مع تنظيم أكبر مسابقة عالمية للقمار في مراكش هذه الأيام حالة غضب شديد عبرت عنها العديد من الفعاليات السياسية والثقافية والدينية المغربية جراء تنظيم أكبر مسابقة عالمية للقمار في "كازينو" بأحد الفنادق المعروفة في مدينة مراكشجنوبي المملكة. وحمل الغاضبون في أحاديث منفصلة ل"إسلام أون لاين.نت" السلطات المسئولية عن الترخيص للقائمين على هذه المسابقة بإقامة "نشاطهم المشبوه والمحرم، والذي يستهدف ضرب القيم الحضارية والأخلاقية والثقافية للمغاربة". هذه المسابقة، التي انطلقت السبت الماضي وتمتد حتى التاسع عشر من الشهر الجاري، هي الأولى من نوعها في دولة مسلمة، ويشارك في المسابقة التي ينظمها "الدوري الدولي للبوكر" ((WPT بشراكة مع مؤسسة "شيلي-بوكر" الفرنسية، 540 مقامرا، وانطلق أول أمس على هامش هذا الدوري الرسمي دوري خاص بالمتسابقات.
وأمام تداول وسائل الإعلام لأخبار هذه المسابقة واستنكار الكثير من الفعاليات المغربية لترخيص السلطات لها التزمت الجهات المسئولة الصمت، ونقل الموقع الإلكتروني "المراكشية" انتقاد فعاليات محلية في مراكش "تحويل المدينة الحمراء (مراكش)، ومن خلالها المغرب، إلى مركز استقطاب عالمي للقمار، ومحولين إياها إلى لاس فيجاس جديدة في إفريقيا". وعابت هذه الفعاليات على الدولة "سماحها بتنظيم مثل هذه التظاهرة الدولية في القمار، لما لها من مخاطر على المجتمع"، مشددين على أن المسئولية "ملقاة أيضا على عاتق الرأي العام المغربي الذي يتسم بالضعف واللامبالاة إزاء هذه الموبقات". مخالفة للدستور الناشط والباحث الثقافي المغربي منير الجوري شدد على أن "هذه المسابقة تأتي في إطار خطة ممنهجة تستهدف الأسس الثقافية والأخلاقية للمملكة، وتسعى إلى إيجاد نوع من التطبيع مع الفاحشة في محاولة لضرب القيم الحضارية والدينية للمغاربة". وأردف الجوري قائلا ل"إسلام أون لاين.نت": "إنها حلقة من حلقات العولمة التي تريد تنميط المجتمعات في جميع أنحاء العالم على غرار النمط الأوروبي والأمريكي"، مشددا على أن "هذا النشاط يخالف صراحة الشرائع والقيم والمقدسات التي ينص عليها الدستور نفسه". ولهذا النشاط "العديد من الآثار الاجتماعية والأخلاقية الخطيرة، فهذه المسابقة تجرى في أيام معدودة، ولكن تداعياتها تصل إلى المواطن والأسرة من خلال العمل على توطين هذه العادات والتطبيع معها"، بحسب الجوري. وردا على سؤال عن المسئول عن إقامة هذه المسابقة قال الباحث المغربي: إن "الدولة تتحمل المسئولية الأولى؛ لأنها رخصت للمسابقة في الوقت الذي تمنع فيه العديد من الأنشطة الهادفة إلى ترسيخ هوية الأمة وأخلاقها.. الدولة هي المسئولة لا غبار على ذلك". لكن في الدرجة الثانية "تقع المسئولية على المجتمع المدني، باعتباره منظم وممثل المواطنين في مختلف المناطق، فصمت المجتمع المدني هو بمثابة تواطؤ مع الدولة لتمرير هذه المسابقة"، بحسب الجوري الذي أضاف أن الجهة الثالثة التي تقع عليها مسئولية التحرك هي "المواطن العادي المستهدف من هذه المسابقة، فعليه الانخراط في أنشطة معارضة سلمية". للشيطان مؤسسات معلقا على هذه المسابقة قال العالم المغربي الشيخ محمد زحل: "مشكلتنا في هذا العصر أنه صار للشيطان مؤسسات عالمية ضخمة تحمل معه معاول الهدم لتدمير ما تبقى من قيم ومثل وأخلاق الإنسانية"، مؤكدا أن "القمار خطيئة مدمرة سواء للأفراد أو الأسر، وحتى المؤسسات". واسترسل الشيخ زحل موضحا في حديث مع "إسلام أون لاين.نت": "من ناحية الإسلام فإن القمار خطيئة لا يرتاب فيها أحد، لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، والأنصاب هي القمار، وهي رجس أي خبث، والعاقل لا يباشر الخبث لأنه من عمل الشيطان لتدمير الإنسان"، وأضاف قائلا: "ويقول جل وعلا أيضا: "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ"، فالميسر مدخل للعداوة وإيغال الصدور بين البشر". وبنبرة أسى أضاف: "إنه مما يدمي القلب أن يصبح للشيطان أدوات في مجتمعنا الإسلامي تعمل على نشر هذه الرذائل وتدمر قيمنا وأخلاقنا"، معربا عن خشيته من أن "يتحول المغرب إلى قطعة من أوروبا تابعا لإسبانيا ولا علاقة له بالإسلام". وكان كل من الناشط السياسي الإسلامي المقرئ أبو زيد الإدريسي والخبير الاقتصادي عمر الكتاني قد استنكرا في تصريحات لجريدة "هسبريس" المغربية على الإنترنت "احتضان المغرب لمثل هذا النشاط (مسابقة القمار) وترخيص السلطات له، وضعف التحرك الشعبي لصد هذه الموبقات". مقصدا للبوكر ومنذ بداية 2009 عملت مؤسسة "الدوري الدولي للبوكر" على حشد روادها عبر العالم لحضور هذه المسابقة الأولى في دولة إسلامية، ونظمت العديد من الدوريات الموازية على الإنترنت منذ مارس الماضي. ونقلت وسائل إعلام عن المدير التنفيذي لمؤسسة "الدوري الدولي للبوكر" أليكساندر دريفوس قوله إنه يسعى إلى جعل مدينة مراكش مقصدا أوروبيا وإفريقيا للاعبي البوكر (أحد ألعاب القمار)، فيما أعرب الرئيس المؤسس ل"الدوري الدولي للبوكر" ستيف ليبسكومب عن سعادته لاستضافة المغرب هذه المسابقة. يشار إلى وجود ثمانية كازينوهات للقمار في المغرب، منها كازينو في مدينة ورزازات (جنوب) وثلاثة بمدينة أكادير (جنوب)، واثنان بمدينة مراكش (جنوب)، وكازينو واحد في بمدينة طنجة (شمال(. وبحسب الشركة المغربية للألعاب والرياضات فإن عدد الذين يلعبون القمار بمختلف أنواعه يبلغ حوالي ثلاثة ملايين مغربي