إنَّ الله تبارك وتعالى أمر بالصيام فاستجاب له أهل الإيمان فقال تعالى (يأيها الَّذين ءامنوا كُتِب عليكم الصيام كما كُتِبَ على الَّذين من قبلكم لعلكم تتقون). ومن رحمة الله تبارك وتعالى بالناس مراعاة أحوالهم فأذِنَ سبحانه وتعالى في الفِطر لأهل الأعذار الشرعية (المريض والمسافر، والرجل الكبير، والمرأة العجوز …والحامل والنفساء والمرضع). وتفصيل حالاتهم يُراجع بتوسع في مظانه من كتب الفقه والحديث، والتفسير ..؛ ممن يجب عليه القضاء فقط بعد رمضان، بعدد الأيام التي أفطرها : – كالمريض العابر عليه المرض. – والمسافر. – والحامل. – والنفساء. – والمرضع. وهؤلاء قال تعالى فيهم (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيَّام أُخر). وهناك من عليه الإطعام فقط عن كل يوم من رمضان أفطره دون قضاء الأيام بالصيام. – كالمريض الملازم له المرض. – والرجل الكبير. – والمرأة العجوز. وهؤلاء قال تعالى فيهم ( وعلى الذين يُطيقونه فدية طعام مسكين ) رُخِّص للرَّجل الكبير والمرأة العجوز اللذان لا يقويان على الصيام الفطر ويطعمان عن كل يوم مسكينا كما قال ابن عباس رضي الله عنهما. وهناك من لا صيام عليه ولا قضاء، ولا إطعام. – كالرجل المصاب بالخَرف، والهذيان ( زهايمر) لاعتلال عقله،فمن شرط التكليف صحة العقل. – الصبي المميِّز المتطوع اذا قطع صيامه. وأما الإفطار في نهار رمضان عمداً؛ بلا عذر ولا رخصة شرعية فهو كبيرة من كبائر الذنوب..، وعصيان، وتمرد على الباري جل وعلا توجب التوبة والاستغفار وقضاء ذلك اليوم. فإن كان بجماع فنص العلماء على الكفارة الكبرى وهي: كما وردت في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : لمن وقع في ذلك وهي : صيام شهرين متتابعين،فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. ويرى السادة المالكية وغيرهم وجوب الكفارة الكبرى -أيضاً-؛ على كل من أفطر متعمَّداً سواء كان بجماع أو بغيره. وإنَّ من عظيم الإثم وقبيح الفعل أن يجاهر المرء من بني جِلدتنا بانتهاك حرمة الشهر بالفِطر علناً؛ أمام الناس وفي الأماكن العمومية وليس من أهل الأعذار الشرعية؛ نسأل الله السلامة والعافية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في أمثال هؤلاء : "كلُّ أمَّتي معافى إلاَّ المجاهرون وإنَّ من الإجهار أن يستُر الله على العبد ثم يُصبح يفضح نفسه ويقول : يا فلان، عملتُ كذا وكذا وكذا، فهَتَكَ نفسه، وقد باتَ يسترُه ربُّه" فحينما يصل المرء إلى هذه المرتبة في الفسق والفجور والمجاهرة بالمعصية، وذهاب الحياء من القلب، وعدم الاكتراث لكلام الناس، فإنَّهم في الغالب لا يوفقون للتوبة كما أخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعقابهم عند الله أشد فعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-، قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا، فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه! فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت، حتى إذا كنت في سواء الجبل فإذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قال: قلتُ: مَن هؤلاء؟! قالا: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم" وقوله : قبل تحلة صومهم، معناه: يفطرون قبل وقت الإفطار. ويكفي في ذلك زجراً حديث أبي هريرة : صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: "آمين! آمين! آمين!". قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلتَ: آمين! آمين! آمين! فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن جبريل -عليه السلام- أتاني فقال: مَن أدرك شهر رمضان فلم يُغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلتُ: آمين". وفي رواية: "أتاني جبريل وقال: يا محمد بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يغفر له! فقلت: آمين". وفيه أن المفطر في هذا الشهر عمداً قد أضاع حظه ونصيبه من الله في شهر العطاء والغفران. يقول الإمام ابن حزم -رحمه الله-: "ذنبان لم أجد أعظم منهما بعد الشرك بالله : رجل أخَّر الصلاة حتى خرج وقتها، ورجل أفطر يوماً عامداً في رمضان". إن ربنا سبحانه وتعالى لما أتم ذكر أحكام الصيام في كتابه العزيز؛ قال في آخر الآية : ( تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبينُ الله آياته للناس لعلهم يتقون ) والمفطر في نهار رمضان بلا عذر مستهتر بحدود الله، ضاربٌ بها عرض الحائط….، فهو من أعظم المتعدين لحدود الله. نسأل الله العفو والعافية.