لرئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران باع طويل في تعامله مع النساء، تارة تجده يدافع عنهن، لكن فلتات لسانه تظهر أنه ليس ذاك السياسي المدافع عن حقوق نصف المجتمع أو على الأقل لا يزال لا وعيه ولاشعوره يحتفظ بتلك الثقافة الذكورية التقليدية المتجاوزة منذ عقود . أولى المواقف التي أظهر فيها ابن كيران موقفه من جسد المرأة أو«عورتها» على غرار باقي المتطرفين، هي لحظة رؤيته لصحافية القناة الثانية وهي تحمل كاميرا لتصوير جلسة برلمانية، فقيادي البيجيدي ثار في وجهها ونهرها وطالب منها ستر نفسها، في وقت كانت الصحافية ترتدي «تيشورت» ولم يكن يهمها حينها غير انجاز مهمتها المهنية على أحسن وجه، لكن عقلية التزمت دفعته ليحشر أنفه فيما لايعنيه وينصب نفسه مدافعا عن الأخلاق وداخل قبة البرلمان، وإن مس بأبسط حق من حقوق الصحافية. حين اكتسح حزب العدالة والتنمية مقاعد البرلمان، حرص أن يخاطب أنصاره، وبدأ يستعرض مغامراته مع النساء، فتارة عانقته إحداهن بشدة لتهنئته بالفوز، وأخرى أرادت أخذ صورة معه فوضعت يدها في يده، وكل ذلك هو شيء عاد جدا لا يقل من عناقه مع زوجة السفير الأمريكي. مشاكل بنكيران مع المرأة ليست وليدة اللحظة، فبمجرد إعلانه عن التشكيلة الحكومية، تعرض لإنتقادات عنيفة من طرف التنظيمات الحقوقية والنسوية متهمة إياه بتهميش وظلم المرأة، وكان يردد دائما على مسامع البرلمانيين والصحافة «العيالات» وهي تسمية تستعمل عادة للتنقيص من قيمة النساء في المجتمع المغربي، وإن اعتذر رئيس الحكومة وعوض للنساء بمناصب عليا وإن ليست بالعدد المطلوب. كاد ابن كيران يتسبب في أزمة دبلوماسية بين المغرب وبلجيكا، فحين استقالبه لوزيرة بلجيكية كان يتفادى النظر إليها ولم يوجه إليها أي خطاب، بل كان يتهكم كثيرا في حديثه وهو ما فهمت منه الوزيرة أنه تنقيص منها واحتقار للمرأة، فالرجل لم يكن يتصور أن تكون امرأة في مثل ذلك المنصب الدبلوماسي لدولة أروبية، وهو سلوك لا يغتفر ويفتقد للياقة الدبلوماسية، وكاد أن يتسبب في أزمة دبلوماسية مع بلد هو شريك إقتصادي وحليف إستراتيجي بالنسبة للمغرب، لولا استعجال بنكيران في الإتصال هاتفيا لتقديم الإعتذار ومحاولة تهدئة الخواطر. طيلة الأيام والشهور التي توالت تعيين الحكومة التي يترأسها، كان ابن كيران حريصا على ابداء حرصه على المساواة بين الجنسين ودفاعه عن حقوقهن، لكن لسانه المنفلت يفضحه كثيرا وإن حاول اظهار نفسه بمظهر الديمقراطي. ذلك ما فضح رئيس الحكومة مرة أخرى حين بدأ يتهكم على وضعية رجال التعليم بالعالم القروي وخاطب وزير التربية الوطنية الوفا في إطار احدى الجلسات الشهرية الخامسة للأسئلة الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة، بالقول «صيفط الرّْجال للبوادي.. والعيالات خلّيهم حدا ديورهم». ذلك ما اعتبر تشكيكا من ابن كيران في قدرات نساء التعليم، وإن بدا حريصا على تطبيق التمييز الإيجابي لفائدة المرأة خاصة في تعيينات المعلمين والأساتذة في بعض المناطق النائية البعيدة. آخر محن النساء مع ابن كيران، كان لحظة رده على أسئلة تلاثة صحفيين فرنسيين من «تي في 5» و«راديو فرنسا الدولي» وصحيفة «لوموند» حول تمثيلية النساء داخل حكومته، رد بنكيران على الصحفية «هل تريدين أن نشد النساء من شعرهن ووضعهن في الحكومة»، وهي صورة بشعة وسلبية للتعامل مع المرأة من طرف الرجل المغربي آن لها أن تختفى في الممارسة و ابعادها حتى من المخيال. قبل ذلك، وحين كان يناقش ابن كيران وضعية العنف ضد النساء على ضوء تقرير أصدره مركز دراسات والذي مفاده أن 60 بالمائة من النساء يتعرضن للعنف في المجتمع، وهو ما لم يتقبله ابن كيران، لكن النواب ردوا عليه بأن ذلك بناءا على عينة مدروسة، ورد عليهم «متخربقوش هادشي مبالغ فيه كثيرا»، وسأل النائبات من جديد «هل هذا صحيح؟»، فأجبنه « نعم»، ورد على النواب بالقول هاد الشي ماشي معقول: وراه العيالات كيديروا العنف اللفظي»... محنة النساء مع رئيس الحكومة لم تتكرر يوما في عهد أي وزير أول سابق.. فهل هي الصدفة؟.....