أثار إعلان بنك المغرب عن إصدار سلسلة أوراق نقدية جديدة مُنتصف شهر غشت الماضي، والتي تشمل أوراق 200 و 100 و 50 و 20 درهما، نقاشا حول عدم تضمين الأوراق النقدية المرتقبة تقديما باللغة الأمازيغية، التي نصّ دستور 2011 على اعتبارها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، حيث كُتبت الأوراق النقدية المرتقبة باللغتين العربية والفرنسية فقط، فيما خلت من اللغة الأمازيغية. رواد المواقع الاجتماعية أثاروا مسألة تغييب الأمازيغية عن الأوراق النقدية الجديدة، "في الوقت الذي تضمّنت الأوراق النقدية تقديما بلغة دخيلة (الفرنسية)"، حسب تعليق لأحدهم، وتساءل آخرون عمّا إذا كان في ذلك إخلال بمقتضيات دستور المملكة. رشيد تساءل في تعليق في صفحته على الموقع الاجتماعي "فيسبوك " معلقا على إعلان بنك المغرب إصدار أوراق نقدية جديدة "أوراق نقدية جديدة في المغرب مكتوبة باللغتين العربية والفرنسية وبدون الأمازيغية (اللغة الرسمية إلى جانب العربية)، واش حتا هيا خاصّنا ليها قانون تنظيمي؟". في هذا الإطار يقول الناشط الأمازيغي أحمد عصيد إنّ النقاش الذي رافق إعلان بنك المغرب عن إصدار أوراق مالية لا تتضمّن اللغة الأمازيغية جاء بعد ترسيم اللغة الأمازيغية لغة رسمية في دستور 2011، والذي جعل لزاما على الدولة أن تكتب بها (الأمازيغية) في الرموز السيادية للدولة، لأن اللغة الرسمية هي لغة المؤسسات، وبالتالي يجب أن تتضمنها رموز الدولة. وتتمثّل الرموز السيادية للدولة الخمسة في الأوراق البنكية والنقود، بطاقة التعريف الوطنية، جواز السفر، طوابع البريد والنشيد الوطني. هذه الرموز، يوضّح عصيد، يجب أن تكون باللغة الرسمية للدولة، إذا كانت هناك لغة رسمية واحدة تُكتب بها، وإذا كانت هناك عدّة لغات رسمية تكتب بها، وفي حال المغرب فإنّ رموز الدولة يجب أن تُكتب باللغتين الرسميتين للدولة، العربية والأمازيغية. في خضمّ ذلك، يبقى السؤال المطروح هو: هل بنك المغرب ملزم بكتابة الأوراق النقدية باللغة الأمازيغية رغم عدم صدور القانون التنظيمي الذي تستعدّ الحكومة لإخراجه، والذي ينصّ الدستور على أنه هو الذي سيحدّد كيفية إدراج الأمازيغية في الحياة العامة؟ جوابا عن هذا السؤال يقول أحمد عصيد، إنّ من حقّ النشطاء الذين احتجّوا على عدم كتابة الأوراق النقدية بالأمازيغية أن يُطالبوا بذلك، دون الانتظار إلى حين صدور القانون التنظيمي للأمازيغية، "لأنّ عدّة قطاعات، حكومية وغير حكومية، بدأت في تفعيل ما جاء به الدستور، ومنها وزارة التربية الوطنية التي أصبحت المؤسسات التابعة لها تُكتب واجهاتها باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، بعدما راسل وزير التربية الوطنية محمد الوفا جميع الأكاديميات والنيابات التعليمية، ونفس الشيء بالنسبة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر. وأضاف عصيد أنّ القانون التنظيمي للغة الأمازيغية المرتقب "يجب أن ينصّ على أن اللغة الأمازيغية تُستعمل في رموز الدولة الخمسة، وإلا فلا معنى للترسيم، لأن الأمازيغية لا يمكن أن تمتدّ إلى باقي مجالات الحياة العامة إذا لم ينطلق ترسيمها من الرموز السيادية للدولة أولا". وعمّا إذا كان بنك المغرب، بعدم تضمينه الأوراق المالية المرتقب صدورها كتابة تقديم باللغة الأمازيغية قد خرق مقتضيات الدستور، أوضح عصيد أنّ الأمر يحتمل وَجهين؛ من جهة، لا يُعتبر ذلك خرقا للدستور طالما أنّ الوثيقة الدستورية تنصّ على أنّ القانون التنظيمي، الذي لم يصدر بعد، هو الذي يحدّد كيفية ومراحل إدراج الأمازيغية في مختلف قطاعات الحياة العامة، "وهذا عذر مقبول من الناحية الدستورية"، يقول عصيد ويضيف أنه من جهة أخرى، حتى وإن لم يصدر القانون التنظيمي المنظّم للغة الأمازيغية بعد، إلا أنّ ذلك لا يمنع من المطالبة بكتابة الرموز السيادية للدولة باللغة الأمازيغية، "لأنّ المعروف في كل بلدان العالم هو أنّ اللغة، أو اللغات الرسمية المنصوص عليها في الدستور، هي لغة المؤسسات".