني. بل لم يعد من المستغرب أن تعمد الوزارة الوصية إلى دق ناقوس الخطر بموازاة مع الإعلان الصريح عن تكثيف المشاورات وحصر نتائج الدراسات من اجل الوصول إلى الوصفة الأمثل التي تمكن من تقليص الاستهلاك. عصارة هذا المجهود الذي تسهر عليه أمينة بنخضرة، سيتم الكشف عنه في المناظرة الأولى حول الطاقة، يوم الجمعة القادم بالرباط، والتي ستمثل مناسبة لتقديم الأهداف التي حددتها الاستراتيجية الطاقية الوطنية الجديدة والتي تروم التحكم في المستقبل الطاقي وذلك لتأمين تنميته المستدامة. كما يهدف هذا اللقاء إلى تقاسم الرهانات والتحديات الكبرى التي تمثلها الطاقة بالنسبة للمغرب مع طرف واسع من المهنيين والمعنيين، وضرورة تنفيذ حلول مفترضة لإنجاز الأهداف التي حددتها هذه الاستراتيجية. ولا يمكن، حسب المصدر ذاته،انتظار تطبيق توصيات المناظرة في الوقت الحالي، دون جرد حصيلة التحفيزات المعلن عنها، والتي تنطلق هذا الشهر باعتماد خيارات تعريفية جديدة بالنسبة لمختلف الإستعمالات، وذلك في أفق تمكين الزبناء من ملاءمة استهلاكهم بشكل أفضل، خاصة من خلال حذف الذروة والاستفادة من أسعار تحفيزية ستنعكس على فواتيرهم. كما سيستفيد زبناء الإستعمال المنزلي والزبناء الخاضعون للضريبة المهنية،، حسب بلاغ لوزارة بنخضرا، من نموذج تحفيزي واجتماعي "نموذج 20-20 يعتمد نظاما للتخفيض يمكن كل زبون يقلص من استهلاكه الشهري للطاقة الكهربائية بنسبة 20 في المائة على الأقل مقارنة مع نفس الشهر من السنة الماضية، من الاستفادة من علاوة تعادل 20 في المائة من قيمة الاستهلاك الشهري الذي تم اقتصاده والتي لن يتم احتسابها في فاتورة الزبون خلال ذلك الشهر. وحسب البلاغ نفسه، فإن هذه الخيارات سترافقها تعديلات بخصوص تناسق تراتبية التعريفات الكهربائية وتقريب جزئي لتكاليف الإنتاج. وتهم هذه التعديلات في البنية التعريفية أساسا الطاقة الكهربائية ذات الجهد الجد عالي، والجهد العالي، والجهد المتوسط، وتتراوح في المتوسط بين 2 و5 سنتيمات للكيلووات في الساعة، وهو ما سيمكن المكتب الوطني للكهرباء من "إنجاز الاستثمارات المطلوبة لتعزيز إمكانياته الإنتاجية، علما ان التعديل لا يهم تعريفات الطاقة الكهربائية ذات الجهد المنخفض والمستهلكة منزليا، إذ سيتم الحفاظ على مستواها الحالي. وفيما نوهت فعاليات بتنسيقية محاربة الغلاء بجديد وزارة بنخضرا على اعتبار أن التدابير الجديدة ستساهم في حماية القدرة الشرائية للمواطنين، يرى بعض المهندسين المغاربة ممن وجهت لهم دعوة حضور مناظرة السادس من مارس، أن التحدي الذي يواجهه المغرب"ليس سهلا"، وبالتالي يتطلب سلسلة من المشاريع التي تم الإعلان عنها دون أن ترى النور، علما أن تحقيقها سيمكن من تأمين التزود، والولوج إلى الطاقة بتكلفة أفضل، وخفض التبعية عبر تنويع المصادر وتطوير المؤهلات الوطنية، و تعزيز الفعالية الطاقية في جميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.