مقدمة لابد منها بعد طول انتظار و بعد سنة مريرة من الاحتقان، شباب أبناء مدينة خريبكة يتعرضون للاعتداء في واضحة النهار، هوجموا في عقر الدار، هم شباب مات اباِؤ هم في الغار، اعتدي عليهم في يوم أسود قبل ان تغرب شمس النهار في يوم اسود فانتشرت الأخبار ، بأن خريبكة حل بها الاعصار، اليوم قوات القمع تنتهك حرمة الديار، ترشق الجميع و لا تميز بين الكبار او الصغار، رمي العشرات في زنازن الشرطة و عذبوا ، بميدان التشغيل من خلال اعتصام لعدة أشهر يطالبون بحقهم الدستوري في الشغل بإدارة الفوسفاط بمكان ازديادهم وترعرهم وبالأرض التي تحمل في باطنها الثروة الغنية التي لا ندري كيف تصرف مداخيلها وأين تذهب عائداتها ؟؟؟ومن هي الجهة التي تتحكم فيها؟؟؟ وهل هي ملك للمغاربة ? يفاجؤون بالهجوم عليهم يوم 2012/06/05 من طرف قوات الأمن وتبدأ عملية إخلاء مكان المعتصمين ومسلسل الإعتقالات التعسفية لتدكرنا بأيام مضت أيام الرصاص في جلباب حزب العدالة والتنمية حاليا، وليتبين لنا أن الأوامر فوق القوانين والدستور. فالسؤال الذي ننتظر الإجابة عنه هو: هل الثروة الفوسفاطية ملك للمغاربة عامة والخربكيين خاصة ؟؟على اعتبار أنهم استولي على أراضيهم الغنية بتعويض رمزي تحت طائلة الترهيب والتخويف والإستبداد. لقد عاد بنا الزمن الى الوراء و ليس بالبعيد ، حيث لازالت ذكريات الثلاثاء الأسود 15 مارس عالقة في أذهان كل خريبكي ، ولازالت ندوب الاعتداء الوحشي و الهمجي الذي شنته قوات القمع المخزنية على معتصم الكرامة والمطالبة يالشغل في مجمع ابان عن وجهه الحقيقي و الماكر. فبعد الاعتقالات و المحاكمات التي شهدتها المدينة وباقي القرى المنجمية بالاقليم سنة 2011 وما رافقها من احتقان اجتماعي و استنفار امني ، و بعد الحراك الذي عاشه المغرب نتيجة لما عرفته المنطقة العربية من تحولات و ثورات ، ورغم التعديل الدستوري و صعود الاسلاميين لسدة الحكم ، فلا يزال تفكير المسؤولين محدودا ومتحجرا ، تفكير يغيب الفكر و الرزانة ، تفكير "جوع الكلب يتبعك" او" العصا لمن يعصى"، هذا التفكير لا زال يراوح مكانه في كل مناسبة عفو كل مسيرة ، اعتصام او مطالبة بحق مشروع. خريبكة ليست مدينة عادية و بالتالي لن يكون سكانها عاديون ، هي مدينة التي تحمل في باطنها الثروة الغنية التي لا ندري كيف تصرف مداخيلها وأين يدهب عائداتها ومن هي الجهة التي تتحكم فيها وهل هي ملك للمغاربة ? و سكان فتحت أعينهم على قطارات نقل الفوسفاط وترعروا فوق أرض تلفظ خيراتها وتنقل الى وجهة لا يعلمها الا الراسخون في هذا الميدان ، كبروا وكبرت معهم حكايات آبائهم و حلم الشغل بالمجمع وفق الفصل السادس من القانون المنجمي ، عانى آباؤهم الويلات و قاسوا المصاعب في غيابات الغار ، قدموا ارواحهم و أفنوا اعمارهم لاستخراجهم مادة تذر الملايين بينما يرمى لهم الفتات هذا الحلم و ليتحقق وجب على ابناء خريبكة المبيت في العراء لمايقارب 3 أشهر ، فكان عوض الحوار و حل المشاكل وتلبية المطالب المشروعة ، تدخل قمعي وعنيف ، و إصاباة العديد من الاشخاص بالجروح وكسر العظام و انتهاك حرمة المنازل فكان يوما اسودا بكل المقاييس. كان تعيين العامل الجديد بشرى خير للخريبكيين الذين تفاءلوا به و توسموا فيه خيرا بان يكون الرجل القادر على حل المشاكل و الملفات التي تركها سلفه ، لكن احداث خريبكة الاخيرة ابانت على ان نظرية "النهار الاول يموت المش" هي الغالبة و ان المقاربة الامنية تغلب عن التفكير في حل المشاكل بالحوار. لا غرابة في الامر فخريبكة مرت بها ثلاثة ايام "الثلاثاء" بنكهة خاصة، ثلاثاء السنة الماضية كان يوم اندلاع ثورة كادت ان تأتي على الاخضر و اليابس لولا لطف الله ، و ثلاثاء ثاني هو ما وقع يوم 5 يونيو و خيب آمال الخريبكيين و عادت فيه سياسة "العصا" لتشهر في وجه ابناء ورديغة و تنال من أجسادهم.