في كل صباح أستيقظ من نومي مدركا أن الحياة لابد أن تستمر ، وكما العادة أعلن إحتفالي ببقائي على قيد الحياة و أنا أتثائب رافعا يدي كفائز بسباق مراتون طويل ، وبعد إلقائي نظرة على عقارب الساعة بعينين شبه مغمضتين أنهض لأطرد الكسل العالق في داخلي برشة ماء على وجهي قبل أن أضع نظارتي التي غالبا ما أبحث عنها بين ركام الأوراق و الكتب المبعثرة في مشهد يفقد الآخرين شهية القراءة ، أتفحص الأخبار الباردة في الجرائد التي تعودت أخذها من المقهى ليلا بعدما يتأففها آخر زبون وتصبح كمشروع لمسح الواجهات الزجاجية … كل المقالات و الأخبار و الصفقات و المحاكمات و الأعمدة التي أقرأها تكون قد مضت وخفت وطأتها لذا تجدني أطالعاها ببرودة الآمبالي قبل أن أقذف بالجريدة بين ذاك الركام مأججا الفوضى التي أقرر كل ليلة بضرورة ترتيبها في الغد .. وكسجين القرن السادس عشر وهو يخط على جدار زنزانته أيام سجنه الحالك كي يَعُدَّ ما تبقى له وراء القضبان ، أضع أنا الآخر خطين على يومية بالية معلنا وفاة يوم من أيام السنة ثم أخرج كي أواجه الحياة ، وعلى الرغم من معرفتي بكوني سأخسر معركتي ضدها إلا أنى أقاتل طوال اليوم واقع وطن مجرد من بوادر الإصلاح التي لا تلوح في الأفق ، وفي المساء أعتصر أفكاري كي أكتب سطورا في مذكراتي تحكي معانات فقراء أصادفتهم في طريقي وذلك لا لشيء … و إنما شعورا مني بكون هؤلاء هم فقط من يستحقون الكتابة … مقتطف من مذكراتي – أوراق الخريف –