بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة (مصدر أمني)        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    الإيليزيه: الحكومة الفرنسية الجديدة ستُعلن مساء اليوم الإثنين    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    الناظور بدون أطباء القطاع العام لمدة ثلاثة أيام    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام        محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة        الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    الحلم الأوروبي يدفع شبابا للمخاطرة بحياتهم..    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    حقي بالقانون.. شنو هي جريمة الاتجار بالبشر؟ أنواعها والعقوبات المترتبة عنها؟ (فيديو)    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"        مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فصول أحداث الجامعات المغربية عام 2007 ومحاكمة الرأي الأمازيغي
نشر في خنيفرة أون لاين يوم 26 - 07 - 2016


إلى روح المناضل الراحل محند أمزيان السعيدي
شهدت الساحة الجامعية المغربية أحداثا عنيفة جمعت بين مكونات طلابية مختلفة، وهي أحداث عنف ليست وليدة اليوم، إذ مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات عرف الفضاء الجامعي اصطدامات عنيفة بين إيديولوجيتين شموليتين إطلاقيتين هما الإيديولوجيا العروبية المتسترة وراء قناع الماركسية اللينينية من جهة و بين إيديولوجيا الإسلام السياسي من جهة أخرى. في خضم هذا الصراع الدموي تشكل في أوساط الطلبة خطاب جديد نابع من عمق الشعب المغربي يدعو إلى تسييد قيم السلم والاختلاف، التسامح، الحوار، العقلانية، دينامية التصور، النسبية، العلمانية، التعايش والمقارعة الفكرية كسلاح وحيد لحل أزمة الحركة الطلابية، إنه خطاب الحركة الثقافية الأمازيغية التي دعت إلى توقيع ميثاق شرف طلابي مسؤول ضد العنف و الإقصاء. ونتيجة لموقفها الرافض للعنف تعرضت الحركة الثقافية الأمازيغية هي الأخرى لهجومات عنيفة في مختلف المواقع الجامعية (تازة، أكادير، إمتغرن وأمكناس ومراكش... .)، خاصة من طرف التيارات المتياسرة الرافضة للحوار. والعنف هذا ناتج عن تراكمات تاريخية معينة، لفكر إطلاقي إقصائي متعصب ومتبجح بالشرعية التاريخية الذي يسعى إلى احتكار المنظمة النقابية (أوطم) وخوصصتها وفرض الوصاية على الجماهير الطلابية. وهي كذلك، في نظر النشطاء الأمازيغ، مؤامرة مخزنية تستهدف ضرب الحركة الثقافية الأمازيغية ، لأنها دشنت لمرحلة الفعل الميداني وبلورت خطابا يفضح سياسة المخزن في تهميش المناطق الجبلية الأمازيغية . ودفاعا عن مبادئها تعرضت الحركة الثقافية الأمازيغية لحملة وطنية عنوانها إستئصال الفكر الأمازيغي من داخل الجامعة فكانت فصول الأحداث:
– موقع تازة (20 أبريل 2007)
في الوقت الذي كان فيه مناضلو MCA بصدد تخليد الذكرى السابعة والعشرين لثافسوت إيمازيغن (الربيع الأمازيغي)، التي تشكل حدثا تاريخيا في ذاكرة إيمازيغن، فوجئوا بميليشيات إرهابية(النهج الديمقراطي القاعدي ورقة 96 ) تنهال على الطلبة بالضرب والشتم بعبارات عنصرية، نتج عن ذلك إصابة سبعة من مناضلين أمازيغ، إصابة بعضهم خطيرة، في حين منع آخرون من الدخول إلى الجامعة قصد متابعة دروسهم بفعل مطاردتهم من طرف هذه العصابات بمعية قوى القمع البوليسية.
– موقع أكادير (فاتح ماي 2007)
ابتدأ مسلسل الأحداث من حلقية طلابية للنقاش، تحدث فيها أحد مناضلي MCA بالأمازيغية، فتم قمعه وشتمه من طرف الطلبة الجبهويون ووصلت بهم الكراهية والعنصرية إلى أن ينهالوا عليه بالضرب والرفس.
· وفي 2 ماي 2007، تم الهجوم على مناضلي MCA الذين كانوا يتابعون دروس الأعمال التوجيهية (TD) بكلية العلوم(جامعة ابن زهر) ، الحصيلة 4 جرحى في صفوفهم وزرع الرعب في الأوساط الطلابية.
· وفي 3 ماي 2007، تمت مداهمة بيوت مناضلي MCA من طرف عناصر القمع المخزني، نتج عنه اعتقال 30 مناضل في صفوفها ومصادرة كتبهم ووثائقهم والحواسيب التي كانت بحوزتهم، في الوقت الذي أقدم فيه الطلبة الجبهويون على حرق العلم الأمازيغي. وقد تعرض 5 منهم لتعذيب نفسي وجسدي
– موقع مكناس: 10 ماي 2007
يوم 10 ماي، قامت عناصر من فصيل النهج الديمقراطي القاعدي (البرنامج المرحلي بتحالف مع التحاق الشجعان ورقة 96) بالهجوم على مناضلي MCA في كلية العلوم( جامعة مولاي اسماعيل بمكناس) مدججين بكل أنواع الأسلحة البيضاء، مخلفين عدة إصابات في صفوف المناضلي الأمازيغ، مما أعطى الضوء الأخضر لقوى الأمن لتطويق الحرم الجامعي، وترصد خطوات مناضلي MCA بتواطؤ مكشوف مع تيار الطلبة القاعديين، في وقت فرض فيه الحصار على المناضلين الأمازيغ متأثرين بجروح بليغة الخطورة في منازلهم، كان مصطفى أساي من بينهم، وفي 15 ماي 2007، أقدم الفصيل الطلابي القاعدي على رسم العلم الأمازيغي إلى جانب العلم الإسرائلي بأحد الأبواب الداخلية لكلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بمكناس، بعد أن حاصر عناصره مختلف الطرق المؤدية إلى الكلية، مما أثار استياء بعض النشطاء الأمازيغ الذين احتجوا لدى عميد الكلية، ولم يتم مسح هذه الرسوم إلا بعد مرور يومين عن ذلك.
-أحداث الحي الجامعي بإمتغرن (12 ماي 2007):
على إثر شجار بسيط بين متعاطفين أحدهما من الحركة الثقافية الأمازيغية والآخر من التيار القاعدي وذلك على الساعة الخامسة مساءا، وكعادتها بادرت الحركة الثقافية الأمازيغية من أجل ضبط النفس وتهدئة الأوضاع وحل المشكل بعقلانية، رغم تهديدات القاعديين باستعمال العنف. وقد صدر آنذاك عن التيار القاعدي بيان يتهم فيه التيار الأمازيغي بنسف "معركة نقابية" بالحي الجامعي، قبل أن يصدر عن MCA إمتغرن بيان ينفي أي صراع حول قيادة معارك نقابية، داعية مختلف المكونات الطلابية إلى ضرورة تحقيق الوحدة النقابية في صفوف الجماهير الطلابية كشرط ضروري لإنجاح أية معركة نقابية.
و على الساعة التاسعة ليلا، هاجمت عناصر مسلحة من النهج الديمقراطي القاعدي، مصحوبة بعناصر غريبة عن الحي الجامعي، وهي تشهر مختلف أنواع الأسلحة البيضاء والعصي والهروات الطلبة الأمازيغ، حاملين مجموعة من الشعارات العنصرية من قبيل " قتلوا الشوفين..." بالحي الجامعي، ليطال الاعتداء أجساد مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية وبعض الطلبة غير المنتمين لأي فصيل أو مكون طلابي نقل بعضهم فورا إلى المستشفى.لفظ الطالب عبد الرحمان الحسناوي أنفاسه في ظروف غامضة، سيما وأن الضحية وجد أمام الجناح 1 وهو من الخطوط الخلفية للهجوم، وأن بعض الطلبة أدلوا بشهاداتهم تفيد أن القاعديين الذين هاجموا خصومهم الأمازيغ، كانوا يقومون بإرجاع الفارين بقوة و يجبرونهم على مواصلة الهجوم على الطلبة الأمازيغ و يرددون "ارجعوا ضربوا الشوفين". وتشير بعض القرائن عن وجود خلافات شخصية قديمة بين بعض عناصر التيار القاعدي بالموقع، تعود الى مواجهة سابقة مع الإسلاميين، حيث اتهم بعضهم بعضا بالخيانة و الهروب خوفا من المواجهة. وقد نتج عن هذا الهجوم إصابات بالغة الخطورة استدعت العلاج الفوري.... و في المستشفى فوجئ الطلبة الجرحى بحراسة أمنية مشددة، ليتم نقلهم بعد ذلك إلى مخفر الشرطة، وقامت باعتقالهم وإصدار مذكرة بحث في حق آخرين. وهكذا قضت المحكمة بحبس سليمان أوعلي وامحمد سكو بثلاث سنوات والحكم على آخرين بما قضوا، وتواصلت اعتقالات مناضلي الحركة الأمازيغية موقع الراشيدية سنوات بعد ذلك، على خلفية هذا الحدث.
إلى ذلك وقد سبق وأن شن الطلبة القاعديون هجوما مماثلا يوم 23/12/2003 بمقصف الحي الجامعي استهدفت 6 طلبة أمازيغ أصيبوا إصابات بليغة بدون متابعات قضائية لمرتكبي ذلك الفعل الإجرامي.
أحداث مكناس (22 ماي 2007) وسيناريوهات المحاكمة
تعود وقائع النازلة إلى يوم 22 ماي 2007، حيث جاء في محضر الضابطة القضائية أنه على إثر إبلاغها بوقوع اصطدام بين عدة أشخاص أفضى إلى إصابة الطالب محمد الطاهر ساسيوي بجروح نقل على إثرها إلى المستشفى حتى لفظ أنفاسه . وأن الضابطة القضائية، إثر تلقيها الخبر، انتقلت إلى عين المكان وبعد عملية تمشيط دقيقة ألقت القبض في عين المكان على أشخاص يحملون أسلحة بيضاء وهم مصطفى الزمزمى وخالد الماحي اينو حفيظ بن حساين موسى ايقوراشن. وأن هؤلاء الأشخاص تبين أن لهم علاقة بالجريمة ماداموا ضبطوا في عين المكان ويحملون أسلحة وبالخصوص أنهم حاولوا الفرار حين رؤيتهم للشرطة .وأن الضابطة وبعد البحث مع هؤلاء والإستماع إلى كل الأطراف الملقى عليهم القبض في عين المكان وإجراءات البحث والتفتيش وعلى ضوء حالة التلبس لم يجد أحد هؤلاء سوى إبعاد التهمة عنهم وإلصاقها بالغير وذلك حين أوضح للضابطة أنه يتواجد بعين المكان للإنتقام ممن تسبب في الإعتداء على صديقه المصاب . وقد أوضح أمام الضابطة أن الأمر يتعلق بتصفية حساب بين فصيل ينتمي إلى النهج الديمقراطي القاعدي والحركة الثقافية الأمازيغية .وأن اختلافه لهذه الرواية كان الغرض منه إبعاد التهمة عنه وعن رفاقه وتوجيهها ضد الغير رغم أنه ضبط في عين المكان ويحمل سلاحا عبارة عن ساطور . وأن الضابطة القضائية سايرت هذا المصرح في روايته ووجهت البحث في غير طريقه الصحيح، تقول مذكرة إعادة النظر التي تقدم بها الأستاذ محمد السرغيني للمجلس الأعلى للقضاء .
وهكذا وبإرشاد من المتهم وهو المسمى الزمزمي مصطفى اقتحمت الشرطة المنزل رقم 73 في حي الزيتون بمكناس وألقت القبض على مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية مع عدة أصدقاء وقامت باعتقال الجميع ويصل عددهم 17 طالب.
وبعد بحث دقيق لم تحترم فيه الشرطة الضوابط القانونية، حيث مورس الضغط والعنف والإكراه ضد الموقوفين احتفظت الشرطة بعشرة منهم أحيلوا على الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمكناس .
وقد وجهت لهؤلاء الطلبة العشر تهمة "تكوين عصابة إجرامية ، القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والإنضمام إلى عصابة إجرامية" . وهي الوقائع والتهم التي تشبثوا بإنكارهم لها مؤكدين أن لا علم لهم بالنازلة ونفوا هاته الجرائم سواء ابتدائيا أو تفصيليا أمام قاضي التحقيق . وقد استعانت الضابطة القضائية بامرأة ذات سوابق عدلية للإدلاء بشهادة تدين المعتقلين، لكن سرعان ما تراجعت عن أقوالها أمام المحكمة .
وبعدما جدد المتهمون الإنكار وبعد المرافعات والمداولة أصدرت المحكمة الجنائية الابتدائية قرارها في النازلة القاضي بإدانة كلا من حميد أعظوش ومصطفى أساي "من أجل الضرب والجرح المؤدي إلى الموت دون نية إحداثه" والحكم عليهما بإثنى عشر سنة سجنا نافذا وقضت بإدانة الباقي سنة حبسا نافذة مع أداء المعتقلين تعويضا للطرف المدني مبلغه 160.000 درهم .
وبعد مرافعات الأستاذين منير بن الأخضر وخديجة حيزوني، أصدرت محكمة الاستئناف الجنائية قرارها في النازلة وذلك بقبول الاستئناف شكلا وفي الجوهر بتأييد القرار المستأنف مع تخفيض العقوبة في حق المعتقلين إلى عشر سنوات وتحفيض التعويض إلى مائة ألف درهم . وهو قرار موضوع الملف الجنائي عدد : 434/08 الصادر الحكم فيه بتاريخ 25 نونبر 2009. ونظرا لعدم ارتكاز هذا القرار الاستئنافي على أي أساس، فقد تقدم المعتقلين بطلب نقضه موضحين في عريضة النقض كل الاختلالات القانونية التي شابت القرار المطعون فيه شكلا وجوهرا. قبل المجلس الأعلى الطلب شكلا إلا أنه أصدر قرارا قضى برفضه جوهرا. وهو قرار موضوع ملف النقض 2687/2010 و 2688/2010 الصادر بتاريخ 2/12/2010 بعد ضم الملفين للإرتباط . وللإشارة فقد تخلف معظم المحامين عن مؤازرة المعتقلين حميد أعظوش ومصطفى أساي.
يقول مصطفى أساي، في كتابه" الطريق إلى تمازغا..مذكرات معتقل رأي أمازيغي":" في تلك الليلة الحالكة، ليلة 22 ماي 2007، اقتحم البوليس بزيه المدني شقتنا، واعتقلوا جميع من كان حاضرا في تلك اللحظة.. كنا سبعة عشر طالبا من الحركة الثقافية الأمازيغية، بعضنا يسكن بذلك المنزل، فيما البعض الآخر، كان هناك محض زيارة روتينية عادية ، أو من أجل التعاون في صدد التحضير للامتحانات.. تمت مصادرة كل ما له علاقة بالحركة الثقافية الأمازيغية، من أقراص مدمجة و كتب و حواسيب و صور و لافتات مطبوعة و كل البيانات و الوثائق التي حررتها أجيال الحركة منذ تأسيسها .. صيد ثمين وغنائم وافرة بالنسبة لأجهزة البوليس .. كان من الواضح أنهم على علم مسبق بوجود الأرشيف في تلك الشقة دون سواها من الشقق التي كان الطلبة الأمازيغيون القادمون من مناطق نائية يستأجرونها للسكن .. أخذوا منا أرشيفنا و كل ما نملك، ورموا بنا في الزنازن.. تناوب الضباط على تعذيبنا و على رأسهم المدعو "أوراغ عمر" من أجل انتزاع اعترافات واهية، و الإقرار بجرم يعرفون أكثر من غيرهم أنه ملفق و مطبوخ .. تناوبوا على تعذيب طلبة في مقتبل العمر، كنت بالكاد جاوزت العشرين من عمري حينها، ببنية جسدية ضعيفة، و نفس ثائرة حساسة، حتى ليؤلمني رؤية ذبيحة العيد و هي تنحر، فكان أبي يتكفل بكل شيء..و جاءت التهمة، مع ذلك، بثقل قتل نفس بشرية ..
في مخافر الشرطة، تناوبت على استنطاقنا و تعذيبنا فرق عديدة لكل واحدة مهمتها، الأولى مختصة بحراستنا و منعنا من التحدث مع بعضنا مطلقا، مع الحرص على حرماننا من النوم مدة ثلاثة أيام، الثانية مهمتها جلدنا بعصي غليظة مع مكملات من قبيل الركل و البصق و الشتم و التحقير بكل كلمة ممكنة .. (أكتب هذا الآن و يؤلمني تذكر ذلك الضرب الوحشي لحد لا أستطيع معه التعبير) ..".
ويضيف مصطفى أساي، أنه اضطرا إلى التوقيع على محضر لم يتبين محتواه إلا أثناء المحاكمة إذ تضمن تصريحات لا علاقة له بها ولم يطلع على فحواها قبل التوقيع . وأن كل أنواع الضغط والتعذيب التي مورست ضده لم تسفر عن أية نتيجة، إلا بعد أن هدده الكوميسير عمر أوراغ بالاغتصاب بقارورة زجاجية.."امتنعت عن التوقيع فأخذوني إلى مكتب مهجور، و أحضروا سطل ماء قذر و قاموا بغطس وجهي فيه ممسكين بشعري حد الإحساس بالغرق.. كرروا فعل ذلك لما لا أتذكر عدده من المرات.. و لما اقتنعوا بأن ذلك لن يجدي .. جردني المدعو" عمر أوراغ" من ملابسي و أحضر قنينة ليباشر ما هدد به من اغتصاب.. لم يكن أمامي سوى توقيع المحضر.." . وأنه أدلى بذلك خلال التحقيق ابتدائيا وتفصيليا و جددا هذا الإنكار أمام المحكمة الجنائية ابتدائيا واستئنافيا، إلا ان المحكمة لم تأخذ بهذا التصريح .
التشريح الطبي للضحية بين أن الوفاة نتيجة نزيف نتيجة جرح واحد وليس عدة جروح ،ما كان على المحكمة البحث في الشخص الذي قام بالاعتداء وأن هذا الاعتداء هو المتسبب في الوفاة، ولا يمكن متابعة شخصين لنفس الفعل الواحد . ما دفع بالمحكمة الجنائية ومن بعدها محكمة النقض كما هو واضح في القرار المطعون فيه حين تكلم في تعليل قراره فأوضح بتفصيل ماقام به المتهم مصطفى أساي ليعود القرار ويؤكد أن ما قيل على المتهم أساي ينطبق على زميله حميد أعطوش . ناسيا أن هذا القياس لا يمكن الأخذ به في القرارات والأحكام وأن المسؤولية الجنائية مسؤولية فردية وشخصية .
وبواسطة مذكرة النقض، أكد الأستاذ محمد السرغيني أن المحكمة كونت قناعتها على وثائق وحجج لم تعرض أمامها كما ينص على ذلك الفصل 287 من قانون المسطرة الجنائية .وحيث أن الثابت أن الأستاذ منير بن الأخضر أثار أمام المحكمة تناقض تقرير الخبراء وأكد في المذكرة الاستئنافية أمام المحكمة على ضرورة استدعاء الخبير لشرح تقريره وأن الطعن جاء لتوقيع ما غمض في التقرير .ذلك أن تقرير الحامض النووي لم يؤكد أن وقع إثبات وجود عينات من دم أو لعاب العارض على أشياء ترجع إلى الضحية ، بل إن الخبرة أكدت أن ما وجد بحاجيات مصطفى أساي تعود له ولا علاقة لها بأشياء أو حاجيات الضحية وأنه لا ارتباط بين تقرير الخبرة وبين ثبوت الجريمة على كل من حميد أعظوش ومصطفى أساي .وأنه كان لزاما وخصوصا بعد تقديم ترجمة حقيقية لتقرير الخبير ضرورة إحضاره للاستماع إلى شرحه للتقرير . وأن المحكمة لا دراية لها بالحامض النووي ونتائجه . وأن دفاع المعتقلين تمسك باستدعاء الخبير ولم تجب المحكمة .وأن هذا الإجراء كان على المحكمة إثارته في ذاتها وأن المحكمة لم تجب على الطلب وبالتالي كان القرار معيبا . وأن المؤكد كذلك أن دفاع المعتقلين أثار خرق الفصل 287 من قانون المسطرة الجنائية الذي يلزم المحكمة أن تكون قناعتها على ما يروج أمامها ويناقش حضوريا كذلك بالجلسة .
يقول أساي مصطفى " شاء المخزن أن أسجن، أن يتم إقباري دون موجب قانوني، تم سبك الملف و فبركة القضية على مقاس ما أرادته الضابطة القضائية، بل ما أرادته الجهات الخفية التي كان مسعاها إقبار أي تصور يدعو للوعي بالذات الأمازيغية و الهوية العميقة لهذا الوطن الذي تكالب عليه الغزو عبر التاريخ...". مضيفا " نعتنا بلهجة عنصرية مقيتة، بنعوت من قبيل القذارة وأبناء العاهرات (الشلوح الخانزين ولاد الشيخات).. أحضروا صورا لم تكن ضمن تلك المحجوزة في أرشيفنا، تكفلت أعينهم بالتقاطها لنا في بعض نشاطاتنا خارج أسوار الجامعة، وواجهونا بتهم سياسية صريحة من قبيل السعي إلى الفتنة، و تقسيم البلاد..".
وعن خلفيات الاعتقال والمحاكمة ، أوضح مصطفى أساي أنه، كباقي زملائه، كان شابا وافر النشاط، متقد الحماس، لم يفوت فرصة ليناصر قضيته الأمازيغية، بكل الطرق السلمية المتاحة، و لم يكن ثمة أمامه ما قد يثنيه أو يكسر عزيمته ..كان يعرف أنه مراقب و لم يكن ذلك يعني له أكثر من أن ثمة من يهدر طاقته في مراقبته .. لأنه لا يشتغل في السر، و لا ينتهج أساليب ملتوية في النضال، لا يجنح للعنف، وسجل حياته نظيف، لكنه حر، و يعبر عن رأيه بكل جرأة، و لا يحسب حسابا لمن تزعجه جرأته. قبل أن يتذكر أنه قبل أشهر من اعتقاله، "و بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة ، قامت جمعية "أسيد " بمدينة مكناس بتنظيم نشاط حضره والي جهة مكناس تافيلالت حينها السيد حسن أوريد ، و فعاليات أمازيغية مختلفة، كما حضرته رفقة ثلة من زملائي من طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية، و على منصة القاعة وضع العلم المغربي الأحمر إلى جانب العلم الأمازيغي، علم الهوية الأمازيغية لشمال إفريقيا، و بينما كنا نتابع نشاط إحدى الفرق بكل هدوء، قام شخص من تلك الفرقة بوضع العلم المغربي الأحمر فوق العلم الأمازيغي بشكل مستفز، مرسلا رسالة مشفرة مفادها دعوة لطمس الهوية الأمازيغية .. أزعجني ذلك التصرف، مثلي مثل آخرين في القاعة ، فقمت إلى المنصة، و أخذت علما أمازيغيا ثالثا ووضعته فوق العلم الأحمر جوابا فوريا على من قام بذلك، ما فعلته أثار حفيظة المنظمين لذلك النشاط، و عرفت بأنه سيثير أكثر من ذلك، غضب الأجهزة المنبثة عيونهم في كل مكان يتواجد به طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية.. كان مغزى حركتي تلك أن لا أحد يزايد على الأمازيغ في وطنيتهم و تفانيهم من أجل هذا الوطن الذي سقوا تربته بدمائهم الزكية .. إنما هويتنا الأمازيغية الجامعة التي تتجاوز الحدود الوهمية بين أوطان شعوب شمال إفريقيا غير قابلة للطمس أو التجاوز.. و من يريد العبث بها، و لو بتصرف من ذلك القبيل، يحصل على الجواب في الحين.. كان أي واحد من زملائي الحاضرين في القاعة ليقوم برد الفعل ذاك الذي قمت به.. لكن بما أنني قمت به فلا شك أنه أضاف شيئا ما إلى السجل بين أيدي مترصدي تحركاتي ..". ما يعني أن المحاكمة كانت محاكة رأي أمازيغي بامتياز.
فمتى تنكشف الحقيقة، ويعاد الاعتبار لمعتقلي الرأي الأمازيغي حميد أعظوش ومصطفى أساي، اللذين قضوا تسع سنوات وراء أسوار سجون مكناس؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.