كشف تقرير "الثقة وجودة المؤسسات" الذي أنجزه المعهد المغربي لتحليل السياسات، وهو مركز بحثي مستقلّ تأسّس حديثاً، أن المغاربة غير راضين عن الاتجاه العام للبلاد، حيث عبّر 69 بالمائة من الذين شملهم البحث، عن قلقهم إزاء الاتجاه العام للبلاد. وأوضح المعهد في تفسيره لهذا المعطى أنه يكشف عن درجة عالية من الشك والقلق لدى المغاربة في ما يتعلق بالمستقبل. وقالت نصف العينة التي شملها البحث، إنها غير راضية عن الوضع الاقتصادي، كما يرى حوالي 74 في المائة من المغاربة أن جهود الحكومة في محاربة الفساد ليست فعّالة، وفي نفس الوقت تُعتبر منظمات المجتمع المدني أكثر المؤسسات الموثوق بها في المغرب. وبشأن قياس مستوى الثقة في المؤسسات، قال المؤشر الذي تم تقديم نتائجه في ندوة صحافية نظمت مساء أمس الثلاثاء، إن المغاربة لديهم إحساس عدم ثقة مرتفع في المؤسسات المنتخبة. وفي حالة الأحزاب السياسية، عبّر حوالي 69 بالمائة من المغاربة عن أنهم لا يثقون في أي من الأحزاب السياسية، في حين يثق 25 بالمائة فقط بالنقابات العمالية، فيما تصل الثقة بالحكومة إلى حوالي 23 بالمائة. وأكدت الدراسة ضعف ثقة المغاربة في برلمانهم، حيث قالت إن 32.7% فقط من المستطلعين أعلنوا ثقتهم في البرلمان، بينما لا يثق باقي المغاربة (67 بالمائة) في هذه المؤسسة. كما كشفت الدراسة أن أكثر من نصف المغاربة لا يعرفون دور البرلمان، وحتى عندما يعلمون، فهم ليسوا متأكدين على وجه الدقة من جميع صلاحياته وأدواره. وتضمن التقرير النهائي للدراسة أمثلة، منها عندما طلب معدوه من الذين شملهم البحث، تسمية رئيسَي المجلسين (البرلمان والمستشارين)، حيث استطاع حوالي 10 بالمائة فقط منهم الإجابة عن السؤال. وعندما طُلب منهم تسمية عضو برلماني واحد، استطاع 25 بالمائة فقط الإجابة عن هذا السؤال. وفي مقابل عدم ثقة المغاربة بمؤسساتهم السياسية المنتخبة، تتمتع المؤسسات السيادية غير المنتخبة بمعدلات ثقة أعلى بكثير. وكشف التقرير أن كلاً من الشرطة والجيش يتمتعان بأعلى معدلات الثقة في أعين المغاربة. ويبلغ مستوى الثقة 78 بالمائة بالشرطة، و83.3 بالمائة بالقوات المسلحة (الجيش)، لتنخفض مستويات الثقة نسبياً بالنسبة للقضاء، حيث تصل النسبة إلى حوالي 41 بالمائة. أما مستويات الثقة في مؤسسات التعليم والخدمات الصحية، فكشفت الدراسة وجود فرق بين القطاعين العمومي والخصوصي، حيث يتمتع القطاع الخاص عموماً بمستويات أعلى من الثقة في كلتا الحالتين. وتبلغ الثقة في التعليم العمومي حوالي 48 بالمائة، في حين يثق 83.2 بالمائة بالمدارس الخاصة. وتم تسجيل الملاحظة نفسها في القطاع الصحي، على الرغم من أن الثقة في هذا القطاع بشكل عام ليست عالية، حيث يثق 24 بالمائة فقط من المستطلعين بقطاع الصحة العمومي، في حين يثق 73 بالمائة بالقطاع الخاص. اجتماعياً، قال التقرير إن المغاربة يثقون أولاً وقبل كل شيء بأسرهم، كما في آبائهم وإخوتهم. وأكد التقرير استمرار الأسرة كمؤسسة اجتماعية تحظى بأعلى نسبة ثقة لدى المغاربة، بحوالي 95.2 بالمائة من المغاربة الذين عبّروا عن أنهم يثقون في الأسرة، إما بشكلٍ كبير أو متوسط. وعند توسيع النطاق ليشمل العائلة الممتدة، تنخفض الثقة نسبياً إلى 77.2 بالمائة، وهذا يعني، حسب معدي التقرير، أن الثقة العالية في الأسرة الممتدة ليست بنفس قوة ثقة الأسرة الصغيرة. وأكد التقرير بشكل عام، أن المغاربة لا يثقون بعضهم ببعض، حيث يعتقد 45 بالمائة من الذين شملهم البحث أن الناس لا يثقون في بعضهم البعض، كما عبّر 42.9 في المائة عن أنهم لا يثقون بباقي المغاربة. علاوة على ذلك، لا يثق المغاربة في الغرباء، بمن فيهم الجيران، كما لا يثقون كثيراً في الأشخاص الذين يتم الالتقاء بهم للمرة الأولى، حيث لم تتجاوز النسبة حوالي 19.4 بالمائة. في نفس السياق، لا ينظر الذين شملهم البحث إلى الأشخاص من ديانات أو جنسيات أخرى على أنهم جديرون بالثقة، حيث وصلت نسبة الذين عبّروا عن ثقتهم في هذه الفئات إلى حوالي 25 بالمائة.