أثار إعلان عمار سعداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة في انتخابات الرئاسة القادمة، جدلا في البلاد، على اعتبار أن الأخير يعاني من مشاكل صحية، منذ تعرضه لجلطة دماغية في أبريل الماضي. ورأى خبير سياسي جزائري أن إعلان الحزب الحاكم ترشح الرئيس الجزائري، يعني أن "السلطة الحاكمة تريد جعل استمرار بوتفليقة في الحكم لولاية أخرى، أمرا واقعا"، معتبرا أن "هناك خارطة طريق، بدأ بوتفليقة تنفيذها منذ عودته من العلاج بالخارج". وقاد سعداني المعروف بقربه من المحيط الرئاسي، منذ وصوله إلى قيادة الحزب الحاكم، نهاية غشت الماضي، حملة لدعم استمرار بوتفليقة في الحكم، لكنه أعلن السبت في تجمع لأعضاء الحزب بالبليدة جنوب غرب العاصمة أن "الرئيس بوتفليقة سيكون رسميا، مرشح جبهة التحرير الوطني في انتخابات العام القادم". ويقترب بوتفليقة (76 سنة)، الذي وصل الحكم عام 1999 من إنهاء ولايته الثالثة في أبريل 2014 ، غير أنه لم يعلن حتى اللحظة، إن كان سيغادر السلطة، أو يترشح لولاية رابعة، خلال الانتخابات المقررة أبريل القادم، بحكم أن الدستور الحالي يمنحه حق الترشح لولاية أخرى. وقال سعداني إن الدافع من ترشيح بوتفليقة لولاية رابعة، هو " تثمينا لإنجازاته منذ وصوله الحكم عام 1999، وحصيلته الإيجابية على المستووين الداخلي والخارجي، ومنها عودة الجزائر القوية إلى الساحة الدولية"، ومشروع المصالحة الوطنية الذي أنهى العنف في البلاد، إلى جانب الانجازات الاقتصادية، خاصة في مجال البنى التحتية. وعاد بوتفليقة، منتصف يوليو الماضي من فرنسا، بعد رحلة علاج دامت أكثر من شهرين ونصف، وقال بيان رسمي إنه سيكمل فترة التأهيل الوظيفي بالجزائر، فيما أكدت وسائل إعلام فرنسية أنه عاد على كرسي متحرك، وهو غير قادر على الحركة. ورغم أنه استأنف نشاطه الرسمي، فور عودته من فرنسا، منتصف يوليو الماضي في شكل اجتماعات مع كبار مسؤولي الدولة، وأعضاء الحكومة، وضيوف أجانب، إلا أن الرئيس بوتفليقة، الذي يبدو أنه لا يقوى على السير، مازال لم يظهر في نشاط رسمي، حيث يتطلب تنقلات أو جهدا بدنيا كبيرا. وأدت القرارات، التي اتخذها الرئيس الجزائري شهر سبتمبر الماضي بإجراء تعديل حكومي كبير، تعلق بوزارات السيادة والمجلس الدستوري إلى جانب تغييرات داخل المؤسسة العسكرية، وجهاز المخابرات القوي، وتغييرات في سلك المحافظين إلى خلط الأوراق السياسية في البلاد، حيث أعطى ذلك الانطباع أن الرجل يمهد الطريق ل"انتزاع" ولاية رابعة ، حسب المعارضة، رغم أنه لم يعلن ذلك رسميا. ورد سعداني على التساؤلات، بشأن صحة بوتفليقة في تصريحات إعلامية اليوم الأحد بالقول إن "الوقت ما زال مبكرا للحديث عن صحة بوتفليقة، وهو يتحسن تدريجيا، كما أنه سيقوم بنفسه بتنشيط حملته". ورأى عابد شارف الكاتب الصحفي في صحيفة "الشروق" الجزائرية أن هذه الدعوات للترشح، معناها أن "السلطة الحاكمة تريد جعل استمرار بوتفليقة في الحكم لولاية أخرى، أمرا واقعا لا يمكن تجاوزه"، مضيفا أن "هناك خارطة طريق وضعتها السلطة الحاكمة، وبدأ بوتفليقة تنفيذها منذ عودته من العلاج بالخارج". وأوضح شارف أن "هذه الخارطة انطلقت بتعديل حكومي مس الوزارات المهمة التي أسندت لمقربين من الرئيس إلى جانب محاولة لاحتواء الجبهتين السياسية، والاجتماعية؛ لتفادي حدوث مقاومة تذكر لهذا المخطط، فضلا عن محاولة تحييد كل شخصية مهمة بإمكانها قلب المعادلة السياسية، في حال تقدمها لسباق الرئاسة، وستكون المحطة الأخيرة بتعديل الدستور". وأشار الخبير الجزائري إلى أن تعديل الدستور "هدفه استحداث منصب نائب للرئيس، سيقوم مقامه في تنشيط حملته الانتخابية، في حال عجز بوتفليقة عن ذلك". وبشأن العائق الصحي في استمرار بوتفليقة في الحكم، قال شارف "لا أظن أن تبرير ذلك صعب للرأي العام؛ لأنه يمكن نشر تقرير طبي يؤكد أن بوتفليقة في صحة جيدة، وبإمكانه الاستمرار في الحكم".