بمناسبة إقامة علاقات دبلوماسية بين دولة هندوراس بأمريكا الوسطى و"الجمهورية العربية الصحراوية "في شهر يونيه 2013 يطرح سؤال عن ربط هده العلاقات وعن وضعية دبلوماسية المخزن في العالم ككل حول الصحراء، وماهي أسباب اعتراف دول أمريكا ب"RASD "؟ نشير بادئ الكلام إلى ضرورة معالجة مشاكل البلاد بمناهج دراسية ووجهات نظر مختلفة ومنفتحة، وبتواضع يقبل احتمال وجود الأخطاء، وليس فقط باجترار المواقف المخزنية حول الصحراء من طرف الأحزاب المستفيدة من الموالاة المخزنية، أو من طرف الصحافة المأجورة وأصحاب المعتقدات المذهبية المتعصبة، لأن ظهور حالة هندوراس تعتبر ذات أهمية كبرى لكونها وقعت بعد تمديد مهمة المينورسو بدون توسيع اختصاصها في شأن مراقبة حقوق الإنسان في ابريل2013، وأيضا هي أول دولة تقيم علاقات دبلوماسية مع RASDفي عهد وجود الاسلاميين كطرف بوزارة الخارجية والتعاون، وبعد الدعايات الكثيرة التي بثتها الدبلوماسية المخزنية حول تراجع بعض الدول عن اعترافها بدولة الصحراء، ولأن هندوراس تدخل ضمن المنظمة الإقليمية "منهاج اندماج أمريكا الوسطى"sistema de la integracion centroamericana " التي تجتمع فيها دول تلك المنطقة، ويحتمل أن تنسق كمجموعة مهمة موضوع اعترافها بدولة الصحراء كما فعلت الدول الإفريقية تمهيدا لما يمكن أن يقع عند عرض تقرير المينورسو على مجلس الأمن الدولي من جديد سنة2014، حيث ستقوم من جديد الأجهزة المخزنية بجولاتها وحملتها بعد فوات الأوان ! كان من المعتاد في وسائل الإعلام والدعاية السياسية أن تعمل دبلوماسية العائلات المخزنية الحاكمة على فرض التعتيم على اعتراف كثير من الدول بRASD، وردت أرقام في الانترنيت ترفع عددها إلى 80دولة، وشهد الناس اضطراب موقف هده الدبلوماسية من منظمة الاتحاد الإفريقي UA، ومسح أي فشل يصيبها على ثوب الجزائر وعلى بعض أصدقائها في إفريقيا، ولكن الشعب لا يعرف كثيرا عن وضعية هذه الدبلوماسية في القارات الخمس مثل آسيا وأمريكا، وجزر المحيط الهادئ، حيث برزت مشاكل جديدة وخطيرة مستقبلا مصدرها البارز من القارة الأمريكية في ربيع 2013 كان أهمها ثلا ث حالات: 1- تقديم الولاياتالمتحدةالأمريكية لمقترح مراقبة المينورسو لسلوك المخزن حول حقوق الإنسان في الصحراء، وهو موضوع لاتزال آثاره مستمرة في الحركة الاحتجاجية التي تشعر بالحماية الدولية والعطف الخارجي بالصحراء، وعمت تقريبا جميع المدن وفي الضحايا الذين يتلقون الضربات يوميا من القوات المخزنية والمحتجين، وكذلك في توصية مجلس ألأمن الدولي بضرورة احترام المغرب لحقوق الإنسان في الصحراء مما يقول ضمنيا انه لايحترمها ويهئ للمحاسبة في السنة القادمة.. 2- إقامة العلاقات الدبلوماسية بين "دولة الصحراء"ودولة هندوراسHonduras. 3- إعلان برلمان الأندلس يوم13يونيه2013 لكون جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي لشعب الصحراء، وبالتالي بادر إلى تقديم قراره للاتحاد الاوربي في الوقت الذي تنشغل فيه وسائل الإعلام المخزنية بالموسيقى الأندلسية بمهرجان فاس. ولو كانت العلاقات المذكورة مع هندوراس وبرلمان الأندلس وحدهما لكان الأمر سهلا، ولكن اذا راجعنا لائحة دول القارة الأمريكية التي اعترفت بالبوليساريو لوجدناها طويلةتشمل أغلبية دول القارة حسب المعلومات المدونة على الأنتيرنيت،وهي كوبا،ودومينيك،ونيكاراكوا،وجامايكا،والميكسيك،وبيرو،وايكواتور،وكوستاريكا،وكولومبيا،كواتيمالا،وسلفادور،وباراكواي،واوروكواي،وهايتي،وبيليز،وهندوراس.. ويمكن الكشف عن جذور هدا الفشل الدبلوماسي بالانفتاح على إجراء أبحاث عميقة وحرة، تتجاوز ميدان الدبلوماسية،وتمتد إلى شؤن ثقافية، ودستورية ،ومذهبية،ولغوية، ودينية تعني مناطق نفوذ الثقافة واللغة الاسبانية،والثقافة واللغة الانجليزية، والبرتغالية حيث نجد البرازيل التي يتكلم سكانها اللغة البرتغالية لم يعترف بتلك الدولة، لنتذكر إذن عناصر فهم ملابسات موقف دول أمريكا من المغرب، ومنها انتماؤه إلى صف دول الفرنكوفونية التي تخدم مصالح فرنسا ونوع من العروبة والتيوقراطية السنية وانقسام القارة الإفريقية إلى دول انكلوفونية وأخرى فرنكوفونية، وتأثير سياسة فرنسا على النخب المخزنية المتحكمة في الدبلوماسية، وهو ما تسبب في اعتراف جنوب إفريقيا التي تعتبر أقوى دولة في صف إفريقيا الانجلوفونية،وترجع أيضا إلى المنهجية الانجليزية، في معالجة موضوع استقلال المستعمرات ، وهي منهجية تخالف سياسة فرنساواسبانيا تماما،وترتكز على موافقة المملكة المتحدة على استقلال المستعمرات، مع الاحتفاظ برئاسة تلك الدول المستقلة من طرف ملكة المملكة المتحدة، وتسمى ممالك الكومونويلثCommonwealth مثل كندا،واستراليا، ونيوزيلندا، وبار بادBARBADE..وهي16دولة، حيث تعتبر ملكة بريطانيا التي تسود ولاتحكم هي ملكة كندا واستراليا مثلا، بنص دستوري كندا وأستراليا، وفي نفس الوقت تعتبر كندا واستراليا دولتين مستقلتين، وهنا يتضح ضرر الملكية التنفيذية على وحدة البلدان المهددة بالانفصال. وهنا لابد من الرجوع إلى ضرر فرض اللغة الفرنسية مكان الاسبانية في الريف والصحراء وايت بعمران، بعد أن تخلت اسبانيا عنها، حيث لاتزال آثار الحكم المركزي للملكية التنفيذية هي جوهر النزاع. ولكي يفهم القارئ بوضوح ما قلناه، نشير كمثال إلى كون الاثنية المتعصبة سببت في اعتراف أربع دول بدولة الصحراء، لا لشئ إلا لكونها "جمهورية عربية" وهي سوريا البعثية، وليبيا الكدافي، واليمن، وجزائر جبهة التحرير الوطنيFLN. وبسب الانتماء المخزني إلى المذهب السلفي السني على طريقة الإمام الجنيد ، الذي تتبناه وزارة الأوقاف والشؤن الإسلامية، ولا يوجد أي نص في التعليم المغربي ولامرجع يوضح للمغاربة ماهي مبادئ الإمام الجنيد؟ اعترفت إيران الشيعية بدولة الصحراء، هي والدول التي تتحالف معها مذهبيا، كما اعترفت بها دولة طالبان في أفغانستان بسبب تصورها المذهبي للإسلام، وبسبب الشيوعية اعترفت بها كوبا، وكوريا الشمالية وهما شبه ملكيا ت شيوعية، والدول المتحالفة معهما في اميريكا الجنوبية والوسطى،وبسبب وجود دين الدولة المخزنية في الدستورالمغربي، كان يقول هوفويت بوانيي، الرئيس السابق لساحل العاج عن منظمة الوحدة الإفريقية "إن هده المنظمة هي إسلامية عربية" وهو المسيحي الذي بني أكبر كنيسة في إفريقيا لينافس بها الحسن الثاني عندما بني مسجده الشهير بالدار البيضاء، وسعى الأفارقة غير العرب إلى فسخ منظمة الوحدة الإفريقيةOUA التي تأسست بالدار البيضاء، وبسبب ذلك اعترفت أغلبية الدول الإفريقية التي تنتمي إلى الديانة المسيحية أو الوثنية بدولة الصحراء، ومنها دولة جنوب السودان التي لا تدين بالإسلام، والتي كان من أسباب انفصالها وضعية الإسلام في دستور السودان الشمالي.. ومن العوامل التي لابد من أخذها بعين الاعتبار المعارك التي خاضتها العديد من الدول التي اعترفت بجمهورية الصحراء في سبيل الحصول على استقلالها، إما عن طريق الانفصال عن دول كانوا ينتمون إليها، أوعن طريق التحرر من دولة كانت تستعمرهم، ولديهم حساسية كبيرة حول ما تسميه بعض الدول الاستعمارية ب"الوحدة الترابية" ولابد أيضا من اعتبار كون أغلبية الدول التي مارست الاعتراف باستثناء الهند، تعتبر شعوبا قليلة عدد السكان، مكونة من شعوب أصلية Autochtonesفي أرضهم، يفهمون مرارة الاستعمار والميز العنصري مثل هندوراس وجنوب إفريقيا.. وأخيرا فان الشعب المغربي عليه أن يدرس كل اعتراف بجزئياته وتفاصيله ويحاسب الدبلوماسية المخزنية التي تغطي خسائرها وراء الحماس الوطني الساذج باعتبار الدبلوماسية أهم ميدان لممارسة الامتيازات الوظيفية.