هوية بريس – الإثنين 12 غشت 2013م إن إعلام المارينز العربي كان وما يزال ولازال يزيف وعي الشعوب، وإن كان في الماضي لا يظهر إلا للمختصين والخبراء، لعدم وجود إعلام منافس يفضح ألاعيب هؤلاء القوم، هذه الألاعيب التي تبدو سخيفة ودنيئة، إلا أن وقعها لازال باديا للعيان. لكن، قبل المضي في طرق الموضوع، ما معنى إعلام المارينز؟ وما معنى تزييف الوعي؟ إن نسبة الإعلام إلى المارينز استدعتها حقيقة تاريخية رافقت الجيوش الأمريكية طيلة حروبها، هذه الحقيقة المتمثلة في مرافقة إعلام خاص لهذه الجيوش، بهدف تزييف الوعي حول الحروب التي شنتها الدولة العظمى، فما معنى تزييف الوعي؟ إنه ببساطة، قلب للحقائق، وتسويق لنظرة المارينز لهذه الحروب، وتسويغ للجرائم التي ترتكبها، وإلصاقها بالضحية، بل جعل الضحية مجرما والمجرم ضحية. إن عنوان هذا المقال يشرحه قول وزير الإعلام النازي "جوزيف غوبلز": "أعطني إعلاما بلا ضمير أعطك شعبا بلاوعي"، أي شعبا بوعي مزيف، وهو الذي اشتهر عنه أيضا قوله:"اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس". إذن ، فالمشترك بين إعلام المارينز الأمريكي وإعلام المارينز العربي هو سيل الأكاذيب المنهمرة على المتلقي، والحقد اللامتناهي على الخصوم، والقناطير المقنطرة من التضليل، التي يعجز معها المتذبذب عن الرد، إلى درجة أنه يسلم بها كحقائق لا تشوبها شائبة. لذا، فإن كنت أعجب من نضال إعلام المارينز العربي في تزييف وعي الناس، فعجبي يشتد من أناس ينطلي عليهم هذا التزييف فيحسبون أنه الحقيقة بعينها، ولا أدري ما الذي يوقعهم في هذه الشباك، أهو الغباء والغفلة، أم النفس الأمارة بالسوء، أم هو قصر النفس في تتبع الأخبار وتحليلها ومقارنتها؟ إن الناظر إلى إعلام المارينز ليستغرب من حجم التناقض والسفاهة والسخافة والصفاقة واللامنطق الذي يتصف به، وقد بدا هذا واضحا في الإعلام المصري أثناء فترة مبارك، ثم فترة المجلس العسكري، لكنه ازداد حدة في فترة مرسي، وبعد الانقلاب العسكري مع المجرم السيسي. إن إعلام المسيح الدجال لا يرعوي عن تبني الشيء ونقيضه، فهو يتلون حسب الظروف، بل وينافس الحرباء في ذلك، ولا تعلو وجهه حمرة الخجل لما يُحِل في عهد الانقلاب العسكري ما كان حرم قبل اختطاف الرئيس مرسي، فالإعلان الدستوري والانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية كانت حراما مع مرسي، لكنها أصبحت واجبا وضرورة، عندما أعلنها السيسي، الذي لم يكتف بالانقلاب، بل حشر نفسه ضمن حكومة الانقلاب المغتصبة للشرعية، بعدما أصبح نائبا أول لرئيس الحكومة. وكل هذا مبارك من إعلام المسيح الدجال، ورحم الله من كان يكثر إطلاق هذا الإسم عليه، وفك أسره، وثبته، الشيخ خالد عبد الله، الذي لشرف محتده، وحسن ظنه، كان يستضيف بعضا من هذا الإعلام الكذاب، وما من أحد استضافه من هؤلاء، إلا تاب أمامه، وأظهر له الوقار الخلقي، والتوازن المنطقي، والمهنية الإعلامية، لكن، ما إن يغادره إلى وكره الإعلامي حتى ينقلب رأسا على عقب، ناقضا كل العهود التي أخذها على نفسه. إن أكبر خطأ ارتكبه الرئيس الشرعي محمد مرسي، هو تغاضيه عن سفالة هذا الإعلام الذي شيطن الإخوان، كما شيطن الرئيس، بل شيطن كل من سانده، ولو بنصف كلمة… حسب المسكين، أنه بتسامحه المفرط، سيخرج منهم مكامن الخير، لكن وياللأسف، فقد تبين أن هؤلاء، انعدم فيهم الخير، مما يدفعهم إلى رمي مخالفيهم بما هم متصفون به، والشيطنة بهم أولى، لأن كل حركات وسكنات وكلمات وأفعال وترك الرئيس، كان موضع نقد وقدح وسب وشتم وهمز ولمز ونبز. فإبراهيم عيسى، الذي هو وأضرابه(1) ممن كانوا يعشقون فرعون مصر، وبين عشية وضحاها أضحوا ثوارا، هذا المعتوه، جعل من قفا مرسي "موضوعا" لحلقة من حلقات برنامجه، فما علاقة قفا الرئيس بمصير شعب؟ كما جعل في حلقة أخرى المقارنة بين المرحاض التقليدي والمرحاض العصري موضوعا لبرنامجه… أما بعد الانقلاب العسكري، فكل الأعمال مباركة، ولا تناقش لأنها صادرة ممن لا ينطق عن الهوى، العسكر. ومرسي على الرغم من تسامحه، إلى درجة أنه لم يغلق قناة واحدة، ولم يعتقل صحفيا واحدا، ولو أن كل إعلام المارينز خرج عن شرف الميثاق الإعلامي، وخرق أخلاقيات المهنة، وفقد شرفها المتمثل في الكلمة الصادقة، والخبر الصحيح، على الرغم من ذلك، لقبوه بنصف إله، والإله العسكري منزه عن النقد عندهم، فضلا عن المساءلة. فالسيسي أغلق القنوات، واعتقل أصحابها بدون موجب حق، وذبح الساجدين، وإعلام المارينز الذي ما كان يمل الحديث عن الحرية والكرامة وحرية التعبير، ومكتسبات ثورة 25 يناير(2)، وكان كلما انتقد من زملائه في المهنة يرعد ويزبد، إلا أنه بارك الاعتقالات وغلق القنوات، بل وحرض على ذلك كله، واعتبرها ضرورية لإنجاح ما سماه بالثورة الثانية، وما هي إلا ثورة مضادة قام بها الفلول من وراء ستار. كيف لانقلاب عسكري أن يسمى ثورة؟ بل كيف لثورة أن تكون كذلك، وقد ساندها قضاء الفلول وجيش الفلول وداخلية الفلول وإعلام الفلول؟ عجبا لثورة قامت بها سلطة بائدة ضد شعب ثائر!! غفر الله لك يا مرسي، لقد اعتقل الإسلاميون في عهدك، وبرئ البلطجية، وأوقف بعض الإعلام الإسلامي، وترك حبل إعلام المسيح الدجال على غاربه، يقذف ويضلل ويكذب ويلفق ويظلم، وإن كنت أمينا، فلم تكن قويا في الحق، لقد ظلمت إخوانك في الدرب بالسكوت عن ظلمهم الذي تولى كبره إعلام الفساد، وقضاء الظلم، وداخلية البلطجية، وعسكر الغدر. وحتى يتبين أن إعلام الفلول ليس بينه وبين الإعلام إلا مجرد الاسم، فإن قناة الحوار قارنت بين أحد خطابات الرئيس مرسي وخطاب للسيسي، فظهر جليا، دون الحاجة إلى عناء، أن قائد الانقلاب لم يحد عما جاء في خطاب الرئيس قيد أنملة، إلا في نقطة واحدة كذب فيها قائد الانقلاب، لأن الرئيس مرسي صرح في خطابه أنه قبل بمبادرة قدمت من الأحزاب، والسيسي نفى ذلك، والخطابان موجودان. لكن إعلام المارينز يعميه الضلال والإقصاء والاستئصال، لأن صراعه مع الإسلاميين، ليس صراع آراء وأفكار بل صراع وجود، بدليل تصريح بعضهم بأن بعد 30 يونيو، لن يبقى للإسلام أي أثر. إن إعلام المسيح الدجال لم يكتف بشيطنة الإسلاميين، بل امتد لسانه الآثم حتى إلى الفسطينيين واللاجئين السوريين، وشرع في شن هجومه السافل عليهم وتهديدهم والمن عليهم، وبث الكراهية تجاههم، لا لشيء، إلا لأن الرئيس كان يساندهم، مما يجعل من هذا الإعلام إعلاما صهيونيا بامتياز، بدليل مباركة اليهود لما كان يقترفه باسم يوسف من سفالة في عهد مرسي، وانشراح اللقيطة الصهيونية بالانقلاب العسكري، إضافة إلى تصريح المحلل العسكري الصهيوني "روني دانئيل" بأن السيسي أبلغ اللقيطة بالانقلاب العسكري، ثلاثة أيام قبل وقوعه، ونبهها إلى ضرورة مراقبة حماس. كان إعلام الإجرام كلما قتل أحد على يد الشرطة أو البلطجية، وهما وجهان لعملة واحدة، قامت القيامة ولم تقعد، وألصقت التهمة بالإخوان، لأنه لو وقع زلزال في تلك الفترة لألصق بالإخوان، ولن تعدم من يروج لذلك. أما بعد الانقلاب العسكري فقد قتل العشرات، وجرح المئات، على التوالي في صلاة العصر وصلاة الفجر وصلاة التراويح وصلاة الجنازة، ومع ذلك وجدنا إعلام المسيح الدجال يتهم المقتولين، أبعد هذا الجنون جنون؟ أما عدد المتظاهرين في 30 يونيو، الذي جعله السيسي ذريعة للانقلاب على الشرعية، والذي كان ينفخ فيه إعلام الضلالة، فقد ذكر موقع "ميدل إيست مونيتر" في تقرير بعنوان "لعبة الأرقام" أن منظمي تظاهرة 30 يونيو ادعوا أن "غوغل" قدر عدد المتظاهرين ب17 مليون شخص، مع أن "غوغل" لم يصدر أي بيان بهذا الخصوص، بل إن المسطرة المتبعة حسب غوغل لا تزيد عدد المتظاهرين عن 632000 متظاهر، أما البي بي سي فقد أكدت في تقرير لها أن ميدان التحرير لا يتسع لأكثر من نصف مليون متظاهر، فأين هذه الأعداد من العدد الذي روج له إعلام المارينز، وقدره ب33 مليون متظاهر، معززا بالفوتوشوب؟ ثم أتت قاصمة الظهر المتمثلة في خطاب فرعون مصر الجديد يوم الأربعاء 25 يونيو، ليظهر أن إعلام المارينز كان موجها، يتحكم فيه العسكر، لأنه تبين بالملموس أن الطرف الثالث الذي كان يحدث الفتنة منذ أول يوم لثورة 25 يناير، لم يكن سوى العسكر، الذي سير عن بعد الداخلية والإعلام والقضاء وأزهر البابا أحمد الطيب، وخلف الكل أمريكا واليهود، وإلا لم لم تحسم أمريكا فيما حدث في 30 يونيو، هل هو انقلاب أم ديمقراطية؟ بل إن اليهود اعتبروا الانقلاب أهم من حرب 67، وأبدوا خشيتهم من فشله، باعتراف شمعون بيريز. وأثناء مظاهرات الجمعة 17 رمضان، وقعت فضائيات المارينز في فضائح التزوير، لتزيد من عدد عبيد العسكر المتظاهرين، فقد بثت قناة المارينز "سي بي سي" نقلا "مباشرا" لمظاهرات في ميدان التحرير، إلا أن الله فضحهم، لما صدع أذان المغرب قبل موعده الحقيقي بربع ساعة، فضلا عن أصوات المتظاهرين التي تهتف: "ارحل.. ارحل"، مما يؤكد أنها لقطات من تظاهرات الفوتوشوب في 30 يونيو… "فضيحة بجلاجل". أما قناة ‘أون تي في' فنقلت مسيرة حاشدة للمتظاهرين بالقرب من مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة على أنها مؤيدة لدعوة السيسي، وأخذ مذيع القناة وضيفه يشيدان بالأعداد الحاشدة في المظاهرة، قبل أن ينتبها إلى أنها مظاهرة مؤيدة لمرسي، وعلى الفور توقف بث اللقطات. أما التلفزيون المصري الرسمي، الذي كان معارضا لمرسي على طول الخط، قبل اختطافه، فقد بث لقطات بالطائرة لميدان التحرير ممتلئ بالمتظاهرين، إلا أن النشطاء قالوا إنها قديمة، وأكدوا أن اللقطات التي بثت كانت نهارية، لأن أعداد الموجودين في 17 رمضان لم تكن كبيرة نهارا. إضافة إلى أن الشاشة الضخمة التي ظهرت بالميدان في هذه اللقطات لم تكن موجودة اليوم من الأساس. ولأن إعلام المارينز الموجه قد فقد شرف المهنة، في سوق إعلام الدعارة، فقد تواطأت 28 قناة مارينزية على شعار واحد هو مصر ضد الإرهاب، أي ضد المظاهرات المؤيدة للشرعية، كما أنها حجبت هذه المظاهرات المؤيدة. من هنا نتساءل لماذا خرجت مظاهرات الأشرار ليلا يا إعلام المارينز؟ الجواب: كي لا تظهر وجوه الشرطة والجيش بزي مدني، إضافة إلى التشويش على الكاميرات، بأشعة الليزر. وختاما أقول إن الأيام لازالت تكشف كذب هذا الإعلام وصفاقته، لأنه يجعل من المجرم ضحية، ومن الضحية مجرما، بل يجعل من الضحية مجرما في حق نفسه، كما وقع في مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية الذي هاجمه البلطجية بحماية الشرطة، وقناة الفراعين جعلت البلطجية إخوانا يعتدون على أنفسهم في مسجد، وهذا يذكرني بجرائم المستوطنين تحت حماية الجيش الصهيوني. 1- عمرو أديب وأخوه وزوجته لميس الحديدي وباسم يوسف وضياء رشوان ويوسف الحسيني ووائل الأبراشي ويسري فودة ومجدي الجلاد ومحمود سعد ومرتضى منصور وتوفيق عكاشة والقائمة طويلة. 2- ثورة 25 يناير أصبحت منسوخة بانقلاب 30 يونيو.
