للمرة الثانية على التوالي، يتفوق تلاميذ شانغهاي على التلاميذ الأمريكيين والبريطانيين وحتى اليابانيين، في قائمة البرنامج الدولي لتقييم التلاميذ التي يتم إصدارها كل ثلاث سنوات من طرف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، في إنجاز جديد يؤكد المكانة العالمية التي صارت تحتلها دولة الصين الشعبية في خارطة التعليم العالمية، فيما لم تتواجد أي دولة عربية في المراتب الخمسين الأولى، وأول العرب كانت هي الإمارات التي حلت في الرتبة ال51. هذا البرنامج الذي صدرت نتائجه بداية هذا الأسبوع، والمستهدف للفئة العمرية البالغة من العمر 15 سنة، اشتغل على تحليل نتائج مواد الرياضيات، العلوم، والقراءة لأزيد من نصف مليون تلميذ بالدول ال34 التي تنتمي إلى المنظمة المعروفة اختصارا بOECD، إضافة إلى 31 دولة أخرى. وفي وقت همّ فيه التصنيف دولاً عربية كتونس، الإمارات العربية المتحدة، قطر، الأردن، لم يتواجد اسم المغرب داخل هذا البرنامج الذي تجذب نتائجه أنظار الرأي العام العالمي المهتم بقضايا التربية والتعليم. إذن، فشانغهاي، العاصمة الاقتصادية للصين الشعبية، وبتعداد سكاني يصل إلى 23 مليون، استطاعت مرة أخرى أن تصل إلى القمة بفضل التطور السريع الحاصل في منظومتها التعليمية، وقد أرجع تحليل قامت به جريدة الغارديان البريطانية هذا الإنجاز، إلى اهتمام الدولة الصينية بالتعليم وكذا رغبة الآباء في مشاهدة أبناءهم يتفوقون في المدارس، لدرجة أن الكثير منهم، يصر على دفع مبالغ مهمة لدروس الدعم والتقوية، زيادة على التكوين المستمر الذي يستفيد منه الأساتدة، حيث يقضون حوالي 30 في المئة من وقتهم السنوي في تطوير ملكاتهم المهنية. وتضيف الجريدة البريطانية الواسعة الانتشار، أن شانغهاي استفادت من إصلاح وطني للتعليم، حيث توفر الدولة الصينية لمدارسها درجة واسعة من الحرية في الاشتغال بالمناهج التي تراها صالحة لتلاميذها، معتبرة كذلك أن التعليم الصيني يعتمد بشكل واضح على الإبداع والتفكير النقدي، وهو ما طوّرته شانغهاي بأن صبّت اهتمامها على مواد معينة وتخلصت بشكل تدريجي من دروس أخرى رأت أنها أقل أهمية. وتقدم شانغاي صورة مختلفة عن الصين المزدحمة بالبشر، فساكنة المدينة لا تمثل سوى 2 في المئة من مجموع تعداد سكان البلد، في وقت يصل فيه الناتج المحلي الإجمالي للفرد بها إلى أكثر من ضعف المعدل الوطني، إضافة إلى أن غالبية خريجي المدارس الثانوية، يلتحقون بالتعليم الجامعي مقارنة بحوالي الربع على الصعيد الوطني. وقد كان المركز الثاني من نصيب دولة سنغافورة، وفي المركز الثالث منطقة هونج كونغ التابعة بدورها للصين الشعبية، أما المركز الرابع فقد كان من نصيب تايوان، وفي المركز الخامس أتت كوريا الجنوبية، أما السادس فكان في جيب الصين الشعبية مرة أخرى عبر منطقة مكاو. أما اليابان، فقد حققت المركز السابع، وليشتينتاين الثامن، ثم سويسرا في التاسع، فهولندا في المرتبة العاشرة. الأمر الذي جعل بلد ماو تسي تونغ يفوز بثلاث مراتب في قائمة العشرة الأوائل. والمثير في الترتيب، هو التقهقر الكبير لتلاميذ الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي حلوا في المرتبة ال36، وكذلك للبريطانيين الذين حلوا في المرتبة ال26، بينما حل الألمان في الترتيب ال16 والفرنسيين في ال25. وهو ما أثار حنق مجموعة من الجرائد الأمريكية التي اعتبرت أن هناك حاجة ضرورية لإصلاح بعض جوانب النظام التعليمي الخاص بأقوى دولة في العالم.