أيها "الجهل" ارحل، ولا تترد وأنت تجمع حقائبك ارحل، حتى نرتاح من عبئك الذي يجعلنا متأخرين عن الركب ارحل، لأن الوضع لا يطاق لم يكن هناك داع لاستغلال الحملة الانتخابية لكي تظهر لنا حقيقتك في استغلال المغرر بهم، أو المدفوعين، لفبركة مظاهرات تحت عنوان "ارحل". إن من يجب أن يرحل هو أنت أيها الجهل الساكن فينا الذي يصورنا بهواتفه النقالة وفيديوهاته المحرجة لنا أمام العالمين. كلمة "ارحل" ذات حمولة كاذبة، خادعة، محرجة، عندما تظهر في حملة انتخابية، عندما يكون الهدف منها التشويش على وطن بكامله، ولا داعي لتكرار مبررات واهية حول أسباب النزول، لأن "ارحل" لغة الشارع، أما الانتخابات فلها قواعدها الصارمة التي تنظم اللعب داخل دوائر معروفة، والهدف هو تسجيل الأهداف داخل صناديق الاقتراع وليس خارجها. أيها "الجهل" لقد بات كثير من المواطنين يعرفونك على حقيقتك، لذلك لا داعي لتكثر من ظهورك على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، لأن الجميع يعرفك. ولكن الفئة التي تدفعك للظهور، فئة شاردة، انتهازية تبحث دائما عن موطئ قدم لمواصلة تخريب العقول والبنيات التحتية، كما يفعل الأعداء. اللهم ارزق كل مواطن عدوا عاقلا إذا كان من الضروري خوض معركة. لا تدفع، مواطنا، ولا منتخبا ولا مرشحا؛ فالحملة الانتخابية مساحة حرة لاستعراض مؤقت للأفكار والبرامج الانتخابية، إنها فرصة لنظهر للعالم قدرتنا على ركوب الحضارة، واستعمال لغة المؤسسات. على الجميع استغلال الفرصة لإقناع المواطنين بجديته في مواجهة التكرار والقطع مع الوسائل القديمة. ولا شك أن التنافس النزيه سيرفع منسوب الثقة، وسيدفع "المتفرجين" إلى "محاولة اللعب" في المرة القادمة. أما تكريس "التخلف" فسيؤدي إلى مزيد من "النكران"، والجهل بالمرض يؤخر مدة العلاج. لذلك، يقولون إن معرفة الداء نصف الدواء. كثير من المواطنين يعرفون الداء ويعرفون الجائحة السياسية التي تسعى للتخريب، كما يعرفون أن الأزمة ليست أزمة أفكار أو أزمة إبداع. لكنهم يعرفون أن تحالف "الجهل" و"التقاعس" عن القيام بالمتعين، سيؤدي لا محالة إلى نفس النتائج، والكل يرغب في تغيير النتائج نحو الأفضل والأحسن. أخي الجاهل، أختي الجاهلة، ألا تفكر في التعاون من أجل بناء وطن؟ ألم يحن الوقت لتعرف أن ملجأك الأخير هو وطنك؟ ألا تمل من تكرار نفس التصرفات في عالم متغير؟ ألا تعرف أن التغيير يبدأ من تغيير الذات؟ كيف نريد لهذه البلاد أن تسير إلى الأمام وبيننا مستهترون قاموا بتزوير نتائج الاختبارات ضد فيروس كورونا لمزيد من نشر الداء عبر العالم؟ كيف يمكن أن نطمح إلى التغيير ونحن نلاحظ تدافع الحشود في الدعاية لهذا المرشح أو ذاك بوسائل بدائية؟ أليست السياسة هي فن الإقناع؟ لنفترض أنك مجرد من كل إحساس، أليست لك أم أو أخت أو أب أو أخ يقطع المسافات الطويلة أو يستيقظ باكرا أو يكد فقط لتوفير لقمة العيش لمن يعول عليهم لإخراجه من دائرة العوز الفكري والمادي؟ أليس لك قريب أو بعيد تجده دائما حاملا لهموم هذا الوطن وفي الأخير تأتي أنت لتحاول إغراق السفينة عبر إحداث ثقب فيها؟ عليك أن تستحيي من أجل هؤلاء. من أجل أبنائنا، من أجل آبائنا، من أجل الأجداد (لمن يؤمن ب"الأصول")، على جميع المواطنين التحالف ضد "الجهل ومظاهره"؛ ذلك أن محاربة الفساد تبدأ من محاربة الجهل، والبناء يبدأ حتما بتوفير المواد الأساسية غير المغشوشة، أما الحطب فمصيره معروف.