2- النقد العلمي-التاريخي للقرآن: هل من مجال !؟ 2-1- آيات الخلق : تأويلات وتفسيرات ودعوة للتدبر. يحدثنا القرآن الكريم في عدة آيات قرآنية فريدة عن مسألة بداية الخلق و طريقة التكوين (الإنسان أساسا)، و عن أسرار نشأة الحياة على هذه الأرض ، ويدعونا غير ما مرة إلى النظر في هذا الكون و التفكير فيه باستخدام العقل، وعقلنة تصريف سائر شؤون البشر؛ يقول تعالى في سورة العنكبوت: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الخلق} "الآية 20". وطالما أن صاحبنا "المتعالم" أبى إلا أن يشكك في المادة الترابية كأصل لنشأة الإنسان، وإيمانا منا بالقيمة النوعية المضافة التي تقدمها لنا التفاسير الرائدة والمشهورة (وهي كلها قابلة للنقد والتصحيح)، في الوصول إلى فهم تقريبي غير حاسم للقرآن ككل، و لبعض من قضاياه على وجه الخصوص -وذلك طبعا في حدود السياق الفكري و العلمي النسبي لأصحابها-، فإنه لا ضير من الاستئناس ببعضها، وليس الهدف من هذا هو الإقناع في إطار الإيديولوجية الدعوية ، كلا، وإنما الهدف هو نشر المعرفة الدينية (علاوة على المعرفة العلمية) لدى القارئ لتمكينه من تكوين نظرة أكسيومية (شمولية) حول الموضوع ككل، في اتجاه تبني رأي شخصي موضوعي مستقر وناضج حول العلاقة بين الدين و العلم. ومن جملة الأمور التي تسترعي انتباهنا و نحن نتفحص الذكر الحكيم، تعدد الألفاظ والمفرادات واختلاف الأسماء والمصطلحات التي يتم من خلالها التعبير عن المادة التي خَلق الله منها الإنسان، والجدول التالي يبين هذه الكلمات، ومواقعها على مستوى الآيات والسور: ونمثل لكل مفردة بآية من آي القرآن الحكيم: الأرض: يقول تعالى : "هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم") النجم 32). التراب: يقول تعالى :"إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون") آل عمران 59).. جاء في المعجم الوسيط: التراب: ما نعم من أديم الأرض، والتربة: جزء الأرض السطحي الصالح لأن يكون مهداً للنبات، وجاء في لسان العرب: تربة الأرض: طاهرها. الطين: يقول تعالى: "فاستفتهم أهم أشد خلقاً أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب") الصافات 11). ويقول أيضاً: "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين") المؤمنون 12).. جاء في المعجم الوسيط: الطين: التراب المختلط بالماء، وقد يسمى بذلك وإن زالت عنه رطوبة الماء، وجاء في لسان العرب: الطين: الوحل، والطين اللازب: الطين اللزج أو اللاصق، أما قوله تعالى: "سلالة من طين "، فقيل: استُل آدم من طين فسمي سلالة. الصلصال: يقول تعالى في سورة الرحمن(الآية 14: ("خلق الإنسان من صلصال كالفخار".. والصلصال كما جاء في لسان العرب: هو الطين اليابس الذي يصل من يبسه ، وجاء أيضاً: الصلصال من الطين ما لم يُجعل خزفاً، وقيل: الصلصال هو الطين الحر الذي خُلط برمل فصار يتصلصل إذا جف، فإذا طبخ بالنار فهو الفخار. الحمأ: جاء في سورة الحجر (الآية 26) قوله تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون".. جاء في مادة الحمأ: الحمأ هو الطين الأسود المنتن، وجاء في مادة سنن: المسنون: المصور، أو المملس أو المنتن، وقوله تعالى: "من حمأ مسنون": قيل إنه يعني : متغير منتن، وقيل أيضا : هو الرطب، وقيل كذلك : المسنون المصوب، ويقال: المسنون: المصبوب على صورة ما، وسننتُ التراب أي صببته صباً سهلاً. فكيف تعامل المفكرون والمفسرون مع هذا التعدد في المفردات؟