وسط حي جيليز المعروف بالحي الأوروبي بمراكش، وبالقرب من مستشفى ابن طفيل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، يوجد مقر جمعية أمل لفنون الطبخ، وهو مركز للتكوين يواكب النساء والفتيات المحتاجات لتمكينهن من الاستقلال المادي والذاتي من خلال تعلمهن فن ومهارات الطبخ، الخدمات، وتقنيات التواصل ومساعدتهن على انشاء مشاريعهن الخاصة. نساء في مقتبل العمر وجدن الصدر الرحب، والمحبة الإنسانية، بل وجدن اليد الممدوة لتصحيح ما أفسده الدهر، بوجوه يطبعها الأمل والحياة تستقبل المسؤولات على المقر، نساء سدت في وجوههن كل السبل، ووجدن ان الجميع في مقر الجمعية التي ارتبط اسمها بالأمل، وهو اسم على مسمى، يقدم خدمات تبدأ من إعادة الثقة بالنفس، مرورا بتكوين في أساليب الحياة، وصولا إلى الاحترافية سواء في الطبخ او المطعمة أو فنون التواصل. طاقم يؤمن بأن الحياة هي شراكة وعطاء بدون حساب. ولم يكن مستحيلا أن تقررنساء في وضعية صعبة اجتماعيا الالتحاق بجمعية الأمل للاستفادة من الورشات التكوينية التي تنظمها الجمعية في مجال الطبخ لفائدة النساء في وضعية صعبة، لحاجتهن في امتلاك اسرار الطبخ من أجل تملك مهنة تكون واقيا قويا ضد آفة الفقر والعوز. خلال زيارتها لمقر جمعية أمل لفنون الطبخ، وقفت "كش 24" على طريقة اشتغال الجمعية والخدمات المقدمة لزوار المطعم التضامني المغاربة والاجانب، الذين اختاروا تناول غداء يومي داخل المطعم التضامني أو في فنائه الخارجي في جوشتوي. جمعية أمل لفنون الطبخ هي فضاء للتكوين في مهن الطبخ والمطعمة وهو في الوقت نفسه مطعم تضامني مفتوح للعموم، لعبت دورا مهما في تأطير العشرات من النساء في وضعية صعبة من خلال تنمية المهارات الإبداعية للنساء في فنون الطبخ، اللواتي ولجن سوق الشغل من بوابة أفخم المطاعم والفنادق. مبادرة اجتماعية أبانت عن وقعها الايجابي في تمكين العديد من النساء من مورد عيش يقيهن من مرض الهشاشة الاجتماعية ويساعدهن على الاندماج السلس والفعال في نسيج المجتمع المنتج، حيث أصبحت الجمعية من بين الجمعيات الناجحة التي أصر مؤسسوها على مواجهة كل التحديات من أجل فتح أبواب الرزق الكريم أمام عائلات كانت تعيش الفقر والبطالة. تاريخ أمل نورة بلحسن فيتزجيرالد، أمريكية من أصول مغربية، هي الرئيسة المؤسسة لجمعية أمل، من مواليد 1986 ، أم لثلاث أطفال، ازدادت وترعرت بمدينة مراكش قبل أن تسافر الى الولاياتالمتحدةالأمريكية لمتابعة دراستها العليا، قبل أن تعود مجددا لموطنها الأصلي بالمدينة الحمراء، حيث اختارت أن تنخرط وتساهم في تنمية وطنها المغرب باقتراح وتقديم حلول مستدامة لوضعيات الخصاص والحاجة التي تعيشها النساء بجهة مراكش، فأسست جمعية أمل سنة 2012 ، ليتم استقبال واستقطاب أول فوج من المتدربات خلال شهر فبراير سنة 2014، يتكون من 10 مستفيدات ضمنهن نساء مطلقات وعازبات وأرامل ويتيمات. تقول نورة فيتزجرلد بلحسن، جمعية "أمل" هي أولا وقبل كل شيء مجال للمواكبة حيث يسود الاحترام للوافدات من النساء اللواتي أظهرن شجاعة لمواجهة العديد من تجارب الحياة وصعوباتها، مشيرة إلى أن مركز التكوين يشكل آفاقا وآمالا جديدة تفتح للمستفيدات مكانا ساحرا تمتزج فيه مفاهيم التكوين والسعادة. وأضافت نورة فيتزجرلد أن التحول الذي دخل على حياة النساء المستفيدات عميق جدا، إذ بمجرد ولوجهن مركز الجمعية تلاحظ تاريخ حياتهن على سلوكاتهن، الابتسامة نادرة والنظرات هاربات محتشمات وأكتافهن مقوسة يجعلهن أقل من مقاساتهن وأكثر خجلا، تم بعد ذلك شيئا فشيئا وبتوالي الأيام والأسابيع، يستعدن ابتساماتهن ويقفن شامخات ويبدين احتراما لأنفسهن ويستعدن الثقة في العالم الخارجي. تكوين على رأس كل ستة أشهر، تلتحق بالجمعية خمس عشرة الى عشرين متدربة جديدة ليستفدن من برامج التكوين المركزة، وبعد استلامهن الشهادة ترافقهن الجمعية حتى يندمجن مهنيا في سوق الشغل. مسؤولات جمعية أمل لفنون الطبخ، وضعن رهن إشارة الوافدات الجديدات على الجمعية برامج للتكوين متعدد الاختصاصات من ضمنها الطبخ المغربي التقليدي والدولي الى جانب الحلويات والخدمات، اضافة الى تعلم اللغات الفرنسية والانجليزية والعربية المرتبطة بمشاريعهن المهنية، فضلا عن تداريب داخل مقاولات متنوعة على شاكلة الفنادق ودور الضيافة والمطاعم والمقاهي، وتخصيص حصص للتنمية الشخصية والجماعية بمساعدة مختصين نفسانيين، ودروس في النظافة والوقاية والامن. وحسب كنزة التعرجي، مديرة جمعية أمل، فإن وضعية النساء المطلقات والعازبات والارامل واليتيمات والخادمات الصغيرات اللائي يشتغلن في إطار الجمعية تحسنت بشكل ملحوظ، وتحدوهن الرغبة في النجاح، ما يمنحهن إصرارا أكثر على تطوير طريقة اشتغالهن. وأضافت التعرجي في لقاء مع "كش 24" هذه الجمعية تساعد وتواكب النساء في وضعية صعبة، من خلال إتاحة الفرصة لهن للتكوين في مجال فنون الطبخ، بهدف تسهيل اندماجهن في عالم الشغل وتمكينهن من الاستقلال المالي. وبخصوص دعم الجمعية، أوضحت التعرجي أن تأسيس الجمعية تم بمبادرة ذاتية من الرئيسة المؤسسة نورة فيتزجرلد من أجل مساعدة النساء في وضعية صعبة على نحو مستدام، مشيرة إلى الدعم التي تتلقاه الجمعية من طرف مؤسسة "دروص" الهادفة الى تحسين جودة الحياة لساكنة حوض البحر الابيض المتوسط، والتي يتواجد مقرها الاجتماعي بسويسرا ، بعد اتفاقية الشراكة والتعاون الموقعة مع جمعية "أمل" منذ دجنبر 2013. وأكدت التعرجي أنه في إطار تحفيز المستفيدات قررت الجمعية تخصيص منحة شهرية في حدود 1000 درهم لكل امرأة اضافة الى 200 درهم لفائدة كل ابن كدعم من الجمعية لمساعدة ابنائهن على متابعة الدراسة مع السماح لهن بتناول وجبة الفطور والغداء بمقر الجمعية. وأشارت التعرجي الى أن عدد المستفيدات من التكوين اللواتي يتراوح أعمارهن ما بين 18 و 35 سنة وصل الآن الى 179 مستفيدة من ضمنهن فتاة بكماء وفتاتان صماء. 15 ألف دولار حظيت جمعية أمل لفنون الطبخ بزيارة كريستين لا غارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، وذلك على هامش مشاركتها في المؤتمر الإقليمي الرفيع المستوى حول تعزيز الوظائف والنمو الشامل في العالم العربي، الذي احتضنته مدينة مراكش. وخلال زيارتها لمقر هذه الجمعية للاطلاع على مستوى تكوين النساء في مجال فنون الطبخ، أكدت لاغارد أن هذه الزيارة تروم بالأساس منح هبة مالية قدرها 15 ألف دولار، باسم صندوق النقد الدولي، لهذه الجمعية لتمكينها من الدعم المالي لتحقيق أهدافها والالتقاء بمؤسسة هذه الهيأة التي تعمل لفائدة ادماج وتكوين النساء، وتمكينهن من فنون الطبخ . وفي هذا السياق، عبرت لاغارد عن اعجابها بالطريقة التي تم بها بناء هذا المركز للتكوين، الذي يستهدف النساء في وضعية صعبة من أجل الاستفادة من تكوين يمكنهن من الاندماج في عالم الشغل، وتلبية حاجياتهن والاستجابة لمتطلبات أسرهن، مضيفة أنه بفضل هذا التكوين المعتمد على الجانب التطبيقي والنظري، تمكن هؤلاء النساء من مهن المطعمة والخدمات. من جانبها، قالت الرئيسة المؤسسة لجمعية أمل نورا بلحسن فيتزجيرالد، إنها فخورة جدا بزيارة كريستين لاغارد لهذه المؤسسة، التي تتوج العمل الكبير الذي يقوم به طاقم الجمعية والنساء المستفيدات لتحسين ظروفهن المعيشية، معربة عن امتنانها لهذه الهبة التي ستمكن من فتح فرص أخرى لهؤلاء النساء. وأشارت كنزة التعرجي مديرة الجمعية الى أن هذه الزيارة تكلل الجهود المبذولة من قبل فريق هذه المؤسسة لفائدة نساء في وضعية هشاشة، لجعله يضطلع بالمسؤولية والتحلي بالشجاعة للاستمرار في هذا الدرب.