نفذت صباح يوم الجمعة 21 يونيو 2013 جمعيات من المجتمع المدني بخنيفرة وفي مقدمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وقفة احتجاجية استجابة لنداء أربعة أبناء يسعى والدهم لتشريدهم عن طريق استصداره لحكم قضائي قضى بإفراغهم من المنزل الذي يسكنونه والذي يوجد في ملكيته، وردا على الاعتقال التعسفي للأبناء الكبار وأعمارهم على التوالي 23 سنة و21 سنة و 19 سنة، هذا الاعتقال الذي كانت البنت البكر أمينة فطان تحت طائلته وتحت الحراسة النظرية بالمستشفى الإقليمي بخنيفرة، بعد أن أصيبت بانهيار بدني وعصبي نفسي بعد الموقف غير المسؤول تماما للأب ولجهاز القضاء. وتعود هذه القضية إلى الطلاق الذي حصل بين الأب المذكور وأم الأطفال وعددهم أربعة والذي أدى إلى محاولة الأب الانتقام بتشريد أبنائه في واقعة غريبة اندهش لها الرأي العام، وبدأت فصولها في 18 أبريل الماضي عندما تم إحضار السلطات العمومية لتنفيذ الإفراغ، لكن محاولة الأبناء الانتحار ومساندة الشارع والمجمتع المدني لهم أدى إلى التراجع إلى غاية يوم 19 يونيو 2013 حيث حضرت ذات السلطات مدعمة بأعوان قضائيين وبباشا المدينة ومجموعة من عناصر السلطة، وعرفت محاولة التنفيذ تنديدا واسعا من قبل جمعيات مدنية وأفراد متضامنين وتم التراجع الفوري عنها بمجرد تطور الأمور، وهو ما لم يستسغه الأب حيث قطع أوراق الحكم أمام الملأ وبدأ في الصراخ ورمى بها في وجه الجمعيات التي تضامنت مع أبنائه دفاعا عن حقهم المشروع في السكن، وهم الذين توجد بينهم صغيرة لا يتجاوز عمرها 12 سنة. الوقفة المنددة بالقرار التعسفي واللاإنساني الصادر عن جهاز يعتبر المسؤول الأول عن حماية هؤلاء الأطفال من التشرد قبل أي كان عرفت حضورا وتضامنا كبيرين امتزجا بشعارات من بينها " هذا عيب هذا عار الأطفال في خطر" و " الحرية لأمينة الحرية الفورية" و " الأطفال شردتهوم المجرمون حميتوهوم" و " يا وكيل يا مسؤول هادشي ماشي معقول" و " هذا مغرب التدمير ماشي مغرب التغيير" الجماهير شوفي مزيان في هي حقوق الإنسان" و " المجرمون في النعيم الأطفال في الجحيم" حقوقي دم في عروقي سأنتزعها ولو أعدموني" إلى غيرها من الشعارات الأخرى التي صدحت بها حناجر الجماهير المتضامنة في واقعة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مأساة بالفعل. وقد أحاطت كلمة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تم إلقاؤها بمناسبة التضامن المجتعي مع قضية الأبناء المعنيين بمجمل تفاصيل القضية، وعرجت على مجموعة من المراحل التي عرفها التفاوض مع الأب المعني، والتي كانت من أجل منح الأبناء دورا من المنزل الكائن ب 21 بحي فايزة، هذا الطلب الذي تنازل فيه الأبناء إلى حدود دنيا عندما طالبوا فقط باستغلال "كراج" يوجد في الدور الأسفل للمنزل كسكن، على أن لا يرتموا في مخالب التشرد، لكن رعونة الأب أدت به إلى ازدراء مكتب الجمعية واعتباره ساذجا وهو يقدم حلا مشبوها يتمثل بقبول قرار الإفراغ على أساس أن يقوم ببناء منزل لأطفاله في مكان آخر، لكنه لم يفلح في الأمر فمر إلى مرحلة أخرى أكثر تحايلا من الأولى، وهو يقدم حلا عبارة عن قبول قرار الإفراغ مقابل انتقال الأطفال إلى منزل تبين أنه في ملكية أخته وعمة الأطفال، وهو منزل كائن بحي أساكا بوازو وتوجد في ظهره مطحنة وهو مكان مهدد بالفيضانات، والأخطر من كل هذا هو توجه الأب في إطار الإخلاء التام بالواجب الموجود على عاتقه، لأن القبول بهذا الحل هو حتما قبول بالإفراغ وبنتائج الحل الذي هو في الحقيقة نقطة ستسهل عليه إفراغهم مجددا من ملك لا يعود له. كما أشارت كلمة الجمعية إلى ضرورة تحمل وكيل الملك والقضاء مسؤوليتهما بخصوص هذا القرار القاضي بتشريد الأطفال دون موجب حق، مذكرة أيضا بالخروقات التي تشوب هذا الحكم والذي هو حكم ممنوح للأب اعتبارا لموقعه داخل المحكمة كخبير للنجارة بالمصلحة، وقد زكى هذه المعلومة إقدامه أمام الملأ يوم 19 يونيو 2013 على إجهاره وإعلانه لما رن هاتفه أن الوكيل هو من يهاتفه في تلك اللحظة بالذات، والأدهى من كل هذا هو إقدامه على تقطيع مقررات الحكم التي كانت بحوزته ورميها في وجه الحضور وبمعاينة من كل السلطات الحاضرة دون اعتبار لرمزية تلك المقررات بتاتا، ولم يفت الجمعية أن تذكر أنها ستتابع الملف عن كثب مع جمعيات المجتع المدني المتضامنة. وبعد الانتهاء من الوقفة الاحتجاجية تم إطلاق سراح الطالبة الجامعية أمينة فطان بالسنة الثانية اقتصاد، وهي البنت البكر للأسرة بعد أن كانت تحت الحراسة النظرية بالمستشفى الإقليمي، وذلك إثر تحميل المتضامنين مع الأبناء المسؤولية لجهاز القضاء بخصوص المسار الدراسي للطالبة، وقد كانت كلمة البنت الأصغر أكثر تعبيرا عن المأساة وهي تناشد كل القوى الحية مساندتها وإخوتها في محنتهم التي اندهش لها الجميع.