أغضبت التسمية الحالية للحي اليهودي التاريخي (الملاح) في مراكش، أغلبية ساكنيه القدامى من الطائفة العبرية الوطنية الذين تطلعوا الى استعادة هذا الحي لاسمه العتيق مع عمليات الترميم والتجديد التي شملت اسوار الملاح وأزقته في شطرها الاول التي استرجع إثرها الشارع التجاري للحي شبابه. وكان أفراد الطائفة اليهودية المغربية من ساكنة الحي في سابق عهده، والذين تمت دعوتهم لمراسم التدشين التي سيشرف عليها جلالة الملك يوم غد الاربعاء قد استبشروا حين طالعتهم اللوحات التوجيهية لمشروع الترميم والتهيئة بالاسم الذي أحيا فيهم نوستالجيا قيم التسامح والتعايش التي اكتنزها “الملاح” ورسخها في المجتمع المغربي وانعكست في فنون العيش داخل الاسرة المغربية قبل أن يداهمهم شعور بالاشمئزاز من محاولة طمس الهوية التاريخية للملاح باسم “حي السلام” عند استبدال اللوحات التوجيهية التي تم نصبها يوم الاثنين باخرى غيرها نصبت اليوم الثلاثاء. وتساءل أعضاء هذه الطائفة عن الجهة التي استبدلت كل اللوحات التوجيهية التي حملت اسم “حي الملاح” في اليوم المقرر لزيارة عاهل البلاد أمير المومنين، بلوحات جديدة نصبت باسم “حي السلام” في ظرف اربع وعشرين ساعة بعد اعلان تأجيل إشراف جلالة الملك على تدشين الشطر الاول لعمليات ترميم هذا الحي اليهودي في المدينة الحمراء في اطار مشروع الحاضرة التي تتجدد. كما تساءلوا عما اذا كان اسم “الملاح” وصمة في التاريخ القديم او الحديث للمغرب وعما اذا كان فيه ما يثير ما يخالف قيم السلام بين المواطنين المغاربة مسلمين او يهودا حتى تحل هذه الصفة اسما بديلا لاسم مايزال شاخصا في الذاكرة الجماعية لكل المغاربة بحمولات الوطنية الصادقة دفاعا عن وحدة المغرب واستقلاله والتفافا حول العرش العلوي والجالس عليه. وذكر أعضاء هذه الطائفة ورئيسها بجهة مراكش أسفي السيد جاكي كادوش بكل المحاولات والاتصالات مع مسؤولي المدينة ومنتخبيها لرد الاعتبار لحي الملاح ليس وحسب بعمليات الترميم والاصلاح ولكن بتصحيح وضعية الاسم التي تجهل أسباب تغييره في مدينة مراكش حصرا ووقفا دون بقية المدن المغربية العريقة كفاس ومكناس والجديدة وغيرها التي ماتزال فيها احياء الملاح ماثلة شاهدة على ما جمع المسلمين واليهود المغاربة من وشائج الوحدة عبر العصور تحت امرة امير المومنين ملك البلاد دون حيف او ميز. وأعرب كادوش عن تقديره لمبادرة ترميم هذا الحي وللرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس لكل ما يتصل بالموروث العبري للمواطنين المغاربة من الطائفة اليهودية على قدر الرعاية المولوية الموصولة للموروث الامازيغي- العربي الاسلامي في المغرب الذي يعتبر نموذجا فريدا للتجانس والوحدة والالتحام في اطار من العيش المشترك بامن وسلام في ظل العرش العلوي المجيد. وعبر عن الأمل في ان يستعيد الملاح في مراكش اسمه واسم شوارعه وازقته ودروبه التي حملت اسماء شخصيات مغربية يهودية أخلصت لوطنها وملكها وشعبها وما يزال كثير من الابناء والاحفاد من انساب هذه الشخصيات متصلة رغم الغربة بوطنها وفية للقيم التي عاشت فيها وتربت عليها مخلصة لثوابت الوطن. ودعا كادوش مسؤولي المدينة الى اعتبار التاريخ المشترك للمراكشيين من الطائفتين المسلمة واليهودية اللتين جمعتهما على الدوام قيم التسامح والتعايش التي أصلت لفنون العيش في اعادة الاسم التاريخي لحي السلام منبها الى ان الطائفة اليهودية في جهة مراكش اسفي رفعت ملتمسا في هذا الشان للسيد الوالي ورئيس المجلس الجماعي ومتطلعا الى ان تكون زيارة جلالة الملك للحي مناسبة تاريخية لتأصيل الحي معمارا وعنوانا.