تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    البيت الأبيض يرفض قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت    تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية الملكية بداخل القاعدة الجوية ببنسليمان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    دراسة تؤكد انقراض طائر الكروان رفيع المنقار، الذي تم رصده للمرة الأخيرة في المغرب    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد أمحدوك يدعو الباحثين بخنيفرة وإفران وبني ملال إلى التأليف والتعريف بأمازيغية الوسط
نشر في خنيفرة أون لاين يوم 04 - 12 - 2016


· أحمد بيضي – متابعة
حصل الباحث، ابن أجلموس بإقليم خنيفرة، محمد أمحدوك، على الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية، بميزة مشرف جدا وتنويه خاص مع توصية بالطبع، عن أطروحته الجامعية التي أعدها لنيل شهادة الدكتوراه في اللسانيات الأمازيغية حول موضوع: "مصطلحات اللغة الأمازيغية من خلال بعض الحقول الدلالية"، وقد تمت مناقشة الأطروحة، يوم الأربعاء 23 نونبر 2016، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله، حيث تكونت لجنة المناقشة من: الدكتور فريد لعميري (رئيسا)، الدكتور نورالدين رايص (عضوا)، الدكتور عبدالهادي امحرف (عضوا) والدكتور محند الركيك (مشرفا ومقررا).
وفي اتصال به، أعرب الباحث محمد أمحدوك عما صادفه من جهد متعب وهو "يبحث في الجانب المكتوب بأمازيغية الوسط بالقول إن هذا الجانب قليل جدا جدا بالمقارنة مع أمازيغية الجنوب وأمازيغية الشمال، وهو ما ينعكس مباشرة على مسألة معيرة وتوحيد اللغة الأمازيغية على اعتبار أن التنوعات اللغوية الأخرى تضم منها المكتبة الأمازيغية العدد الكبير من التصانيف (وهو الأمر الذي يلاحظ حتى في برامج القناة المغربية الثامنة وتمظهر أكثر في سيطرة السوسيين والريفيين على المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية)"، مؤكدا، الباحث محمد أمحدوك، أن محاولته انتهت عند توجيه البحث نحو جعل لغة الوسط هي نقطة التلاقي والتوفيق بين جميع الحساسيات اللغوية.
ولم يفت الباحث الدكتور محمد أمحدوك التعبير عن أمله في قيام الباحثين بخنيفرة وإفران وبني ملال ب "التوجه أكثر إلى التأليف والتعريف باللغة الأمازيغية، لكن بأمازيغية الوسط حتى يمكن صناعة لغة مختبرية يرضى ويسلم بها جميع الأمازيغ"، وقال لأنه يفكر في "جعل الأطروحة التي جاءت في حوالي 800 صفحة أنطولوجيا أمازيغية أو موسوعة أمازيغية"، وفي كلمة أخيرة أكد أن العمل الذي قام به، وكما أجمعت على ذلك لجنة المناقشة، هو عمل تقوم به المؤسسات على غرار الإركام وغيرها وبتمويلات ضخمة وليس عملا فرديا، ليقبل مشكورا بأن يخصنا بملخص لأطروحته القيمة التي نال عنها شهادة الدكتوراه:
- مقدمة
إذا كانت اللغة الأمازيغية قد استفادت من أبحاث علمية رصينة ومن دراسات لسانية مستفيضة، على المستويات الصوتية والفونولوجية والصرافية والتركيبية، فالبحث في المستويين الدلالي والمعجمي ما زال – في تقديرنا - في البدايات، ويعتبر من النقط العالقة في الأبحاث اللسانية الأمازيغية، لأنه لم يأخذ بعد حظه من العناية والاهتمام.
وتأتي هذه الدراسة لتساهم في تطوير البحث المعجمي الأمازيغي في اتجاه ترسيخ قواعده العلمية، ووصف وسائله المنهجية وتفسيرها، والتنبيه إلى أهميته في تنمية المجهود العلمي الأمازيغي، ومن ثمة محاولة توحيد اللغة الأمازيغية، والانتقال بها من شتات التنوعات اللهجية إلى اللغة المعيار الموحدة.
وإذا كان يفترض في كل بحث علمي أن يكون موجها للانتفاع به في قطاع بعينه، فيترتب عن هذا التقييد، فقد حرص في هذه الدراسة على أن تجد لها وجها عمليا، ولذلك فهي تسعى إلى تقديم مشروع معجمي تسترشد به شريحة عريضة من القراء، تشمل التلميذ والمدرس، والمترجم والمبدع، والصحفي والفنان، وكل من له اهتمام باللغة الأمازيغية؛ فهؤلاء جميعا سيجدون فيه المادة التي ستقدم أجوبة عن بعض أسئلتهم، والمتن الذي سيبدد بعض حيرتهم.
كما ستمكن هذه الدراسة فئة عريضة من المتعلمين والمهتمين باللغة الأمازيغية من الإلمام بالبعد الأمازيغي للثقافة والحضارة المغربيتين، والانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى. وستشكل -إضافة إلى ذلك- أرضية خصبة للمساهمة في تدبير تعليم اللغة الأمازيغية وتعلمها في ظل التحولات والحاجات الكثيرة للمجتمع المغربي المعاصر، مما سيساعد القارئ العربي – في وقت لاحق - على تتبع ما يكتب بالأمازيغية في حقل من حقول المعرفة. كما ستحاول المساهمة في توحيد المصطلحات العلمية والتقنية، خصوصا في مسيس الحاجة لمثل هذا المعجم في ظل ما تشهده اللغة الأمازيغية من تدفق علمي هائل، يجعلها تواجه صعوبات في استيعاب الكم الكبير من المصطلحات التي تظهر كل يوم في مختلف المجالات العلمية، وبالتالي رأب هذا الصدع في بنيتها الذي يعد تفاقمه تهديدا لها. كما تنشد هذه الدراسة التقريب بين اللهجات والتنوعات اللغوية الأمازيغية، حتى تتمكن الثقافة واللغة الأمازيغيتين من لعب دورهما كاملا في التنمية المحلية والوطنية.
لبلوغ الهدف المنشود، اعتمدنا في هذه الدراسة – كإطار نظري- على نظرية الحقول الدلالية، النظرية الألمانية التي جذبت انتباه الدارسين في السنوات الأخيرة، على الرغم من اعتراض البعض على تسميتها (بالنظرية)، باعتبار أنها لم تتبلور بشكل يجعلها نظريات موحدة متناسقة.
وتقوم هذه النظرية على فكرة المفاهيم العامة التي تؤلف بين مفردات لغة ما، بشكل منتظم يساير المعرفة البشرية المحددة للصلة الدلالية، أو الارتباط الدلالي بين الكلمات في لغة معينة، والتي يجمعها لفظ عام.
كما تم الاعتماد علاوة على ذلك على بعض مبادئ الدراسة المصطلحية خصوصا الجانب المرتبط منها بسبل توليد المصطلحات، والاستفادة من التراكم المعرفي والمنهجي في مجال البحث المعجمي والدلالي. وقد سلكنا أيضا المنهج الوصفي التأليفي، حيث قمنا بجمع المتن اللغوي من المعاجم والكتب المتفرقة، إضافة إلى المقابلات الشفوية، ومساءلة سليقة الباحث. ثم عملنا -بعد ذلك- على وصفه، وتصنيفه، والتأليف بين نتائجه.
1) ملخص فصول الأطروحة
طالما أن الهدف من هذه الدراسة هو صناعة معجم موضوعاتي للغة الأمازيغية اعتمادا على نظرية الحقول الدلالية والمعجمية، فقد جعلنا الدراسة تتكون من بابين كبيرين: باب خاص بالإطار النظري، وباب خاص بالجانب التطبيقي.
وقد خصصنا الجانب النظري للإحاطة بمجمل الأدوات المعرفية الكفيلة بتيسير هذه العملية، ورسم خريطة طريق واضحة للوصول إلى الهدف المنشود. ومن ثمة جئنا به في ثلاثة فصول متكاملة: فصل أول لتحديد بعض المصطلحات والمفاهيم الأساسية في الدراسة المصطلحية على غرار المصطلح، والمصطلحية.. إضافة إلى إبراز بعض سبل توليد المصطلحات الأمازيغية (المجاز، والاشتقاق، والنقل...)، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على إعداد الأرضية المناسبة لإثراء البنية المصطلحية للغة الأمازيغية في مختلف المجالات المعرفية.
وفصل ثان للربط بين النظرية الحقلية والصناعة المعجمية عملنا فيه على الإحاطة بالنظرية الحقلية من حيث مفهومها، ومسلّماتها، وأهميتها،... وتحديد الخطوات المعتمدة في الصناعة المعجمية، مع التركيز والتفصيل في أهم الخدمات المعرفية والمنهجية التي تضعها نظرية الحقول الدلالية أمام صانعي المعاجم اللغوية.
وتناولنا في الفصل الثالث بعض الجوانب المتعلقة بالبحث المعجمي الأمازيغي، حتى نتمكن من وضع تصور عام عن الصناعة المعجمية الأمازيغية، ونبين موقع هذه الدراسة في سيرورة البحث في هذا المجال.
وفي الباب الثاني (الجانب التطبيقي)، جاء المعجم الذي رمنا صناعته في قسمين؛ قسم خاص بالحقول الدلالية والمعجمية في اللغة الأمازيغية الأم ، وشمل دراسة سبعة فصول أساسية (كل فصل هو حقل دلالي): حقل الإنسان: الجسم، الحواس، العلاقات (620 مداخل)، وحقل الإنسان: الصفات الإيجابية والسلبية (492 مدخلا)، وحقل الأدوات والأواني (331 مدخلا)، وحقل الملابس (135 مدخلا)، وحقل الألوان (82 مدخلا)، وحقل الزمن (229 مدخلا)، وحقل الحيوانات (592 مدخلا)، وحقل النبات (411 مدخلا). أي ما مجموعه (2891) مدخلا معجميا.
وخصص القسم الثاني لدراسة الحقول الدلالية والمعجمية في اللغة الأمازيغية المولدة «المعيار»، وتضمن دراسة عشرة فصول (حقول): حقل الدين (403)، وحقل اللسانيات (687 مدخلا)، وحقل العلوم التجريبية (1324 مدخلا)، وحقل الفلسفة (164 مدخلا)، وحقل التاريخ (212 مداخل)، وحقل الجغرافيا (565 مدخلا)، وحقل القانون (583 مدخلا)، وحقل الإدارة العمومية والتنظيمات السياسية والاجتماعية (587 مدخلا)، وحقل الاقتصاد (747 مدخلا)، وحقل الإعلاميات والتكنولوجيا الرقمية (196 مدخلا). أي ما مجموعه (5468) مدخلا معجميا. وبذلك يكون قد بلغ مجموع المداخل المستقصاة في جميع الحقول الدلالية: (8359) مدخلا معجميا.
2)منهجية الاشتغال
لقد ارتكزت المنهجية المعتمدة في بناء هذا المعجم على نظرية الحقول الدلالية والمعجمية، والمعالجة بتقنية الفوكابلات – الأصول والعجمات – الفروع؛ فجاءت المداخل المعجمية مرتبة حسب وظائفها القطاعية، وذلك بذكر المدخل الأمازيغي مرسوما بالعربية وب"تيفيناغ المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، وبالرسم اللاتيني، ومتبوعا بمقابله العربي في سياقه العام، أي ضمن نسيج لغوي منطقي لفكرة مختارة، مع توسيع نطاقه بذكر فعله أو جمعه، والتركيز على التقريب بين اللهجات الأمازيغية الثلاثة، باستثمار معجمها اللغوي المشترك.
ورتبت مفردات المعجم حسب الترتيب الألفبائي بصرف النظر عن «أل» التعريف، وبذلك يسهل على القارئ/الباحث أن يعثر فيه على ضالّته، ويعرف المقابل العربي لكلمات أمازيغية. كما يمكنه الوقوف على ما تعنيه كلمات أمازيغية في اللغة العربية (والعكس). ويؤتى كثيرا بالمقابل الفرنسي، توخيا للتوضيح، أمام بعض المداخل كأسماء الحيوانات والنباتات وبعض المصطلحات العلمية أو التقنية... وتنتهي أغلب المداخل المعجمية بالإحالة إلى مرادفاتها الموجودة في ثنايا كل مجال على حدة، وفي ذلك تقريب للمسافة بين التنوعات اللغوية الأمازيغية، وخطوة نحو توحيدها ومعيرتها.
وقد استلزمت طبيعة هذا المعجم الأمازيغي/العربي، ترجمة المداخل وبعض السياقات والتعابير الأمازيغية إلى العربية، مع مراعاة الطابع الخاص لهاتين اللغتين، وملاءمة المقابل العربي للكلمة الأمازيغية، وهو أمر دعا إلى ضرورة تصفية المرادفات الكثيرة، وانتقاء الأنسب والأقرب إلى الإنشاء الأمازيغي، على ما تطرحه عملية الترجمة من لغة إلى أخرى من إشكالات كثيرة على غرار كل الدراسات الفارقية. لا سيما أن اللغتين الأمازيغية والعربية تنتميان إلى ثقافتين مختلفتين، على الرغم مما جرى ويجري من احتكاك وتأثير وتأثر بينهما.
3) مراحل إنجاز الجانب التطبيقي
مرّت صناعة المعجم بثلاث مراحل أساسية:
§ المرحلة الأولى: جمع المتن اللغوي، وهو عدد كبير من المصطلحات والمفردات المرتبطة بمختلف الحقول الدلالية والمعجمية، وذلك باستقراء مجموعة من المعاجم والمصنفات اللغوية الأمازيغية المختلفة، وبالاعتماد على المقابلات الشفوية، ومساءلة سليقة الباحث باعتباره يتكلم إحدى التنوعات اللغوية الأمازيغية (الأطلسية الزيانية). وعن طريق عمليات التوليد المعجمي السابقة.
§ المرحلة الثانية: مراجعة مداخل المعجم قصد الفحص والتمحيص – مدخلا مدخلا – بالعودة إلى المعاجم الأمازيغية من جديد، بحثا واسترشادا، وللوقوف عند كثير من الصيغ الاسمية والفعلية، طبعا وتقويما، مع التركيز على مدى استجابتها لمعايير الانتقاء، من أصالة وانتشار جغرافي، وخلو من إيحاءات سلبية.
§ المرحلة الثالثة: تعريف المداخل المعجمية بالاستعانة بالمراجع الأمازيغية السابقة، وباستثمار آليات التعريف التي توفرها نظرية الحقول الدلالية والمعجمية، خاصة «المكون الدلالي المماثل»، دون إغفال إمكانات المعاجم عامة، والمعلومات الكثيرة والهامة التي توفرها الموسوعات المختلفة، الرقمية منها والمطبوعة، خصوصا معجم «المعاني» في نسخته على الشبكة العنكبوتية.
4) نتائج الدراسة
أ‌- النتائج الكيفية
لقد أثبتت هذه الدراسة أن:
- بين العامية المغربية وبين الأمازيغية صلة متينة وتداخل وتمازج كبيران. كما أن اللهجات الأمازيغية، بتنوعاتها المختلفة، متفاوتة التمرّس والاحتكاك باللغة العربية. وقد نتج عن ذلك تفاوتها في تبني الألفاظ العربية، وفي إماتتها للكلمات الأمازيغية الأصيلة، غير أن ذلك لا يمنع من إيجاد «جذر» في لهجة أُميتَ في اللهجات الأخرى، ولم يحافظ له فيها إلا على مشتقاته مفرّقة موزّعة.
- البيئة هي التي تفرض نمط العيش، وتكيف اللغة، وتوجه نموها، وتجعلها تخلق للفكر قوالبه، وتوحي إليه بتصورات تنطلق من واقع الحياة. ذلك الواقع الذي تتحكم فيه المحسوسات، وما لها من تأثير في علاقات الإنسان بالطبيعة والكون.
- تحوي الأعمال الأمازيغية السابقة في جميع صنوف الأدب واللغة كنوزا نفيسة، وفوائد جليلة. وما هذه الدراسة إلا محاولة أولية لاستخراج بعضا من هذه الكنوز، وانتفاع بمجهود عظيم بذله أسلافنا في خدمة لغة لم تحظ من الاهتمام بما حظيت به اللغات الأخرى.
- كثرة المترادفات الأمازيغية المقابلة للمفردة العربية الواحدة، في بعض الحالات، ظاهرة مشتركة بين جميع الحقول المعجمية المزدوجة، لأنه يتحتم وجودها في كل لغة استقرئت من اللهجات القبلية.
- اتساع الحقول وكثرة الألفاظ المترادفة أو المتقاربة دلاليا يؤكد أن الأمازيغ قد اعتنوا بجميع شؤون حياتهم سواء الشخصية أو العامة. وتقدم هذه الدراسة صورة واضحة للحضارة المادية السائدة بما حوته من عادات وتقاليد أمازيغية في جميع المجالات. كما يمكن أن تستشف منها معايير التطور الحضاري لديهم.
- هذا المعجم عبارة عن إضاءة خافتة يمكن أن تهدي إلى ثمرات عظيمة، فقد تقوم عليه دراسات مختلفة، خاصة وأن الألفاظ أكثر مما جمع الباحث. فلا يستطاع في بحث كهذا أن يغطيها، أو يلمّ بكل أبعادها. ويكون ما قد جمعه الباحث نواة لما سيأتي بعدها (دراسات أنثروبولسانية في الثقافة الأمازيغية، دراسة ميدانية على ألفاظ هذا المعجم لتطوير معطياته...)
- بين اللهجات والتنوعات اللغوية المحلية وحدة بنيوية رغم الاختلاف الناتج عن التباعد الجغرافي بين الجهات والقبائل، وهو ما يتمظهر على مستوى النطق أو الجرس أو اللكنة.
- اللغة الأمازيغية، كغيرها من اللغات الحية، تتقبل أي جديد علمي، سواء أكان منهجا أو نظرية أو تقنية خاصة. ولا أدلّ على ذلك تقبلها تطبيق نظرية الحقول الدلالية والمعجمية بكل مرونة ومطاوعة.
5) صعوبات إنجاز الدراسة
واجهتنا صعوبات جمة، ونحن نشتغل في هذه الدراسة، شأنها في ذلك شأن سائر الأبحاث الأكاديمية والميدانية.
· صعوبات الجانب التطبيقي
كانت هذه الصعوبات مرتبطة أساسا بحصر المتن اللغوي، وتنسيق مادته وترتيبها، نظرا لتعدد جوانبه، وتشعب امتداداته، وبسبب كثرة التنوعات اللغوية. وحيث يتعذر الشمول، فإنه مهما بُذل من المجهودات، ستبقى دون التطلعات، كما أن الاشتغال ب»نظرية الحقول الدلالية والمعجمية»، وتوخِّي محاولة معيرة اللغة الأمازيغية وتوحيدها جعل جانبا كبيرا من المداخل المعجمية غائبا بين دفتي هذا المعجم (غياب الكثير من المداخل التي لا تتداول إلا في مناطق جد محدودة). أضف إلى ذلك أن انفتاح موضوع الدراسة على كثير من التخصصات العلمية والتقنية استدعى الاستشارة والاتصال كل مرة بمختص في مجال معين، أو في حقل من الحقول المدروسة.
هذا علاوة على صعوبات أخرى مرتبطة بالنقل والترجمة وضبط المقابلات المعجمية بين العربية والأمازيغية، لاسيما فيما يخص أسماء النباتات والحيوانات والطيور والصخور، وما إلى ذلك من الألفاظ الدالة على المحسوسات. وذلك لسبب بسيط، هو أن المعاجم –العربية منها والمزدوجة- لا تفي بالمطلوب. أما أمهات المعاجم العربية، فعلى الرغم من غناها، وضفوّ شروحها، لا تخرج عن نطاق تعريف اللفظ باللفظ، وقد تكتفي عند ذكر الشيء بعبارة تفسيرية من نوع: «وهو معروف» أو «وهو يشبه كذا...»
كما أن كل لغة إلا وتعبر بشكل خاص عن معطيات محيطها، ولذلك فالمفردات ليست دائما متكافئة دلاليا، ولا تستجيب -في جميع الحالات- لأبعادها المعنوية (Les mêmes acceptions)، فأزمنة الفعل – مثلا- لا تتقابل بالضرورة في اللغتين؛ فيحدث أن يقوم الماضي الأمازيغي بوظيفة المضارع العربي من حيث دلالته على الزمن («ئڭن»: فعل ماض أمازيغي يقابله «ينام» في العربية، كما يقابل مدلولا بالجملة الاسمية: «إنه نائم»). وقد لا تتوافق المقابلة بين الفعل العربي والفعل الأمازيغي من حيث التعدية؛ إذ يمكن لأحدهما أن يتعدى بواسطة حرف من حروف المعاني، أو يتعديان معا بواسطة حرفين غير متناظرين، كأن يتعدى الفعل العربي ب «على»، والفعل الأمازيغي بما يقابل «عن».
ولا بد من التنبيه إلى أن هذا العمل لم يستنفذ لا مفردات العربية ولا مفردات الأمازيغية، رغم ما بُذِل في الجمع والربط والمقارنة من جهد. السبب في ذلك هو أن في اللغتين العربية والأمازيغية «حقولا دلالية مضطربة» يصعب تحديد معاني الألفاظ فيها بكيفية دقيقة.
6) التوصيات
وبالنسبة للتوصيات، فيمكن أن نقترح في هذا الإطار:
- ضرورة تكثيف مثل هذه الدراسات للوقوف على دقة اللغة الأمازيغية من حيث مفرداتها ومعانيها ودلالاتها المعجمية المختلفة. ونرجو أن يكون هذا العمل سببا في ميلاد دراسات معجمية جديدة تستجلي دقائق هذه اللغة وجوهرها الثمين.
- حث طلبة العلم على دراسة التراث الأمازيغي، إذ لا يستطيع جاحد أن ينكر مكانته الهامة في صياغة الذهنية المغربية على مر العصور.
- جعل الأولوية للبحوث التي تختص بالتصنيفات الدلالية للمساهمة في استغلال المعاجم الشاملة، وقصد بناء أنطولوجيا كاملة للغة الأمازيغية.
- إيجاد سُبُل التعاون مع الحاسوبيين، للوقوف على ما يمكن استخراجه من خبايا اللغة الأمازيغية وأسرارها ودررها.
- توحيد الجهود اللسانية الأمازيغية، والعمل على إنجاز موارد معجمية أمازيغية تتبناها هيئات خاصة. لأن مهما علا شأن الإنجاز الفردي، يبقى دائما دون الآمال المعقودة عليه. ولا يزن إلا وزنه الخفيف، ولا يعكس إلا شأنه الضعيف. وبتوحيد الجهود يمكن أن تنجز أعمال ضخمة وهائلة تليق بمقام اللغة الأمازيغية السامق، وعلو كعبها الشاهق.
- المعجم كنز لا يخبو نوره، ولا تنقضي عجائبه، فهو متجدد دلاليا ولغويا عبر الزمن. ويعلم الدارس للأمازيغية قيمته، ومنزلته الخطيرة بين علومها. لذا ينبغي تضافر الجهود لإنجاز مزيد من الدراسات اللغوية والتحليلية في هذا الإطار، والتي ينبغي أن تكون مدققة وذات طبيعة شمولية، وتنضوي تحت مفاهيم القاموسية الحديثة. وترمي في جوهرها إلى توحيد ومعيرة اللغة الأمازيغية.
- هذه الدراسة إشارة للمسؤولين السياسيين إلى ما سيلقيه عليهم التاريخ من التبعات بسبب إهمالهم صرحا شامخا من تراثنا الثقافي، وتعريضهم إياه للضياع المحقق، ودعوة صريحة إلى وضع اللغة الأمازيغية في صلب مخططات التنمية، خاصة وأن البشرية تحاول جاهدة -في السنوات الأخيرة- الحفاظ على التنوعين النباتي والحيواني، ولا تهتم بالحفاظ على التنوع اللغوي، ناسية أو متناسية أن اللغة، قبل كل شيء، عبارة منشأة ثقافية تتجلى في هندستها عبقرية شعب من الشعوب.
وأملي وطيد في أن يكون هذا المعجم مدخلا يلج منه كل باحث يرغب في الاطلاع على جانب من المعرفة يمثل حيزا مهما من التراث الأمازيغي. وعسى أن يكون ظهوره حافزا لكل باحث يرغب في تعلم لغة نطق بها طارق بن زياد، ويوسف بن تاشفين، ومحمد بن تومرت، ومحمد عبد الكريم الخطابي، وموحى اوحمو أزايّي... وغيرهم من الرجال الذين أعلوا شأن المغرب ورفعوا راية الإسلام عاليا. ولعلّ هذه الدراسة تكون خير معين لكل ملتفت إلى الأمازيغية يريد تعلم كلمات أخرى غير: «أغروم» و»أمان» (المغاربة غير العارفين للأمازيغية تقتصر معرفتهم للأمازيغية عادة على «أغروم»: الخبز و»أمان»: الماء وبعض المفردات القليلة الأخرى). خصوصا وأن من بين غاياتها تمتين الدعامات التي تأسست عليها الثقافة المغربية، والتعريف بأحد العناصر الجوهرية التي تكون القلب النابض لحضارتنا.
وهكذا لا ندعي لبحثنا الإلمام الشامل بمختلف جوانبه، فهو عمل أولي يحتاج إلى التكميل والتتميم وإلى مزيد من الإغناء. ومهما كانت درجة الحرص على إتقانه، والرغبة في تدقيقه، فإنه يظل كباقي الأعمال، ليس خِلْوا من الأخطاء، وكماله في نقصه، لأنه أقرب إلى المبادرة والابتكار منه إلى المضيّ على سنن معين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.