وفاة طفل إثر سقوطه في مسبح فيلا بطنجة    "ميتا" تمنح مستخدمي "إنستغرام" أدوات تحكم جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الثلوج تغطي الطريق في "آيت تمليل"    حماس المغاربة يرتفع في كأس العرب    دوري الأبطال .. مانشستر سيتي يهزم ريال مدريد في عقر داره    الخليع: رؤية الملك محمد السادس محرك أساسي لتحولات القطاع السككي    تقرير: عجز الخزينة يرتقب أن يبلغ 58.2 مليار درهم ومديونية المغرب تصل إلى 1.1 تريليون درهم في 2025    فاجعة فاس.. بادرة إنسانية لإيواء المتضررين وحزم في تحديد المسؤوليات    مدرب "ليل" يحيط إيغامان بالغموض    "فاجعة فاس" تحيي المطالبة بمحاسبة صارمة وإجراءات وقائية عاجلة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعزو مسؤولية "فاجعة فاس" إلى غياب السكن اللائق وعدم احترام معايير البناء    بلاوي: الشراكة المتميزة لأطراف الاتفاق الرباعي لمكافحة الإرهاب تجسيد مثالي للأسس التي أرستها الإستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب    اليونيسكو يصادق على تسجيل القفطان تراث مغربي على قائمته التمثيلية    اليوم العالمي لحقوق الإنسان يعيد جيل زد إلى شوارع الدار البيضاء    ما تم تداوله بشأن اعتقال أفراد من عائلات "ضحايا أحداث القليعة" غير صحيح (النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط)    المغرب يسجل ارتفاعا قياسيا في واردات الغاز    النيابة العامة: ما تم تداوله بشأن اعتقال أفراد من عائلات "ضحايا أحداث القليعة" غير صحيح    الكاف يوقع اتفاقا مع ONCF لنقل الجماهير ورعاية الكان    مركز يقارب حقوق الإنسان بالمغرب    اليونسكو تُتوّج المغرب: إدراج "القفطان المغربي" تراثاً إنسانياً عالمياً اعترافاً برؤية جلالة الملك وحفظ الهوية    زخات رعدية وتساقطات ثلجية اليوم الأربعاء بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    ادراج القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو    أخرباش: التمثيل الإعلامي العادل للنساء قضية شأن عام وشرط للتقدم الاجتماعي    أطروحة حول ترجمة الأمثال الشعبية الريفية تمنح الباحث نجيب المحراوي لقب دكتور بميزة مشرف جدًا    مشعل يرفض نزع سلاح "حماس" وسلطة غير فلسطينية.. ويتمسك بالانسحاب الكامل    وزيرة الخارجية الفلسطينية تشيد عاليا بالدعم الثابت لجلالة الملك للقضية الفلسطينية    فرنسا توشح بريظ ب"فيلق الشرف"    11 يوماً على انطلاق العرس القاري..المغرب يُظهر جاهزية عالية لاحتضان كان 2025    انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني للحزب يوم السبت 13 دجنبر 2025    كأس إفريقيا للأمم .. سجل المنتخبات الفائزة باللقب منذ أول نسخة 1957    النيابة العامة تحقق في "فاجعة فاس" .. والسلطات تنبش في التراخيص    السكيتيوي: "مواجهة سوريا لن تكون سهلة.. ونطمح للفوز لمواصلة المشوار في البطولة العربية"    الدار البيضاء .. إفتتاح معرض طفولة الفن للفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني    الشعر يكتب تاريخ الملوك.. قراءة نقدية في كتاب "ملك القلوب-الحسن الثاني" للدكتور مانع سعيد العتيبة    السدراتي يخرج عن صمته ويوضح حقيقة "تمثيل" النشيد الوطني بكأس العرب    مراكز أمنية وسجون تتحول إلى مواقع تصوير بعد إطاحة الأسد    إسرائيل تتجسس على ملايين الهواتف في 150 دولة.. وتحذير عاجل من السلطات المصرية    فرار نصف مليون من منازلهم جراء المواجهات الحدودية بين كمبوديا وتايلاند    برنامج "Art's Factory" يعود لدعم الإبداع الرقمي    لافروف يتهم الدول الأوروبية بالعرقلة    تقرير: 65% من تجار الجملة يتوقعون استقرار المبيعات في الفصل الرابع من 2025    الذهب يستقر والفضة ترتفع لمستوى قياسي قبيل قرار الفائدة الأمريكية    الدار البيضاء.. إعطاء إنطلاقة النسخة الثانية من برنامج "Art's Factory" الموجه لدعم المواهب الشابة في الصناعات الإبداعية    في خطوة رائدة.. أستراليا أول دولة تحظر استخدام الأطفال دون 16 عاما منصات التواصل الاجتماعي        مجلس المستشارين يوافق بالأغلبية على تعديلات المنظومة الانتخابية    شراكة تجمع "سطاد" ولاس بالماس    مسابقة اختيار أفضل زيت زيتون بطنجة تدخل مرحلة التقييم الحسي    حوار مع شاب مصاب بالهيموفيليا: رحلة معاناة لا تعترف بها القوانين    ضعف حاسة الشم قد يكون مؤشرا مبكرا على أمراض خطيرة    دراسة تكشف فوائد الذهاب للنوم في التوقيت نفسه كل ليلة    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم        الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صديقي: المغرب هش أمام التغيرات المناخية..و"الجيل الأخضر" يحل مشاكل الفلاحة
نشر في هسبريس يوم 10 - 03 - 2022

قال محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إن المغرب يوجد في موقع هش أمام التغيرات المناخية، وهو وضع تنتج عنه عدة إكراهات بالنسبة للفلاحة تستدعي اعتماد تدابير لتحقيق التأقلم.
وذكر صديقي، في حواره مع هسبريس، أن المغرب يحقق اكتفاء ذاتياً في عدد من المواد الغذائية الأساسية الضرورية، لكن عاملي المناخ والمساحة يجعلان من الصعب تحقيق إنتاج كاف في منتجات أخرى، مثل الحبوب، ولذلك يلجأ إلى الاستيراد لتلبية الحاجيات.
وأكد المسؤول الحكومي ذاته أن مخطط "الجيل الأخضر 2020-2030" يتضمن عدداً من التدابير لمعالجة مشاكل الفلاحة المغربية، بجعل التنمية البشرية في صلب التدخل، لإبراز وتوسيع طبقة وسطى فلاحية في العالم القروي، وتشجيع الشباب على الاستثمار في القطاع الفلاحي، وخلق الظروف المواتية لذلك من خلال المواكبة والتكوين.
هذا نص الحوار:
ما تقييمك للموسم الفلاحي الحالي في ظل ضعف التساقطات المطرية؟
عرف الموسم الفلاحي الحالي نقصاً كبيراً في التساقطات المطرية، بحيث لم نشهد مثله منذ أربعين عاماً، إضافة إلى ندرة المياه على مستوى السدود، حيث سجلت مستوى ملء جد ضعيف، وذلك نتيجة السنوات الخمس الماضية التي لم تسجل تساقطات مطرية مهمة؛ كل هذا أثر بشكل كبير على الموسم الفلاحي والغطاء النباتي والنباتات، وخصوصاً الحبوب، وأثر كذلك على المناطق السقوية التي اضطررنا لوقف سقيها.
في هذا الصدد أعدت الحكومة برنامجاً استعجالياً لدعم الفلاحين، أين وصل تنفيذه؟
بأمر من جلالة الملك نصره الله، أعدت الحكومة هذا البرنامج، وشرعنا في تنزيل محاوره الكبرى؛ الأول يتجلى في تقديم دعم مباشر للفلاحين لإنقاذ الماشية، من خلال توفير الشعير والأعلاف المركبة، والحفاظ على الأشجار المثمرة حديثة الزراعة، وخلق فرص الشغل عبر أوراش التهيئة الهيدروفلاحية.
والمحور الثاني يهم التأمين الفلاحي، ويشمل حوالي مليون هكتار، برأسمال يناهز 1 مليار درهم، بشراكة مع التعاضدية الفلاحية "مامدا"؛ بحيث سيتم تعويض الفلاحين المؤمنين في شهر أبريل عوض شهر يوليوز كما هو معتاد.
أما المحور الثالث فيتضمن إعادة جدولة ديون الفلاحين إلى غاية السنة المقبلة، وتوقيف المتابعات القضائية الجارية، وإتاحة الوصول إلى قروض جديدة خاصة بالسنة الحالية. كما ستتم مواكبة الفلاحين خلال فصل الربيع، في ظل بوادر إيجابية عقب التساقطات المطرية المسجلة مؤخراً، التي ستساهم في استدراك بعض الزراعات، مثل الحمص وعباد الشمس والذرة، وتوفير المراعي.
وتم تخصيص غلاف إجمالي مالي للبرنامج قدره 10 مليارات درهم، 3 مليارات منها مخصصة للدعم المباشر للفلاحين، و1 مليار درهم للتأمين الفلاحي، و6 مليارات درهم تهم المواكبة المالية للفلاحين.
مباشرة إذن بعد التوجيهات الملكية السامية بدأنا تنزيل هذا البرنامج، عبر إبرام الصفقات الخاصة بالتوزيع عن طريق المكتب الوطني للحبوب والقطاني، لتقليص مدة المساطر من 40 يوماً إلى 10 أيام. وابتداءً من الثلاثاء الماضي تم الشروع في توزيع 3 ملايين قنطار من الشعير في عدد من المناطق، حسب المخزون المتوفر الذي يتم تعزيزه بالاستيراد بشكل مستمر.
كما بدأنا توزيع الشعير في المناطق الأكثر تضرراً، عبر منهجية الشباك المفتوح، بحيث يتم التأكد من المُقتنين بالاعتماد على قاعدة بيانات تهم كل الجماعات والأقاليم لقطع الطريق على الوسطاء والمحتكرين.
لماذا لم يتم تأمين جميع الأراضي الفلاحية؟ هل الأمر مرتبط بالفلاحين أم بضعف عرض التأمين؟
مع بداية تنفيذ مخطط "المغرب الأخضر" سنة 2008، لم يكن التأمين حاضراً في ثقافة الفلاحين، لذلك قامت الدولة بمجهود كبير لإقناعهم بذلك، وخصوصاً الفلاحين الصغار، إلى أن وصلنا اليوم إلى تغطية مليون هكتار بدعم من الدولة، وفي المستقبل سيتم رفع المساحة إلى 2.5 مليون هكتار، في إطار مخطط "الجيل الأخضر" للسنوات العشر المقبلة.
إلى أي حد سيتضرر الإنتاج الوطني من الحبوب في إطار الموسم الحالي؟
في العادة يتم زرع مساحة تناهز حوالي 4.5 ملايين هكتار من الحبوب، وفي الموسم الحالي وصلنا إلى 3.6 ملايين هكتار، وبقيت 1 مليون هكتار في مناطق الشمال والرباط والقنيطرة والدار البيضاء وبني ملال، إضافة إلى المناطق السقوية. هناك أمل في إنقاذ هذه المساحة في ظل التساقطات المطرية المسجلة مؤخراً والمتوقعة مستقبلاً، وستتضح لنا الرؤية في المستقبل القريب بخصوص الإنتاج المتوقع.
ما هو الوضع بالنسبة للخضروات؟
هاجسنا بالنسبة للخضراوات هو ضمان تموين السوق الداخلية، بحيث نقوم كل سنة بتتبع دقيق لتوزيع الزراعات الرئيسية في المناطق السقوية، ونكون على دراية بالمساحة اللازمة من كل زراعة بناءً على الاستهلاك المتوقع بشكل شهري وأسبوعي، للاستعداد بشكل مسبق في كل فصل. وبما أننا مقبلون على شهر رمضان الأبرك، نقوم في إطار مخطط توزيع الزراعات بالتأكد من وفرة المواد الأكثر استهلاكاً خلال هذا الشهر، وهذا ما يجعل السوق الداخلية ممونة بطريقة مستمرة ومتنوعة من حيث الخضراوات والفواكه.
مؤخراً سجلت الطماطم ارتفاعاً كبيراً، ما السبب؟
سجلت منطقة اشتوكة آيت باها، التي تزود السوق الوطنية بهذه المادة خلال الفصل الحالي، إنتاجاً جد مهم، لكن الطلب الكبير عليها من الصعيد العالمي نتج عنه تصدير كمية كبيرة، ولذلك شهدت ارتفاعاً في الأسعار.
في هذا الصدد، تواصلنا مع المهنيين لتحقيق التوازن وخفض الأسعار إلى المستوى العادي، عبر ضمان الوفرة على الصعيد الوطني وتخفيض الكمية المصدرة إلى الخارج. لكن لا بد الإشارة في هذا الصدد إلى أن ارتفاع سعر الطماطم مرتبط أيضاً بالسماسرة، بحيث نجد أن الكيلوغرام الواحد من الطماطم في سوق الجملة بإنزكان، التي تمون السوق الوطنية ب90 في المائة، كان قبل أيام قليلة في حدود 5.13 دراهم، لكن في الرباط مثلاً وصل سعر التقسيط إلى 12 درهما، وهذا غير معقول. الفرق بين السعرين يذهب إلى الوسطاء الذين يشكلون الحلقة التي لا نتحكم فيها، ولذلك وضعت الحكومة برنامجاً مدققاً لمراقبة المضاربة والاحتكار، وستكون صارمة في هذا الصدد.
بخصوص ظاهرة اختفاء النحل، ما آخر ما تم التوصل إليه في هذا الصدد؟
لأول مرة نشهد هذه الظاهرة في المغرب، وقد بحثنا في عدة جوانب ونظمنا مناظرة دولية حول الموضوع، واتضح لنا أن عدة عوامل ساهمت في الظاهرة، تتجلى أساساً في قلة الأمطار وندرة المياه، إلى جانب عوامل أخرى. وأمام هذا الوضع اتخذنا عدة تدابير لدعم النحالين، تشمل معالجة حشرة "لافروا" لكي لا تتكاثر، وإعادة إعمار الخلايا المتضررة في الوقت المناسب. وأشير في هذا الصدد إلى أن هذه الظاهرة لم تشمل جميع المناطق، فالمناطق الجبلية والغابوية لم تتضرر كما المناطق الجافة. وقد أحدث المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية خلية تضم باحثين وعلماء من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة لمتابعة الوضع وتبادل المعطيات مع خبراء دوليين.
هل هناك تخوف من تأثير الظاهرة على تلقيح الأشجار؟
هناك تخوف في هذا الصدد، لكن هناك حلولا أيضاً.. نعم يلعب النحل دوراً كبيراً في تلقيح الأشجار بصفة عامة، لكن الضرر حالياً لا يتجاوز 25 في المائة من المناطق؛ ناهيك عن لجوء النحالين إلى الترحال نحو المناطق التي تنتشر فيها الأشجار المحتاجة للتلقيح.
أين وصل تأقلم الفلاحة المغربية أمام حدة التغيرات المناخية؟
المغرب يوجد في موقع هش أمام التغيرات المناخية، خصوصاً ضعف الأمطار وعدم انتظامها، وهي ظاهرة نشهدها منذ الثمانينيات، لكن حدتها اليوم زادت بشكل كبير، إذ انتقلنا من تدبير النقص إلى تدبير الندرة؛ ولذلك قام مخطط "المغرب الأخضر" بإيلاء اهتمام لهذا الموضوع، وهو مستمر في المخطط الجديد "الجيل الأخضر"، خصوصاً من خلال التحكم في مياه السقي واستعمال التكنولوجيا في أنظمة السقي، إذ تم تجهيز 700 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية المسقية بنظام الري بالتنقيط من أصل 1.6 مليون هكتار، وهدفنا هو الوصول سنة 2030 إلى أكثر من 1 مليون هكتار.
محور آخر جد مهم يشمل تعبئة الموارد المائية المستدامة، وفي هذا الصدد بدأنا تجربة تحلية مياه البحر في اشتوكة آيت باها، وهو ما مكن من إنقاذ المنطقة بعدما كانت مهددة في السابق. واليوم يتم سقي 15 ألف هكتار بهذه المياه وتوفير الماء الصالح للشرب لساكنة أكادير.
وبناءً على تجربة شتوكة آيت باها، سيتم إحداث مشروع لتحلية مياه البحر في الداخلة، سيكون موجهاً إلى حوض فلاحي على مساحة 5 هكتارات، تضاف إلى مساحة حالية تناهز 800 هكتار من الأراضي الفلاحية. وفي المشروع نفسه سيتم توليد الطاقة عبر الطاقة الريحية، ليكون سعر الماء أرخص مقارنة باشتوكة، وتزويد الداخلة بالماء الصالح للشرب.
مشاريع تحلية مياه البحر يجب أن يتم إحداثها في جميع المدن الساحلية، وقريباً سيتم إنجاز مشروع في مدينة الدار البيضاء، وهو ما سيدعم التأقلم مع التقلبات المناخية، إضافة إلى تدبير منظومة الزراعات الفلاحية من خلال التحول من الحبوب المرتبطة بالتساقطات المطرية نحو الأشجار، مثل الزيتون والخروب والورديات المتأقلمة بشكل أكبر مع ندرة المياه.
وبالنسبة لشجرة الخروب، يسعى مخطط "الجيل الأخضر" إلى الوصول إلى مساحة تناهز 100 ألف هكتار في إطار الفلاحة التضامنية، إضافة إلى استعمال التقنيات الحديثة، مثل الزرع المباشر الذي يعطي إنتاجاً جد مهم. وطموحنا في هذا الصدد يستهدف استعمال هذه التقنية على مساحة تناهز 1 مليون هكتار، مقابل 50 ألف هكتار حالياً.
هل من السهل إقناع الفلاح بتغيير عاداته واعتماد الزراعات البديلة؟
يجب التأكيد في هذا الصدد على أن الفلاحة التقليدية تضم تقنيات وممارسات ملائمة للتغيرات المناخية، لكن هناك ممارسات وجب تغييرها، وهو ما يحتاج وقتاً، لأن الفلاح يؤمن بالملموس؛ فحين يرى مثلاً مزايا التأمين يقبل عليه، وحين يرى مردودية الزراعات البديلة يؤمن بها ويعتمدها. هذا التحول يحتاج مواكبة ودعماً، ومن الأهمية بمكان في هذا الصدد تشجيع الشباب على العمل في القطاع الفلاحي، لما يوفره من فرص مهمة، وبالتالي المساهمة في تحديثه.
أغلب الفلاحين لديهم استغلاليات صغيرة، كيف يتم التعامل مع هذه الإشكالية؟
نعم هذه إشكالية كبيرة، فأغلب الاستغلاليات الفلاحية صغيرة ومستمرة في التجزيء. وقد اعتمدنا عدة مقاربات لمواجهة هذه الإشكالية، أهمها التجميع الفلاحي الذي يتم بموجبه تنظيم الفلاحين حول فاعل خاص يسمى المُجمِّع، بهدف تجميع إنتاج الفلاحين الصغار في إطار تعاقد يضمن لهم التتبع والتوجيه، وهي طريقة تساهم في رفع الإنتاجية.
مخطط "الجيل الأخضر" تضمن مقاربة تعتمد على تنقيل الضيعات الفلاحية من الآباء إلى الأبناء، وفق تحويلها إلى شركات لتفادي توزيع الأراضي. وسنناقش مقاربات أخرى مع المهنيين والمعنيين بالأمر لإيجاد تصور يحد من إشكالية تجزيء الضيعات الفلاحية.
كيف تساهم الفلاحة في تنمية العالم القروي؟
الأنشطة التي يشتغل فيها سكان العالم القروي هي بالأساس فلاحية، من زراعة وتربية الماشية، إضافة إلى الخدمات المرتبطة بالقطاع الفلاحي، وغالباً ما يستثمر فيها الشباب، وتخلق فرص عمل جديدة، وتساهم في تحديث الفلاحة وتنميتها وضمان استدامتها، وهو ما يدعم بروز وتوسيع طبقة وسطى فلاحية. لكن مازال العالم القروي في حاجة إلى التنمية ليكون جاذبا للعيش، وذلك يتطلب توفير الطرق وفك العزلة والتعليم والخدمات الصحية.
المغرب لا يحقق اكتفاءً ذاتياً في عدد من المواد الأساسية، هل يمكن تجاوز هذا الأمر؟
يجب تحقيق التوازن بين المؤهلات الترابية المتوفرة، فهناك زراعات ملائمة لمناخ المغرب وزراعات أخرى يجب تشجيعها للوصول إلى مستوى أعلى من الإنتاج في ظل وجود مؤهلات، لكن هناك زراعات أخرى لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي فيها، مثل الحبوب، فهناك حوالي 4.5 ملايين هكتار من الحبوب من أصل 9 ملايين هكتار في المجموع، كما أن حصة الحبوب في المناطق السقوية تناهز 300 ألف هكتار، وهي مخصصة للبذور أساساً؛ لذلك لا يمكن أن نزرع أكثر. في آخر المطاف يبقى الفلاح حراً، لكن إن وضع أمام خيارات الزيتون والبواكر من جهة، والحبوب من جهة أخرى، سيختار الأولى لأنها مدرة للدخل أكثر.
وتزرع الحبوب في المناطق البورية، لذلك تبقى إنتاجيتها خاضعة للتساقطات المطرية، لكننا نعمل في هذا الصدد على اعتماد التقنيات والبذور المناسبة لتنمو أسرع ما يمكن مع أولى التساقطات المطرية؛ لكن في غياب هذه الأخيرة نصبح أمام إشكالية.
وبخصوص إنتاج الزيتون سنشهد ارتفاعاً كبيراً في السنوات المقبلة، والأمر نفسه بالنسبة للتمور والخروب والورديات؛ وهي سلاسل يمكن أن نحقق فيها اكتفاء أو إنتاجاً أكبر يغطي الحاجيات بنسبة أعلى. وبالنسبة للسكر نصل إلى سقف 60 ألف هكتار، وهي مساحة تنتج ما بين 60 إلى 70 في المائة من الحاجيات الوطنية إذا كان السقي متوفراً. أكثر من ذلك لا يمكن، وإن حدث فسيكون على حساب زراعات أخرى.
هناك زراعات أخرى لا نحقق فيها الاكتفاء الذاتي، مثل النباتات الزيتية التي نستوردها بشكل كامل، بحيث كانت لها مكانة في السابق، خصوصاً عباد الشمس، في كل من مكناس والغرب، إلا أن الإشكال أنها مناطق بورية تخضع للتغيرات المناخية. لكن التفكير جار بخصوص إدخال السوجا ضمن المناطق المسقية، باعتبارها زراعة صيفية تتطلب ثلاثة أشهر فقط.
إجمالاً نحاول أن نحقق التوازن بين الموارد المتاحة لتوفير المزروعات المهمة جداً والمزروعات الأخرى التي يمكن استيرادها.
إلى أي حد يمكن لمخطط "الجيل الأخضر" أن يحل مشاكل الفلاحة المغربية؟
كل النقط التي تطرقنا لها نجدها في هذا المخطط الذي يهدف إلى جعل التنمية البشرية في صلب التدخل لإبراز وتوسيع طبقة وسطى فلاحية في العالم القروي، وتشجيع الشباب على الاستثمار في القطاع الفلاحي، وخلق الظروف المواتية لذلك من خلال المواكبة والتكوين.
كما يتضمن المخطط شقاً يهتم باستدامة التنمية الفلاحية ونجاعة سلاسل الإنتاج من خلال ضبط المنظومة الزراعية وكمية المياه المستعملة، وتشجيع اقتصاد الماء وتعزيز الموارد المائية المستدامة واستعمال التكنولوجيا الجديدة، والاهتمام أكثر بالتربة، بهدف تحقيق التأقلم مع التقلبات المناخية. ولمعالجة إشكالية التسويق لدينا إصلاح جد هيكلي ومهم مرتبط بأسواق الجملة وشبكات التوزيع... كل ذلك من أجل تحقيق السيادة الغذائية للوصول إلى السيادة الفلاحية، وهي إحدى الدروس المستخلصة من أزمة كورونا، وتندرج ضمن الرؤية الإستراتيجية الواردة في خطابات جلالة الملك بخصوص تعزيز المخزون الإستراتيجي من المواد الغذائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.