تقع مدينة القصر الكبير وسط سهل اللوكوس الخصيب الفسيح في الشمال الغربي من المملكة المغربية، وهي مدينة تابعة حسب التقسيم الإداري للمملكة لإقليم العرائش، تبعد عن شاطئ المحيط الأطلسي بنحو 36 كيلومترا،وهي المسافة التي تفصلها عن تغر العرائش، فلا غرو أن يلعب هذا الموضع الجغرافي دورا ريادي في تاريخ المدينة ، على اعتبار أن العوامل الجغرافية تلعب أدوار أساسية في تفسير حركية التاريخ وتطور الشعوب ونشوء الحضارات . هذا جغرافيا أما تاريخيا فالمدينة لعبت أدوار أساسية في تاريخ الأمة المغربية، حيث تعتبر المدينة من الحواضر الأولى في المغرب،حيث أطلق عليها الرومان اسم أوبيدوم نوفوم – اي الحصن الجديد ويعود الفضل في اكتشاف خبايا هذا الحصن إلى الفرنسي شارل تيشو ،والمغربي محمد أخريف ، حيث اكتشف هذا الأخير نقيشة تحمل هذا الاسم بالمسجد الأعظم سنة 1987 م ،وأصبحت المدينة منارة للعلم والثقافة في عهد المرابطين والموحدين (قصر كتامة ،قصر عبد الكريم)، لتبلغ شأوا عظيما في أيام حكم بني مرين مع عائلة أل اشقيلولة الذين أسسوا بها إمارة أندلسية منذ سنة 1288 في عهد أبي يوسف يعقوب المريني، وقد دخلت المدينة التاريخ العالمي من أوسع أبوابه في معركة الملوك الثلاثة أو وادي المخازن سنة 1578 م أيام حكم الدولة السعدية ،وظلت حاضرة زمن الدولة العلوية كمنارة للعلم والأدب،وكمرتع ومنبع للمقاومين والمجاهدين أيام الجمر والحماية الاسبانية(1912-1956) ،وكقلب نابض للمناضلين والشرفاء في سنوات الرصاص.كانت ولازالت وستظل الحاضرة المغربية الأكثر تألقا وشموخا في دروب العلم والنضال والفن . أخرجت الحاضرة من بين دروبها مفكرين ومؤرخين وعلماء كبار من طينة (محمد أخريف،أحمد الطود،محمد الخمار الكنوني،خالد السفياني…)وغيرهم الكثير من رعيل العباقرة والاشاوش ،فالمدينة منجم لا ينضب في زاد المعرفة والعلم . هذا ناهيك أنها مدينة المتصوفة والصلحاء والعلماء سواء من أبناء القصر الكبير أو العابرين إليه من زهراء الأندلس ، ومن شتى الأقطار .