هوية بريس – الأحد 11 يناير 2015 لم تكن سنة 2014 سنة عادية في التاريخ السياسي الراهن لبلادنا، بل أكدت النموذج المميز لبلادنا في قيادة تدبير الشأن العام، والقائم على عدم التردد في اتخاذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب، والسعي المستمر لتوفير شروط إنجاحها، وتعميق التشاور حولها، وهو ما تجلى في عدد من المحطات. فمن ناحية أولى، كانت سنة 2014 سنة تجسيد للمحاور الأولى لإصلاح صندوق المقاصة والحسم مع موضوع ارتهان الميزانية العمومية لتقلبات أسعار البترول في العالم، وما جره على المغرب من تفاقم مهول في عجز الميزانية بلغ سنة 2012 ما نسبته 7,7 في المائة من الناتج الداخلي، وهو ما أدى اضطرارا لتجميد جزء من نفقات الاستثمار بما قيمته 15 مليار درهم في سنة 2013، وكذلك تراجع للقدرة على دعم البرامج الاجتماعية. ولهذا تم في سنة 2014 إنهاء نظام الدعم العمومي لأسعار المواد البترولية وفق مقاربة تدريجية انطلقت في سنة 2013 باعتماد نظام المقايسة الجزئية ثم الكاملة وصولا إلى تحرير أسعار المواد البترولية مع اعتماد برنامج للمواكبة مع شركات البترول في المغرب، وإرساء صندوق في قانون المالية لدعم أسعار النقل في حال ارتفاع أسعار المحروقات، وتخصيص دعم مباشر للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لتلبية حاجيته الطاقية. كل ذلك وفق مقاربة تعاقدية نتج عنها ترشيد كبير لهذه النفقات، بحيث تراجعت مخصصات صندوق المقاصة برسم سنة 2015 إلى 23 مليار درهم فقط. ورافق كل ذلك تواصل منتظم وشفاف مع الشعب المغربي، وهو ما عزز من مصداقية الخطاب الحكومي لإصلاح صندوق المقاصة، ولهذا نحمد الله تعالى على توفيقه خاصة وأن هذا الإصلاح الصعب تزامن في الأشهر الماضية مع تراجع في الأسعار في السوق الدولية، كما ظهرت ثمار هذا الإصلاح في تراجع عجز الميزانية من 7,3 في المائة برسم سنة 2012 إلى 4,9 في المائة سنة 2014 في أفق الوصول إلى 4,3 في المائة في سنة 2015، وتراجع عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات من 9,7 في المائة إلى أقل من 7 في المائة سنة 2014، كما ارتفع احتياطي العملة الصعبة إلى أكثر من خمسة أشهر بعد أن كان في حدود ثلاثة أشهر، وتجاوزت مخصصات الاستثمار العمومي المستوى السابق لها، لتبلغ أزيد من 189 مليار درهم سنة 2015. ويمكن القول، بأن الخلاصة الأساسية من تنزيل هذا الإصلاح، هي التمكن من استعادة التوازات الماكرو- اقتصادية وتحرير رقبة الاقتصاد الوطني والبلاد ككل من الارتهان للخارج، وصيانة سيادة القرار الاقتصادي وحماية استقلاله، مما يعد نجاحا استثنائيا، لقي إشادة كبيرة من الداخل والخارج، وتجلى في تحسين مؤسسة ستاندر أند بورز Stander and Poor's لآفاق التصنيف الائتماني السيادي لبلادنا من سلبي إلى مستقر، وتأكيد وكالتي "فيتشر أند رايتين" Fitcher and Rating و"موديز" Moody's لتقييمهم الإيجابي لوضع الاقتصاد الوطني المستقر، مما يعزز من جاذبية بلادنا الاستثمارية.