وزير الخارجية الإسباني يشيد بمستوى العلاقات الثنائية مع المغرب    الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.. تسليم السلط بين محمد البشير الراشدي ومحمد بنعليلو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    "سيعودون في توابيت".. "حماس" تحذر إسرائيل من محاولة استعادة الأسرى بالقوة    22 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    اتهامات بسوء المعاملة داخل السجن المركزي بالقنيطرة: الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان تطالب بفتح تحقيق عاجل    "البلاصا الجديدة" بطنجة.. سوقٌ يحمل في طياته أسرارًا من زمن الحرب الأهلية الإسبانية ومصيره اليوم الهدم لإحداث مشروع مندمج    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تودع شكاية لفائدة طفلة أُصيبت بالسيدا عقب عملية جراحية    وليد الركراكي : المهارات الفنية صنعت الفارق أمام تنزانيا    زيدان يشيد بدور المركز الجهوي للاستثمار في تحفيز التنمية بجهة فاس – مكناس    الخطوط الملكية المغربية وChina Southern Airlines توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الربط الجوي ما بين إفريقيا والصين    تطورات ملف الصحراء المغربية.. سيناريوهات الحسم مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    المغرب المتضرر من الجفاف يمدد دعم استيراد القمح حتى نهاية العام    مكتب السكك الحديدية يدين حادث التخريب بمحطة الرباط المدينة    تصعيد عسكري إسرائيلي على عدة جبهات وتحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية    المغرب يقود جهود إعادة دمج دول الساحل وإفريقيا الوسطى في الاتحاد الإفريقي    اعتقال المتسبب في أعمال تخريبية بمحطة القطار الرباط المدينة    دراسة توضح تأثير استخدام شات جي بي تي على الشعور بالوحدة    المغرب في المرتبة 64 عالميا في سرعة الإنترنت    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    أجواء غائمة جزئيا في توقعات طقس الأربعاء    كأس العالم 2026: الأرجنتين تسحق البرازيل برباعية وتصبح أول المتأهلين للنهائيات عن أمريكا الجنوبية    الركراكي: نتطلع إلى إسعاد المغاربة    وزارة التربية تعلن ترميم 1443 مدرسة وتكشف حصيلة توفير مرافق صحية    قرار نزع الملكية بطنجة يثير القلق .. والعمدة: الخبرة تحدد قيمة التعويضات    بنعلي تُبرز تجربة المغرب ببريطانيا    تطور جديد في قضية وفاة الأسطورة مارادونا    أمام مجلس الأمن.. المغرب يندد ب"سياسة الكيل بمكيالين" للجزائر    المنتخب المغربي يهزم تانزانيا … بدون إقناع … !    تنقيط أداء لاعبي المنتخب الوطني المغربي بعد الفوز المثير على تنزانيا    تصفيات المونديال.. فلسطين تهزم العراق وتعزز آمال الأردن    شكوى حقوقية حول إصابة طفلة بفيروس الإيدز إثر عملية أذن في مستشفى جامعي    الركراكي: التأهل للمونديال أصبح اعتياديًا.. وهذا دليل قوة الأسود    أمطار مارس تنعش زراعات الشمندر وقصب السكر بجهة الشمال وتغطي أزيد من 9 آلاف هكتار    المركز الثقافي الروسي يبرز نضال الجنود السوفييت والمغاربة ضد النازية    أداء سلبي ينهي تداولات البورصة    الدورة الثلاثون للمعرض الدولي للنشر والكتاب فضاء لمواصلة السعي الواعي إلى النهوض بالكتاب والقراءة (بنسعيد)    ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة إلى 792 قتيلا، والاحتلال الإسرائيلي يخطط لهجوم بري كبير    الدورة العشرون للمهرجان الدولي للرحل.. محاميد الغزلان تتحول إلى ملتقى عالمي يجمع الفنانين    مشاهد جريئة تضع مسلسل "رحمة" في مرمى الانتقادات    عندما يعزف الشيطان: فصول الجابي !    بعد تداول تصريحات منسوبة إليه.. عمرو موسى يوضح موقفه من المغرب وينفي الإساءة    حوض سبو.. نسبة ملء السدود تفوق 50 في المائة إلى غاية 25 مارس    يا رب أنا جيتلك.. جديد سميرة سعيد    واشنطن تتباحث مع كييف في الرياض    الكوميدي "بهلول" يطلب دعم الفنانين لتسديد شيك بدون رصيد    دراسة: الخلايا السرطانية تتعاون من أجل البقاء على قيد الحياة    تركيا.. القبض على 41 متهماً ب"شتم أردوغان وعائلته"    "تراث المغرب".. سلسلة وثائقية لتثمين الموروث الثقافي للمملكة    زلزال عنيف بقوة 6,7 درجات قبالة سواحل الجزيرة الجنوبية بنيوزيلندا    أوراق من برلين .. رسالة فرانز كافكا: جروح قديمة ما زالت تنزف    اكتشاف جديد يحدد الأجزاء المسؤولة عن تذكر الكلمات في الدماغ    نهاية سوق پلاصا جديدة بطنجة    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    









الجياع العرب ومليارات النفط
نشر في هسبريس يوم 28 - 05 - 2008

تبرعت دولة الامارات العربية المتحدة بمبلغ 300مليون دولار الي الحكومة المغربية لمساعدتها في تغطية نفقات فاتورة الوقود بسبب ارتفاع اسعار النفط الي معدلات قياسية، (المغرب يستورد جميع احتياجاته من الاسواق العالمية) كما ارسلت نصف مليون طن من القمح الي اليمن لمساعدة الشعب اليمني علي تجاوز ازمة الغذاء وارتفاع اسعاره.
هذه المبادرة تستحق التنويه لانها تعكس موقفا مسؤولا تجاه الاشقاء الفقراء، ولكنها ليست كافية، لانها لا تنطلق من عمل مؤسساتي مؤطر ينطلق من استراتيجية خليجية او عربية، مؤطرة وموحدة، تملك رؤية وتتسم بالديمومة.
فبقدر ما افادت المعدلات القياسية لاسعار النفط الدول المنتجة، سواء كانت خليجية او مغاربية (الجزائر وليبيا)، من حيث زيادة عوائدها الي ارقام فلكية، فانها الحقت اضرارا كبيرة بالدول العربية والاسلامية غير المنتجة، انعكست فقرا ومعاناة علي المستويات الشعبية المسحوقة اصلا، وعجزا كبيرا في ميزانيات حكوماتها.
دخل دول الخليج من العوائد النفطية ارتفع من 280 مليار دولار عام 2007 الي ما يقارب 450 مليار دولار في عام 2008 حسب التوقعات العالمية، اي ما يعادل 1.3 مليار دولار يوميا. وحتي نشرح اكثر، وبلغة الارقام، فان دخل المملكة العربية السعودية الذي بلغ 235 مليار دولار عام 2007، سيرتفع الي اكثر من 350 مليار دولار بنهاية هذا العام، والكويت 60 مليار دولار العام الماضي الي ما يقارب 90 مليار دولار هذا العام، اما دولة الامارات العربية المتحدة فوصل دخلها في العام الماضي الي 82 مليار دولار وهو مرشح للزيادة بنسبة خمسين في المئة مع نهاية العام. اما دخل ليبيا فيفوق الستين مليار دولار حسب احصاءات العام الماضي. واذا اضفنا الي هذه الارقام الدخول الخليجية من الصناعات البترولية الأخري فإن الصورة تبدو اكثر وضوحا.
واذا حاولنا معرفة انعكاس هذه الزيادات الكبيرة في اسعار النفط علي المنتوجات الغذائية والصناعية في البلدان الفقيرة، فان الآثار ستبدو مرعبة، فالمخصبات الصناعية المستخلصة من النفط (Fertiliser Produced Petro Chimically) ارتفعت اسعارها بمعدل 70% في عام واحد فقط، مثلما ارتفعت بالنسبة نفسها تقريبا اسعار وقود التراكتورات والآلات الزراعية، والشيء نفسه ينطبق علي سلسلة من الخدمات المرتبطة بالانتاج الزراعي مثل التبريد والنقل والتوزيع والشحن.
ولأن نصف دول العالم الثالث تقريبا هي من الدول العربية والاسلامية، فان علينا ان نتخيل حجم المعاناة في اوساط شعوب هذه الدول، وما قد يصاحبها من احقاد وربما كراهية للدول العربية المنتجة للنفط، خاصة اذا جري نشر وتوزيع حجم الصناديق المالية الادخارية لهذه الدول او ما يسمي (Sovereign Funds) حيث تحتل دولة الامارات المرتبة الثانية بعد اليابان (875 مليار دولار) وبعدها الكويت (250 مليارا) وقطر (50 مليارا) وليبيا (40 مليارا) والمملكة العربية السعودية التي انضمت حديثا اي في شهر نيسان (ابريل) الماضي (5.2 مليار) وهذه الارقام مرشحة للارتفاع شهريا.
المنطق يقول بضرورة الاستفادة من هذه الثروة الهائلة في تحسين الظروف المعيشية لشعوب الدول النفطية اولا، من حيث استثمارها بشكل جيد في اقامة مشاريع منتجة توفر الوظائف، وتطور قطاعات الخدمات العامة من صحة وتعليم ومواصلات، فمن المؤسف ان معظم شعوب الدول العربية المنتجة للنفط لا تجد الرعاية الصحية الاساسية، حيث المستشفيات تعاني من الاهمال المطلق والنقص الحاد في الأدوية الاولية ناهيك عن الخبرات الطبية، الأمر الذي ادي الي ازدهار الخدمات الطبية الخاصة، واستغلالها البشع للمواطنين بالتالي، ومن يزر مستشفيات وعيادات لندن وبرلين وفيينا يجد المأساة مجسدة في طوابير من المرضي القادمين من الدول العربية الثرية للعلاج من امراض من المفترض ان يكون متوفرا علاجها في مستشفياتها الوطنية.
وفي الوقت نفسه لا بد من الالتفات الي دول الجوار العربي والاسلامي، وحتي دول العالم الثالث من خلال خطة مساعدات مدروسة، وتشكيل صناديق ومؤسسات خيرية لمساعدة هذه الدول، عبر تمويل مشاريع انتاجية، وتحسين الخدمات الاساسية، شريطة ان تقدم هذه المساعدات بعيدا عن اساليب التمنن والمعايرة، واذاعة وبث الارقام عبر الصحف ومحطات التلفزة، مثلما حدث ويحدث في الماضي، وابرز الامثلة علي ذلك ما حدث للفلسطينيين، ففي كل مرة كان يطرأ خلاف في العلاقات معهم او مع منظمتهم (عندما كانت منظمة تحرير) نجد الحكومات تصدر بيانات عن حجم الدعم الذي قدمته لهم، بما في ذلك فاتورة اقلام الرصاص لمدارسهم، ولا نريد ان نفتح جروحا وهي كثيرة للأسف.
نحن لا نحسد الدول العربية النفطية علي ثرواتها الهائلة، بل ونتمني لها ان تتضاعف، ولكننا نجد لزاما علينا ان نحذر من خطورة نهج الأنانية الذي نراه حاليا، او التطنيش حسب التوصيف الشعبي، تجاه معاناة الآخرين، خاصة في منطقة متوترة اساسا، وتتنافس علي قصعتها امم كثيرة.
فموقف الحكومتين السورية والمصرية علي وجه الخصوص، حيث مستودع هائل من الفقر، قدم تغطية شرعية ضرورية للاستعانة بالقوات الامريكية لاخراج القوات العراقية من الكويت. وشاهدنا الحكومة الكويتية ترسل وفودا سياسية واعلامية الي معظم الدول العربية، وغير النفطية خصوصا من اجل شرح وجهة نظرها، وكسب التأييد لقضيتها.
الرئيس الراحل صدام حسين كسب تعاطفا شعبيا عربيا هائلا عندما تحدث عن التوزيع العادل للثروة العربية علي الشعوب العربية جميعا، فقراء واغنياء، قبل عشرين عاما تقريبا. ومن اللافت ان التاريخ يوشك ان يعيد نفسه، وبدأت المنطقة تزحف نحو حرب اقليمية جديدة ربما تصبح دول الخليج احد ابرز ضحاياها.
الدول الغنية تبادر بنفسها في تقديم مساعدات سنوية للفقراء في العالم، فالولايات المتحدة تقدم 21 مليار دولار سنويا، والمانيا 11 مليارا، وفرنسا 9 مليارات، وبريطانيا 8.8 مليار، والنرويج 3.3 مليار، والدنمارك 2.3 مليار دولار، ونتمني ان نجد الدول العربية في طليعة الدول المانحة بل والاكثر كرما.
وما نقوله عن الدول والحكومات، نقوله ايضا عن المليارديرات العرب، الذين يتكاثرون كالأرانب هذه الايام، ولا نري منهم غير العقوق، والشره لتكديس المليارات في حساباتهم. ومن المؤسف ان كرام القوم من هؤلاء ينفقون الفتات علي المشاريع الخيرية، او رصد جوائز لشراء المثقفين، وغالبا ما تكون مرفقة بالتمنن ومن اجل الدعاية الاعلامية لهم ولنسلهم.
فلم نر ثريا عربيا واحدا مثل وارن بافيت الملياردير الذي تبرع ب43.5 مليار دولار من ثروته الخاصة لمؤسسة ميليندا وبيل غيتس الخيرية، او حتي مثل بيل غيتس نفسه الذي تبرع بمبلغ 30 مليار دولار للاعمال الخيرية، ولا ننسي تيد تيرنر الذي كان الرائد في هذا المجال وتبرع بمبلغ مليار دولار، اي نصف ثروته لتمويل مشاريع لمنظمات الامم المتحدة في العالم الثالث عام 2006.
مرة اخري نؤكد اننا لا نكتب هنا من منطلق الغيرة او الحسد، او طلبا لمساعدة، او لاسباب طبقية وانما من منطلق محاولة اصلاح ظاهرة مؤسفة في وطننا العربي، حيث يزداد الاغنياء غني والفقراء فقرا، دون ان يتحرك احد لمعالجة هذا الخلل غير الاخلاقي وغير الاسلامي.
عن القدس العربي ""


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.