تشهد اغلب المستشفيات العمومية بمدينة مراكش اكتظاظا مهولا، الامر الذي يؤثر على سير العمل بها، ويجعل العديد من المواطنين يتوجهون الى المصحات الطبية الخصوصية، بحثا عن جودة أضحت مفقودة بمؤسسات الدولة، قبل ان يصطدموا بان العديد من المصحات الطبية الخصوصية لا تحترم الميثاق الأخلاقي لمهنة مزاولة الطب، وتهتم بشكل كبير بمراكمة الأرباح المادية دون أن تتوفر على الحد الأدنى من الشروط والمعايير التي تضمن السلامة الصحية لزبنائها . وقد وجد أبناء احدى السيدات أنفسهم امام القضاء حين احتجوا على صاحب مصحة طبية خصوصية بمراكش، الذي طالبهم بتسديد فاتورة الاستشفاء قبل ان يسلمهم جثة الام ، الامر الذي اعتبروه تحايلا و ابتزازا وطالبوه بإرجاع المبالغ التي تسلمها خصوصا بعدما اتضح لهم ان العملية لم تتم وحسب مصادر "كش24" فقد اتصل صاحب المصحة بعناصر الشرطة التي أوقفت احد الأبناء وتم اقتياده الى مقر الدائرة الأمنية بدعوى تهجمه على الطبيب في مقر عمله، و لم تعر عناصر الشرطة لتصريحاته التي يؤكد من خلالها ان الطبيب تسلم منهم مبلغ عشرة ملايين سنتيم قصد اجراء عملية مستعجلة لوالدتهم، و طالب بإجراء خبرة على جثة الوالدة للتأكد من اجراء العملية . في حين افاد السيد " م ل " ان عملية جراحية لرضيعه الذي كان يعاني من أعراض انتفاخ في بطنه، جعلته يتقدم الى طبيب متخصص في جراحة الأطفال، وهذا الاخير أكد لأسرة الرضيع أنه يعاني من التواء وانسداد معوي وتضخم في القولون، الامر الذي يتطلب عملية جراحية مستعجلة، حددها الطبيب في مبلغ اثنان و عشرون مليون سنتيم اشترط تسلمها قبل وضع الرضيع بغرفة العمليات، الامر الذي استجابت له الاسرة في الحال ، فأجريت العملية التي أسفرت عن تفويه الجانب الأيسر من بطنه ليتخلص من فضلات الجسم، على أن يعود الرضيع إلى الطبيب المعالج بعد مضي عشرة أشهر لإجراء عملية ثانية قصد تقويم الأمعاء، رغم ان سن الرضيع لا يتحمل عمليتين جراحيتين في آن واحد ويضيف والد الرضيع أن الدكتور المشرف قام بإجراء عملية ثانية، فظهرت على ابنه في نفس اليوم أعراض الحمى والعياء والقيء والإسهال وارتفاع مفرط في درجة الحرارة بلغت 39 درجة مع مغص حاد، وتم الاكتفاء بإعطاء الرضيع بعض الأدوية المضادة للحمى التي سرعان ما انتهى مفعولها، لكن نظرا لتزايد تلك الأعراض – يضيف الاب – قام الطبيب بإجراء عملية جراحية سرية ثالثة من دون أن يستشير أفراد الأسرة، فكُلّلت هي الأخرى بالفشل. و أكد الاب ان الطبيب تسلم منه في العملية الجراحية الأولى 22000 درهم وفي العملية الجراحية الثانية 18000 درهم وفي العملية الثالثة 32546درهم، مشيرا أن الخبرات الطبية أكدت أن العمليات الجراحية التي تم إجراؤها لم تكن تستدعي ذلك، وأنه ارتكب أخطاء جسيمة في الحق الطفل ، ترتبتعنها حالة عجز دائم بلغت نسبتها 70% . و لم يكن حال السيد " م ل " أفضل من السيد " ع و ب " الذي قصد احدى المصحات لإجراء عملية جراحية لأبيه تهم إزالة بعد الشوائب على مستوى شبكة عينه اليمنى، لتطلب منه الطبيبة تقديم مبلغ مالي لاقتناء عدسة ، بالاضافة الى مصاريف العملية والاقامة بالمصحة، قبل استقبال والده، حيث سلم شيكا بنكيا كضمانة لإجراء عملية لم تكلل بالنجاح، وتفضي الى فقدان الاب للنظر على مستوى اليمنى، كما انعكست أثار العملية على العين اليسرى ، الامر الذي اثر على وضعيته الصحية ليلازم الفراش قبل ان يفارق الحياة . وتجدر الاشارة إلى أن الوزارة الوصية سبق ان قامت بإغلاق مصحتين خاصتين بمراكش من أصل ثمان مصحات على الصعيد الوطني، في الوقت الذي يطالب العديد من الفاعلين بالمجال الصحي بضرورة التشديد من إجراءات التتبع والمراقبة من أجل ضمان الشروط الصحية للتطبيب وقطع الطريق على اللوبيات التجارية التي تنهج استراتجية اشتغال تقوم على تبضيع صحة المواطنين. وهذا لا يعني ان كل المصحات الخصوصية بالمدينة تفتقر للجودة فهناك مصحات تشتغل بمعايير عالمية سواء من حيث الاستقبال، الكشوفات الطبية، العمليات الجراحية، و العناية بالمريض بعدها في ظروف جيدة . واعتبر مصدر طبي ل"كش24″ ضعف القدرة الشرائية السبب الرئيسي ومن اهم المشاكل التي يواجهها المواطن بالمصحات الخصوصية، نظرا لعدم تقنين تكاليف العلاج بها و توحيدها بين جميع المصحات، التي يتم تصنيفها احيانا كالفنادق و الإقامات السياحية، حيث غالبا ما تشترط المصحة تقديم شيك بنكي كضمانة رغم ان العملية غير قانونية " تسلم الشيك على وجه الضمان " الفصل 544 من القانون الجنائي "، في الوقت الذي تستغل بعض المصحات بطريقة " النوار" الامر الذي يضيع على الدولة مبالغ مالية مهمة . وأضاف المصدر ذاته، أنه في الوقت الذي يكون المريض مجبرا على تقديم ضمانة مالية للاستفادة من خدمات المصحات الخصوصية ، يجد صعوبة في مقابلة الطبيب مرة ثانية اذا لم تتحسن وضعيته الصحية او اذا طلب منه اجراء تحاليل حيث غالبا ما ينتقل الطبيب الى مصحة اخرى ، الامر الذي يزيد من مدة التطبيب و يكلف المريض مبالغ مالية اخرى، ذلك ان العديد من أطباء القطاع العام و خصوصا المستشفى الجامعي يشتغلون في المداومة بعدة مصحات خصوصية ، احيانا يتم استقطاب مرضى من المستشفيات العمومية باتجاه المصحات الخاصة، الامر الذي يفضله المريض نظرا للاكتظاظ الذي تعرفه تلك المؤسسات التابعة للدولة . وأوضح المصدر ذاته، ان اغلب المصحات الخصوصية يديرها طبيب جراح لكنه يقوم بالتوقيع على الوصفات و الوثائق الطبية التي تهم جميع التخصصات الطبية، الامر الذي يضيع على صندوق الضمان الاجتماعي مبالغ مالية في حالة توفر المريض على تغطية صحية من طرف بعض صناديق التأمين والضمان الاجتماعي، كما ان الأطباء الذين يشتغلون بالمصحات دون تصريح قانوني يضيع على الدولة مبالغ مالية . كما يواجه المريض بالمصحات الخصوصية مصاريف إضافية واحيانا مبالغ فيها، ذلك ان المريض الذي يستفيد من حقنة واحدة او اثنين، يضطر الى تأدية ثمن العلبة كاملة عمد تسديد مبلغ الفاتورة، و احيانا تتم مطالبته بإجراء فحوصات ومكملات العلاج غير ضرورية هدفها الربح المادي فقط . وشدد المصدر نفسه، على انه رغم التكلفة الباهضة ببعض المصحات الخصوصية، فإنها توفر للمريض بعد اجراء العملية ظروفا طبية لا تختلف عما هو موجود بالمستشفيات العمومية، احيانا يتواجد بغرفة واحدة نزيلين بمرضين مختلفين، وقد يفوق عدد المرضى اثنين في بعض الحالات . وابرز المصدر المذكور ل"كش24″، اذا كانت العمليات الجراحية الضرورية او المستعجلة التي تجعل العديد من المرضى يتوجهون الى المصحات الخصوصية تجرى في ظروف جيدة، فان المريض يواجه صعوبات بعدها تتمثل في العناية والتطبيب اللازمين، وان المريض في غالب الأحيان لا بكون في حاجة لإجراء عملية جراحية وعلاجه يقتصر على تناول الأدوية فقط لكن رغبة المسؤول عن المصحة في الربح تجعله يجبر أسرة المريض على اجراء العملية في اقرب وقت ممكن مع تقديم ضمانة مالية ، الامر الذي خلف عدة ضحايا . و أشار المصدر المذكور الى العديد من الأخطاء الطبية التي شهدتها بعض المصحات الخصوصية والتي حولت حياة مواطنين إلى مأساة حقيقية بعاهات مستديمة، نتيجة الإهمال وضعف التجهيزات او انعدامها احيانا .