رَبَطَت خلود السباعي أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، ظاهرة الاغتصاب بطبيعة الرجل – المُغتصِب والظُّروف السَّائدة داخل المُجتَمع الذي يَعيش فيه، مُعتبرة أن ما يعيشه المغرب اليوم من انفتاح إضافة إلى التَّطور الذي عرفته وسائل الإعلام وانتِشار التَّعليم وخُروج المرأة للعمل..تَحوُّلات خلقت نوعا الجُرأة في طرح بعض المواضيع التي لم تكن لتُناقش قَبلاً لعِب فيها المجتمع المدني دورا كبيرا لتَشجيع النساء ضحايا الاغتصاب على البوح والمُكاشفة وتَعرية الظاهرة بعد أن كان موضوعا يدخل ضمن "الطَّابوهات" المَسْكوت عنها. ونَفَت الباحثة السُّوسيولوجية خلال حديثها ل "هسبريس"، أن يكون المغتصب مريضا نفسيا أو شاذا أو يعاني مشاكل في شخصيته بالضرورة، مؤكدة أن الدراسات أبانت أن الاغتصاب قد يقترن في كثير من الأحيان بإنسان عادي يعيش حياة عادية داخل أسرة وأبناء، الأمر الذي يمنَعُنا من النَّظر إلى الموضوع وتحليله عبر زاوية واحدة .. وقَسَّمت الدكتورة السباعي، المُغتصبين إلى أنواع، وَصَفت أوَّلهم بالإنسان الذي يمتلك نوعا من التَّوتر الداخلي والحقد والاستياء المُتراكم على المجتمع، ليعمل على تَفريغِه بطريقة جُنونية يبحث عبرها عن الضَّحية في أي مكان. ونوعا آخر تُؤثِّر فيه ظُروف الإقصاء والتهميش والتَّعرض لظلم الفوارق الطَّبقية التي تُنمي لديه الحقد والغليل، ويَشعُر بنوع من الوحدة خُصوصا مع سيطرة وسائل الإعلام وتقديمه لجسد المرأة العاري كبِضاعَة، والذي يعمل على الانتقام من الطَّرف الضعيف في المجتمع عبر استهداف تلك "البضاعة" بطريقة عنيفة وجنونية. وأضافة المتحدثة أن نوعا ثالثا من المغتصبين تؤثِّر فيهم القيم الاجتماعية، مُوضِّحة أنهم رجال يَعتَدُّون بفُحولتهم ويعملون على إثباتها أمام النساء غالبا ما يكونون غير متزوجين، أو متزوجون ولا يُلبون رغباتهم الجنسية كاملة بالشكل الذي يُريدون وبطريقة عادية مع الشريكة. موضحة أنه في هذه الحالة كلَّما استُعمل العُنف مع الجسد الأنثوي وأبانت الضَّحية على مقاومة يشعر المغتصب بنوع من النَّشوة ويُحس برُجولته. فضلا عن حالة رابعة تَهمُّ رجالا يعيشون الحرمان الجِنسي لأسباب اجتماعية مَردُّها إلى تأخُّر سن الزواج وغلاء تكاليفه، أو بسبب خجل هذا النوع من المغتصبين الذي يصعب عليه تكوين علاقات اجتماعية بسهولة خصوصا مع الجنس الآخر، مُسجلة تَميُّزه عن باقي الأنواع بتراجُعه عن الاغتصاب في حال وجد مُقاومة قوية من طرف الضحية. مُشيرة إلى نوع أخير قالت عنه السباعي إنه شخص مريض بطبعه وسادِيٌّ يجد لذة في تعذيب الآخر وهو الذي يُكرر اغتصاب ضحيَّته لمدة طويلة وفي مكان مغلق ومعزول. واقترحت المتحدثة في ختام تصريحها ل"هسبريس"، تَوافُر العدالة الاجتماعية وحفظ الكرامة ومحاربة الفقر والتهميش، إضافة إلى التنشئة القويمة والتربية على احترام الجنسين كل منهما للآخر، من أجل الحد من ظاهرة الاغتصاب في المجتمع المغربي. مؤكدة أن جميع الظروف المذكورة مقابل خروج المرأة إلى المؤسسات العمومية والشارع ومطالبتها بالحرية في تصرفاتها ولباسها وكلامها.. أمور مجتمعة تُمهِّد لتزايد أعداد المُغتصبين بالمغرب.