سمة أضحت تطبع المواد الغذائية والخضر والفواكه بالرشيدية
لقد كتب على مدينة الرشيدية أن تكون بحكم الجغرافيا بعيدة عن أقرب المدن لها بأزيد من 300 كيلومتر وعن المراكز الأساسية للتسويق والتزود بالمواد الغذائية بأزيد من ذلك بكثير، ويعتبر هذا البعد عاملا من العوامل التي تجعل المدينة تعيش على إيقاع مستمر بين الفترات طيلة السنة نقصا حادا في عدد من المواد الفلاحية الأساسية ومثيلاتها من المواد الغذائية، إذ أن بعض المواد لاتصل مطلقا ولا يعرف المواطن الرشيدي طعما لها، وإن توفرت أحيانا فبأثمنة خيالية يتم بيعها كما ولو أنها مستوردة من خارج الوطن، وهذا يحدث بالأساس خلال شهر رمضان المعظم الذي يعرف نشاطا ورواجا تجارين كبيرين في جميع ربوع المملكة، ويظل وضعا قائما بشكل مغاير طيلة شهور السنة.
وينضاف إلى مشكل النقص الحاد وغياب الجودة، حيث يستهلك المواطنين بالرشيدية مواد غذائية فلاحية من الدرجة الثالثة أي أنها بعيدة عن الجودة المطلوبة و بأثمنة كتلك التي تباع بها مواد من نفس النوع ذات جودة عالية بمناطق أخرى بالمغرب، وهذا مرده إلى سياسة الاحتكار التي تطبع السوق الراشيدي بحيث نجد أن أناسا محسوبين على رؤوس الأصابع هم من يتلون جلب هذه المواد دون غيرهم ( 6 تجار محتكرين لسوق الخضر والفواكه بالجملة ،وثلاثة تجار محتكرين لسوق المواد الغذائية الأساسية بالجملة، وتاجران محتكران لسوق بيع الدجاج، وتاجران محتكران لسوق بيع السمك )، يرفضون ويمنعون أي احد أراد دخول هذه المجالات التجارية المربحة و يمارسون كل الأساليب لزيادة إرباحهم على حساب ساكنة فقيرة بل أن جزءا كبيرا منها يعتبر معدما ويعيش أوضاعا اجتماعية قاسية ويتعرضون لظلم على إثره تسجل احتجاجات ونقاشات بين الفينة والأخرى بأسواق المدينة بين التجار بالتقسيط وعدد من المواطنين الذي يحسبون على طبقة البورجوازية الصغرى أو الطبقة المتوسطة، نراهم يحتجون على الوضعية وهم في مستوى مادي قد يساعدهم شيئا ما على تحمل هذه السلوكيات" الإجرامية" فماذا سيقول وسيفعل باقي المواطنين الفقراء والمعدمين ؟.
فقد توالت الشكايات وتعالت الأصوات مند مدة وهي تستغرب لما يحدث بمدينة حكم عليها وعلى سكانها أن يستهلكوا مواد ضعيفة الجودة من بقايا ما يستهلكه بقية المواطنين بمدن مغربية أخرى، زد على ذلك امتصاص دم المواطنين بالغلاء الفاحش واستمرار الوضع دون تدخل مصالح المراقبة التي من المفروض أن تلعب دورها لفرض إشهار الأثمنة والأسعار ومراقبة الجودة وحماية المستهلك من سياسية "الأعيان" الفاسدين المحتكرين للسوق والتجار المساعدين لهم من باعة التقسيط من تماديهم في ابتزاز المواطن الرشيدي وإهانة كرامته كانسان له الحق في استهلاك ما يستهلكه إخوته المغاربة وبأثمنة مناسبة تتناسب والقدرة الشرائية. فهذه الوضعية لم تستني أيا من المواد الغذائية كيفا ما كان نوعها وشكلها وصنفها ( الخضر والفواكه والدجاج والحوم والسمك والدقيق والزيت والسكر ... الخ، ودعوى الزيادة في الأثمان مردها دائما إلى بعد مكان الجلب والأسواق المركزية من الرشيدية، لكن هذا المعطى يعود على أصحابه، فمن غير المقبول أن يكون البعد مبررا لزيادات متوالية وغير مقبولة حتى في المنتجات الفلاحية المحلية على قلتها وضعف جودتها هي الأخرى، فالإشكالية اكبر مكن ذلك بالنظر إلى السياسة التجارية المعتمدة والتي يظل هدفها الرئيسي هو الربح والربح السريع من خلال قلة العرض وكثرة الطلب واحتكار السوق وعدم ترك الفرصة للآخرين للمتاجرة في نفس المواد، فالواضح للجميع أن هناك لوبيات تجارية لها اتفاقيات مبطنة فيما بينها تقضي بان يقسم السوق في ما بين أعضائها، كي يفعلوا ما يردون بل جرأة دون ادني حس اجتماعي ولا ضمير مهني ولا وازع ديني، ومن ذلك محاربة كل من سولت له نفسه مشاركتهم ذلك النشاط التجاري خارج إذنهم وإرادتهم ورغباتهم. إنها صورة تعكس بالواضح والملموس معاناة جميع فئات الساكنة مع قضية معيشية مرتبطة بالعيش الكريم والرخاء الاجتماعي الذي تنشده مصالح الدولة، فأين هو موقف الجهات المسؤولية والوصية من هذا كله؟ فالغلاء بالرشيدية أضحى سمة أساسية تطبع العديد من المواد ونقطة أخرى تضاف في بحر غلاء المعيشة وضعف القدرة الشرائية لعموم أصحاب الدخل المحدود، فمتى يا ترى يتم إنصاف ساكنة تقاسي الأمرين في منطقة نائية صعبة زادها ظلم أعيانها وكبار تجارها صعوبة بسب ظلهم وجورهم وتماديهم كما ولو أن هناك اتفاقا مبطنا بينهم وبين المسؤولين عن رعاية مصالح وشؤون الساكنة، بل أن منهم من له مسؤوليات سياسية وانتخابية يتستر وراءها بهدف حماية مصالحه هاته واتخاذ تلك المواقع حصونا لبلورة برامجه بشتى أنواعها على ارض الواقع ولو كانت ظالمة أمام أنظار الجميع . إنها أصوات عديدة تصرخ هذا ظلم هذا حرام فمن يستمع ومن يجيب؟ والصورة تعكس تخاذلا للمسؤولين وتعكس جشعا كبيرا للتجار وتندر بحدوث أزمة وتوثر اجتماعي، من خلال هاته الصورة وهذا الوضع يتضح مدى عدم الاهتمام بشؤون المواطن في قوته وشهوة معدته، فبصرختها وصخبها في الأسواق تطالب هاته الأصوات ومعها عدد من التجار الصغار من ذوي الضمائر الحية بتدخل الجهات الوصية وإعمال القانون وتحرير هاته السوق من هذا الاحتكار، ولما لا البحث عن البدائل الممكنة مراعاة لظروف الساكنة الاجتماعية وعوزها المادي وتفاديا لقهرها أكثر مما هي عليه من قهر وحرمان.