يتسلقون الجبال والتلال لتظهر لهم سبتةالمحتلة، ثم ينزلون إلى البحر. هناك يجدون في استقبالهم قوات الحرس المدني والجيش الإسباني الذي يجبرهم على العودة باستخدام غازات مسيلة للدموع، ليعودوا أدراجهم إلى حيث انطلقت رحلة "الزحف الكبير". من بين هؤلاء، أطفال تركوا قاعات الدراسة، يتحدثون لغة "الكبار"، ينتقدون الحكومة والسياسات العمومية ويحلمون بأوروبا. يستمعون إلى أغاني "الأولترا" الشعبية، وأغان تشجع على الهجرة. لم يعد لهؤلاء ما يخسرونه، كما يقولون، "سينتهي بنا الحال في البحر أو في البر. سنصل إلى أوروبا". غالبية هؤلاء المراهقين والشباب قدموا من مدن الشمال. طنجة وتطوان تحتلان الصدارة، ثم فاس والدار البيضاء. لا يتوفرون على وثائق هوية، ومعظمهم ترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة. يحملون وشوما وآثار ضرب بالسكين على أذرعهم. يقولون إنّ البلاد لم تقدّم لهم شيئا وإنهم يريدون أن يبدؤوا حياتهم من الصّفر. إلى جانب هؤلاء، يتواجد العديد من المهاجرين من مختلف الجنسيات، في مقدمتهم يمنيون وسوريون وأفارقة. سلمان، شاب قدم من اليمن، قال في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية: "الوضع خلف السياج الحدودي مأساوي، ولا تطيق نفس أحد. نرجو من المنظمات الحقوقية أن تنظر إلى هذه الفواجع". وأضاف المهاجر اليمني أن "الأمن الإسباني تعامل معنا معاملة سيئة، حيث قام بضربنا ورشنا بالغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي"، موردا: "السلطات الإسبانية ضحكت علينا". ورغم ارتفاع درجة الحرارة في منطقة الفنيدق، مازال مئات المهاجرين مرابطين بالقرب من المعبر الحدودي، وغالبيتهم يصرون على إكمال طريقهم إلى سبتةالمحتلة، "وخا يضربونا بالكيماوي غادي نمشي. حنا أصلا ميتين ف هاد البلاد"، يقول جمال (24 سنة)، عاطل عن العمل مقيم في الفنيدق منذ سنة. ووصلت تعزيزات أمنية مكثفة إلى المعبر الحدودي بالقرب من مدينة الفنيدق. ولم يتمكن عشرات المغاربة قبل ساعات من العبور إلى الضفة الأخرى. وتحاول القوات المساعدة ضبط الوضع في معبر "تاراخال" الذي شهد هدوء نسبيا بعد تراجع عدد الوافدين. ولم تسمح قوات مكافحة الشغب المغربية لأي شخص بالاقتراب من رصيف الميناء على الرغم من المحاولات العرضية من قبل عدد من المرشّحين للهجرة السّرية، كما لم يُسمح لهم بتسلق التل الذي يؤدي مباشرة إلى مدخل المعبر الحدودي.