كما هي العادة لم تستطع الصحافة التنبؤ بأي تغيير على مستوى المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية، التي تستعين دائما في قضاء حوائجها بالكتمان، وهو ما يؤكد صرامة الضوابط المعمول بها داخل المصالح العسكرية؛ فلا يمكن إفشاء الأسرار المهنية مهما كان حجمها. وقد كانت مفاجأة أمس هي تعيين الجنرال دوكوردارمي بلخير الفاروق مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية، خلفا للجنرال دوكور دارمي عبد الفتاح الوراق. ودون الدخول في الأسباب التي أدت إلى "إبعاد" الجنرال الوراق فقد ساهمت الأحداث الأخيرة في صعود نجم الجنرال المغربي الفاروق بلخير، قبل أن يصل اليوم إلى قيادة الجيش ببلاغ "فاخر" لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، قالت فيه إن "اختيار الجنرال دوكور دارمي بلخير الفاروق لهذا المنصب تم نظرا لمؤهلاته المهنية وروح المسؤولية العالية التي تحلى بها في مختلف المهام التي أسندت إليه". ولم يقف البلاغ، المؤشر عليه من طرف القائد الأعلى للجيش ورئيس أركان الحرب العامة الملك محمد السادس، عند حدود التنويه بالجنرال الفاروق، بل إنه أشار إلى كونه سيواصل ممارسة مهامه كقائد للمنطقة الجنوبية، ليجمع بين مهمتين كبيرتين، في إطار مهمة أكبر. وكان اسم الجنرال الفاروق ارتبط بأحداث كبيرة، ساهمت في رفع مستوى "الفخر" بالقوات المسلحة الملكية، لاسيما في ما يتعلق بقيادته عملية "تأمين" معبر الكركرات في مواجهة العصابات المسلحة، التي تم تكليفها باستفزاز الجيش، لمحاولة اختلاق حادث والتشويش على مسار القضية الوطنية، قبل أن ينقلب السحر على الساحر، وتتحول الكركرات إلى نقطة عبور يرفرف فوقها العلم المغربي، بتأييد من المنتظم الدولي. ولم تكن تلك سوى الخطوة الأولى التي سبقت اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية ب"مغربية الصحراء"، وقد سبقها خطاب صارم من لدن القائد الأعلى للجيش الملك محمد السادس، الذي قال في خطاب المسيرة إن «المغرب، سيبقى، إن شاء الله، كما كان دائما، متشبثاً بالمنطق والحكمة؛ بقدر ما سيتصدى، بكل قوة وحزم، للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية». عملية الكركرات لم تكن سوى ضربة معلم، رفعت أسهم قائد المنطقة الجنوبية، لكن التتويج حصل عليه بعد أن تم تكليفه بترتيب أوراق مناورات الأسد الإفريقي، حيث ظهرت "القوة التنظيمية" لهذا الجنرال، الذي لم يسجل عليه أي خطأ طيلة مدة إجراء المناورات خلال شهر يونيو الماضي، سواء من حيث الإعداد واللوجستيك أو التصريحات الإعلامية المضبوطة؛ فضلا عن كونه ساهم بعيدا عن الجدل في تأكيد اعتراف الدول المشاركة في مناورات الأسد الإفريقي بمغربية الصحراء، حيث كانت كل الشعارات، بداية من شعار الدورة، تحتفي بخريطة المملكة، كاملة، مؤكدة سيادة المغرب على صحرائه. إن تعيين الجنرال الفاروق في منصب المفتش العام للقوات المسلجة الملكية المغربية ليس فقط رسالة إلى الداخل، بل هو أيضا رسالة إلى الأعداء، حول العدة التي يعدها المغرب لمواجهة خصومه، بهذا النوع من المسؤولين، الذين لا يتساهلون عندما يتعلق الأمر بسيادة المملكة على ترابها، إذ إن الجنرال بلخير الفاروق خبير في قضية الصحراء، وقادته معاركها، والعمل في المناطق الجنوبية، ليتبوأ أعلى منصب في الجيش بعد الملك محمد السادس.