هوية بريس – السبت 31 يناير 2015 أشاد الأستاذ هشام الرافعي أستاذ مادة التربية الإسلامية بثانوية المرابطين التأهيلية بيوكرى والكاتب العام لفرع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية باشتوكة ايت باها، بالتكامل والتعاون الحاصل بين الجمعية وشركائها ونوه بأساتذة التربية الإسلامية وباندماجهم الفعال في تنفيذ برامج الجمعية وإسهامهم في إنجاح مشاريعها التربوية الهادفة اقتراحا وتنفيذا وتوجيها وتقويما. ونبه إلى أن تركيز مادة التربية الإسلامية على الجانب المعرفي أكثر يمكن أن يضرب دورها في تخليق وتأديب وإصلاح المتعلمين، وقال إن على المكتب الجديد مضاعفة الجهود وبذل الغالي والنفيس من أجل المحافظة على إنجازات الجمعية والسعي إلى الزيادة في نضارتها. عن هذه القضايا وغيرها تحدث الأستاذ في المحاروة الآتية: * الأستاذ هشام الرافعي، السلام عليكم ورحمة الله وأهلا وسهلا – وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته؛ وشكرا لكم على اهتمامكم بأنشطة جمعيتنا ومستجداتها. * بداية؛ لقد تشرفتم برئاسة الفرع الإقليمي للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية باشتوكة أيت باها، وبالمناسبة نهنئكم على الثقة الموضوعة في شخصكم من قبل أعضاء الجمع العام للجمعية؛ لكن كيف تقبلتم هذه المهمة ؟وما هو شعوركم وأنتم تتحملونها لأول مرة؟ – كما تفضلتم فقد قرر الجمع العام أن يضع ثقة الإشراف على تسيير الجمعية ورئاستها في شخصي؛ وبهذه المناسبة أرجو من الله عز وجل أن يوفقني لأداء هذه المهمة العظيمة التي أسندت لي؛ فأنا أستحضر عظم المسؤولية التي تحملتها والتي تستحق كل جهد وعناء؛ فالإشراف على تسيير هذه الجمعية العتيدة المرموقة لا أعتبره شخصيا تشريفا بقدر ما أعتبره تكليفا؛ فالتوقيع باسمها يعتبر أمانة عظيمة وذلك نظرا لمجال اشتغالها ولأهدافها العظيمة والنبيلة التي تشتغل على تحقيقها وكذا البرامج والمخططات التي سطرها القائمون عليها منذ تأسيسها؛ بالإضافة إلى المكانة التي اكتسبتها الجمعية ضمن النسيج الجمعوي بالإقليم باعتبارها فاعلا أساسيا في الشأن الثقافي والتربوي وهذا ما توضحه سمعة الجمعية بالإقليم خلال السنوات الماضية من خلال زخم الأنشطة الهادفة التي سهرت على إنجازها، وهو ما يزيد من عظم هذه المسؤولية ويوجب علي خصوصا وعلى المكتب الجديد عموما مضاعفة الجهود وبذل الغالي والنفيس من أجل المحافظة على بهاء الجمعية والسعي الحثيث إلى الزيادة في نضارتها وتألقها بالعمل الجاد ونكران الذات والمضي قدما بأنشطتها الهادفة إلى الرقي بالشأن الثقافي والتربوي والدفاع عن الثوابت والقيم الدينية والوطنية لأبناء هذا الوطن عموما والإقليم خصوصا والعمل على إنجاز أنشطة جديدة خادمة لأهدافها وبرامجها حسب المستطاع. * حدثنا عن ظروف انعقاد الجمع العام لجمعيتكم وعن تقييمكم الشخصي لأشغاله. – كما تابعتم فقد مر الجمع العام الرابع للفرع في ظروف جيدة مفعمة بروح المسؤولية من طرف أعضاء ومنخرطي ومحبي الجمعية من جهة وكذا من طرف المكتب المسير الذي انتهت ولايته، واتضح ذلك جليا من خلال التقريرين الأدبي والمالي الذين قدمهما مقرر وأمين مال المكتب السابق وكذا التفاعل والمناقشة البناءة والمسؤولة التي حظي بها التقريران من طرف أعضاء الجمع العام؛ وهذا ما يوحي بتقدير الأمانة الملقاة على كل طرف في الجمعية مكتبا مسيرا أو أعضاء ومنخرطين؛ كما يتبين من ذلك التكامل والتعاون الحاصل بين كل هذه الأطراف واندماجهم الفعال من أجل النهوض والسمو بالجمعية والانخراط في إنجاح مشاريعها التربوية الهادفة ماديا ومعنويا وكذا اقتراحا وتنفيذا وتوجيها وتقويما؛ وهذا في نظري ما يضمن لأي عمل نجاحه واستمراريته وفاعليته، ونرجو من الله العلي القدير أن يعيننا على المحافظة والاستمرار في هذا المنحى المتين والنهج القويم. * من خلال التقرير الأدبي الذي قدم في الجمع العام تبين زخم الأنشطة التربوية والتكوينية والإشعاعية التي أنجزتها الجمعية خلال الولاية السالفة؛ فما مدى تأثيرها على مكونات العملية التعليمية (التلميذ -الأستاذ- محتوى مادة التربية الإسلامية)؟ – لابد من الإشارة إلى أن الجمعية تعمل بشكل مندمج وتنظر بنظرة شمولية إلى الجسم التربوي؛ وهذا ما يظهر من خلال أنشطتها المتنوعة التي تستهدف بها كل مكونات العملية التعليمية؛ لأنها تعلم أن أي خلل يحصل في مكون من المكونات إلا ويكون وقعه وتأثيره سلبيا على باقي المكونات، فإدراك الجمعية لهذا التناسق والتكامل الوطيد بين مختلف المكونات أجبرها على تنويع أنشطتها وتوزيعها إلى مجالات مختلفة متكاملة. فالأنشطة الموجهة إلى المتعلم ترمي من خلالها إلى ترسيخ القيم التربوية والدينية والوطنية لدى المتعلم وحمايته من كل دخيل أو فكر منحرف يجره نحو الميوعة والتنكر لمبادئه وقيمه الأصيلة أو يميل به نحو التطرف الفكري أو العقدي أو السلوكي فيسقط في مهاوي التنطع والغلو والتكفير والخروج..، ولن نتمكن من تحقيق ذلك إلا بتعريف المتعلم الناشئ بهذه القيم الأصيلة وربطه بمنابعها الصافية (القرآن الكريم والسنة النبوية الصحية) بفهم سلفنا الصالح وعلمائنا الربانيين الأجلاء الذين شهدت لهم الأمة بالفضل والأمانة والتجرد والإخلاص، وقد بدأنا نرى بعض ثمار ذلك -وإن كانت قليلة- لدى بعض المتعلمين الذين استفادوا من هذه الأنشطة التربوية فأثرت في سلوكياتهم و قيمهم وأصبحوا يخضعون الأفكار والتصورات التي ترد إليهم من هذه الجهة أو تلك للمساءلة والتمحيص على ضوابط وفق المنهج الإسلامي المنبثق من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة؛ هذا وإننا نعترف بصعوبة بلوغ الغاية المرجوة من ذلك لتعدد الفاعلين في الساحة من إعلام وغيره وأصحاب توجهات أخرى إلا ان عزاءنا الوحيد في ذلك أن نقول مالا يدرك كله لا يترك كله وحسبنا أن نبلغ ونعمل والتوفيق بيد الله وحده. أما الأنشطة الموجهة للأستاذ فترمي الجمعية من خلالها تطوير أداء الأستاذ والأخذ بيده لمواكبة المستجدات التربوية والتقنية والبيداغوجية والديداكتيكية حتى يتمكن من التأثير في المتعلم ويسهل عليه أداء مهامه ورسالته بتفوق وامتياز؛ وهذا ما بدا واضحا عند بعض أساتذة مادة التربية الإسلامية الذين برعوا من استثمار الوسائط الرقمية وتوظيفها في مجال التعلمات وإن كانت الإمكانات المتاحة لهم داخل المؤسسات جد محدودة، كما ظهرت استفادة السادة أساتذة المادة من المستجدات البيداغوجية الحديثة والمقاربات الديداكتيكية المعتمدة من خلال تقاسم التجارب التربوية بينهم في إطار التكوينات واللقاءات التواصلية التي تنظمها الجمعية سنويا وإن كنا نطمح إلى مأسسة التكوين التبادلي الذي يتيح فرص تقاسم الخبرات عن قرب داخل الفصول الدراسية. وبخصوص معالجة مضامين ومحتويات المقررات الدراسية فلا نملك -كما يعلم الجميع- إلا الاقتراح وإبداء الملحوظات حول بعض المضامين التي يرى الأستاذ أنها لا تلبي حاجة المتعلم ولا تخدم ترسيخ قيمه بالشكل المطلوب أو أنه يرى أن بعضها غير سليم منهجيا أو علميا أو لا يتوافق مع المنهج العلمي للتصحيح والتضعيف…؛ وكما قلت فهذه هي حدود التأثير الممكنة للأستاذ والجمعية عموما،أما نتائج ذلك فتبقى بيد المسؤولين عن القطاع التربوي الذين نرجو من الله العلي القدير أن يوفقهم لما فيه الخير لأبنائنا ومتعلمينا. * في مستهل هذه السنة الدراسية نظمت جمعيتكم يوما دراسيا حول تقويم منهاج مادة التربية الإسلامية؛ فما أهم الخلاصات والنتائج التي أسفر عنها؟ – كما أسلفت في إطار تكاملية وشمولية النظرة لمكونات العملية التربوية خصصنا يوما دراسيا لتقويم منهاج التربية الإسلامية بمشاركة عدد من اساتذة المادة الذين أدلو بملحوظاتهم واقتراحاتهم حول المنهاج الحالي الذي يشتغلون على تدريسه للتلاميذ؛ في السلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي؛ وبعد المدارسة والمناقشة المستفيضة لبعض المقررات خلص المجتمعون إلى وجود بعض الثغرات والهفوات في هذه المقرات إن على مستوى المعالجة الديداكتيكية أو المنهجية أو العلمية فتم تسجيل كل هذه الملحوظات وتجميعها وعرضها في المجلس الوطني الأخير للجمعية المنعقد في مدينة القنيطرة ليرفعها المكتب الوطني وهو الذي سيتولى رفعا للوزارة الوصية . * يعرف الجسم التربوي-كما تعلمون- العديد من الظواهر والآفات السلبية خصوصا بين المتعلمين، هل تعود أسباب ذلك إلى ضعف إسهام مادة التربية الإسلامية؛ أم لها أسباب أخرى؛ ما هي في نظرك؟ – إنه لمن المؤسف والمحزن أن نرى واقع المدرسة المغربية المخزي هذا بفعل ما ينخر جسمها من مشاكل وظواهر سلبية تدمر قيم وآداب وأخلاق أبنائنا وقادة مستقبلنا، وتفسير هذا الوضع المتردي يرجع إلى تداخل عوامل كثيرة منها تراجع فاعلية الأسرة في الميدان التربوي وضعف التنسيق والتكامل بينها وبين المدرسة في تنشئة الأبناء بحيث اقتصرت الأسرة في أفضل أحوالها على التغذية الجسدية؛ والمدرسة تحرص على ملء العقول بالمعارف العلمية المجردة؛ في حين تركنا التكوين الروحي والأخلاقي للإعلام المدمر والشارع العام وغيرهما..، وها نحن اليوم نتجرع مرارة ذلك بفعل الانحرافات السلوكية والأخلاقية التي يعج بها مجتمعنا عموما ومدرستنا خصوصا؛ هذه المدرسة التي كانت منارة للعلم والأخلاق والآداب الفاضلة أضحت اليوم محصنا لتفريخ الانحلال الأخلاقي والتردي السلوكي …وملعبا لاستعراض القوة العضلية بدل القوة العلمية والمهارية والفكرية فأصبحنا نرى مظاهر العنف متعدد الأشكال والصيغ؛ عنف بين المتعلمين وعنف بين المتعلم وأستاذه وعنف يمارس على الممتلكات …. وعن دور مادة التربية الإسلامية في خضم هذه المعادلة المعكوسة؛ فمن المعلوم أن التربية الإسلامية مادة القيم بامتياز وغايتها هي تهذيب روح المتعلم وتخليق سلوكه وإكسابه القيم النبيلة التي تكون شخصيته المتكاملة جسميا وروحيا؛ إلا أنها لم تتمكن من أداء هذه الرسالة النبيلة ليس لضعف فيها ولا لتهاون مدرسيها ولكن لأسباب خارجية كقلة حصصها المخصصة لها ضمن المنهاج التربوي العام إذ كيف يمكن للمتعلم أن يحافظ على رصيد قيمي وأخلاقي سمع بعضه في ساعتين في الأسبوع في أفضل أحواله في خضم هذا البحر المتلاطم من التناقضات الفكرية والثقافية والقيمية والأخلاقية التي تحيط به من كل جانب: في البيت وفي الشارع وفي المدرسة. بالإضافة إلى ضعف معاملها الذي لا يتجاوز 2 وهو ما يوحي للمتعلم بأنها مادة أقل من الثانوية في مسار تكوينه بل يتبين له في أحوال أخرى أنها مادة معرقلة لمساره ومضعفة لفرص نجاحه؛ فيطرح سؤالا عريضا من قبيل: إذا لم أكن مطالبا بالتربية الإسلامية في الامتحان فلماذا إذن أدرسها وأضيع الوقت فيها ومراجعتها؟ وهذا الشعور يدفعه إلى تجاهلها وعدم الاهتمام بها، زد على ذلك كثرة الدروس الشيء الذي يضع الأستاذ بين مطرقة الوقت وسندان طول المقررات ما يجبره في أحيان كثيرة على الإسراع وتغافل المعالجة القيمية لبعض مفردات وعناصر المقرر والتركيز على الجانب المعرفي منه فقط ولا يخفى ما في ذلك من إضعاف لدور المادة في التخليق والتأديب والإصلاح، وكم نادينا بإصلاح هذا الوضع غير الصحي للمادة عبر تقارير المجالس التعليمية وعبر اقتراحات الجمعية التي ترفعها إلى الجهات المختصة ولكن لا تجاوب لحد الساعة. * ما هو تقييمكم لأداء أستاذ التربية الإسلامية في خضم هذا التيار الجارف من التغيرات القيمية والأخلاقية والسلوكية؟ – بشهادة أغلب المتتبعين للشأن التعليمي بالمغرب فإن أستاذ مادة التربية الإسلامية يؤدي أدوارا طلائعية وجبارة في تثقيف المتعلمين وتنشئتهم تنشئة سليمة انطلاقا من رسالته التي يؤمن بها في الاصلاح والتقويم سواء داخل حجرة الدرس أو من خلال الأنشطة الموزاية التي ينظمها داخل المؤسسة في إطار الأندية التربوية المختلفة التي يشرف عليها أومن خلال انخراطه الفاعل في أنشطة الجمعية وفي مختلف الفرص التي تتاح له، لذلك تمكن من تحقيق نجاح باهر في الدفاع عن القيم النبيلة التي يؤمن بها بالرغم من الحصار المضروب عليه من مختلف الجوانب داخليا وخارجيا، أو من طرف بعض المتربصين الذين يسعون جاهدين إلى زعزعة وتضليل الشباب عبر السموم التي يبثونها في آذانهم كلما سنحت لهم الفرصة بذلك بأسماء وتبريرات مختلفة . * كيف تقيمون عمل جمعيتكم خلال السنوات الأربع الماضية؟ – يمكننا أن نقول وبكل صدق بأن المكتب السابق أعيا من يأتي بعده بالنظر إلى العمل المتميز والمثمر الذي قام به وحجم الأنشطة التي أنجزها؛ هذه الإنجازات التي سارت بها الركبان وتناقلتها الأفواه والأقلام، فالسنوات الأربع من عمر الجمعية كانت حبلى بالأنشطة الهادفة التي أثتت المشهد الثقافي والتربوي بإقليم اشتوكة أيت باها عموما الشيء الذي أكسبها مصداقية وسمعة طيبة عند العامة والخاصة بالإقليم. * ما هو تصوركم لعمل الجمعية والأولويات التي ستشتغلون عليها في المرحلة المقبلة؟ – فيما يخص عمل الجمعية؛ فمن البديهي أن تواصل المسير لتطوير أنشطتها السنوية القارة التي دأبت على تنظيمها والتي أصبحت دعائم أساسية في برنامجها العام وأدوات فعالة لتحقيق أهدافها وتوجهاها، ونخص بالذكر من ذلك: الاسهام مع شركائنا في تنظيم دورات المهرجان القرآني لإقليم اشتوكة أيت باها، والملتقى السنوي للحديث النبوي الشريف بالإضافة إلى سلسلة الندوات العلمية واللقاءات التواصلية والتكوينية لفائدة أعضاء ومنخرطي ومتعاطفي الجمعية. وبالنسبة لأولويات جمعيتنا فهي تحقيق أهدافها المسطرة في توجهاتها العامة؛ خاصة منها ما يتعلق بتحصين قيم شبابنا وترسيخها في نفوسهم عبر مختلف الأنشطة الإشعاعية الهادفة والمعرفة بالقيم الإسلامية والمنافحة عنها، وبخصوص هذه النقطة بالذات فإننا لا نزعم بأننا أوصياء على القيم بل نؤكد بأننا شركاء فقط في الدفاع عنها وتحصينها بحسب ما هو متاح لنا من مكانتنا كجمعية تربوية تشعر بمسؤولية حماية هذا الوطن من كل دخيل مستهدف لثوابته ومدمر لهويته. ولهذا الغرض سنسعى بحول الله وقوته إلى تثبيت وتطوير شراكاتنا القائمة حاليا وعقد شراكات جديدة مع مختلف الفعاليات الإقليمية وكذا الجهات الرسمية التى تتحد أهدافها مع توجهاتنا سعيا منا إلى توحيد الجهود في النهوض بالشأن التربوي وخدمة الصالح العام ومحاربة كل ما من شأنه أن يؤدي إلى انهيار الأخلاق وتدمير القيم النبيلة. * نشكركم -أستاذ- على هذه الإضاءات ونتمنى لكم كامل التوفيق.