دق حقوقيون مغاربة ناقوس الخطر بخصوص تفشي ظاهرة الشذوذ الجنسي داخل السجون في البلاد، سواء المُمارس بين السجناء الرجال أو السجينات النساء، وذلك عقب تفجُّر الجدل من جديد حول هذه القضية إثر تصريحات النائبة البرلمانية فوزية الأبيض أخيرا بأن هناك حالات للشذوذ الجنسي في السجون علمت بها أثناء زيارة قامت بها، بمعية برلمانيين آخرين، لسجن عكاشة في الدارالبيضاء منذ أيام خلت. وفيما يؤكد سجناء وسجينات نزوع ظاهرة الشذوذ الجنسي نحو الاستفحال بشكل لافت داخل السجون، تظل المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الإدماج على موقفها الاعتيادي الذي يهون الظاهرة ويعتبرها مجرد حالات متفرقة لا تصل إلى حد المشكلة المؤرقة. الشذوذ واقع وحصلت هسبريس على شهادة سجينة، تدعى "العيدية" تقطن في أحد الأحياء الشعبية بالرباط، قضت أزيد من 25 عاما في السجن بعد قتلها للزوجة الثانية لزوجها "ضرتها" بسبب الغيرة، حيث أقرت بمشاهدتها للعديد من حالات السحاق بين السجينات على مر السنوات الطويلة التي قضتها وراء القضبان. وكشفت السجينة السابقة بأن هناك سجينات قويات البنية الجسدية يتحكمن في مجريات الحياة داخل الزنازين، بما في ذلك حصولهن على متعتهن الجسدية باستغلال أجساد السجينات الصغيرات سنا أو تجربة في عالم السجون والإجرام، وذلك باستعمال الترهيب حينا والترغيب حينا آخر. وتابعت العيدية في تصريحاتها لهسبريس بأن الشذوذ الجنسي بين السجينات أمر واقع ومعروف داخل السجن، مثل سجون الرجال، ولا يمكن إنكار وجود العديد من الحالات لكنها فقط لا تخرج إلى العلن، وقد لا يعلم بوجودها مسؤولو السجن أنفسهم، مشيرة إلى أن ممارسة الشذوذ بين السجينات يخضع لقوانين القوة التي تفرضها السجينات الخطيرات خاصة من المتهمات بالقتل أو المخدرات. الخلوة الشرعية وقال عبد المالك زعزاع، الناشط الحقوقي، في تصريحات لهسبريس إن ظاهرة الشذوذ الجنسي مستفحلة في السجون المغربية، وهي من التابوهات المسكوت عنها في المغرب، خاصة أن الأشخاص المحكومين بمدد زمنية طويلة لا تتيح لهم إدارة السجون بعض حقوقهم الأساسية؛ من قبيل الخلوة الشرعية التي أصبحت قانونا يُطبق في بعض الدول العربية. وأردف زعزاع بأنه لو تم السماح بممارسة الخلوة الشرعية مع الزوجات والأزواج لحدث تخفيف واضح لظاهرة الشذوذ الجنسي في السجون، والتي توجد حتى في بعض المراكز الاجتماعية التي تأوي مجموعة من النزلاء، من جراء الاكتظاظ وعدم تنفيس الرغبة الجنسية بطرق طبيعية. واستطرد زعزاع بأن تصريح النائبة البرلمانية فوزية الأبيض سيثير نقاشا جديدا على الساحة الحقوقية لمحاربة هذه الظاهرة المشينة التي تمس بالصحة والعرض والشرف، لافتا إلى أن الشذوذ الجنسي يُمارس حينما يقع عدد من السجناء الجدد مثلا تحت سيطرة الأشخاص المحكومين بفترات طويلة، أو السجناء المتنفذين داخل زنازينهم الذين يعتبرون السجون ملكا خاصا بهم، فيعيثون فيها فسادا. وكان عبد العالي حامي الدين قد أفاد، في تصريحات أخيرا لموقع حزب العدالة والتنمية، بأن وجود الشذوذ الجنسي في السجون المغربية يفقدها دورها الإصلاحي لتصير مؤسسة لإنتاج انحرافات جديدة، مشيرا إلى أن "تفشي ظاهرة الشذوذ الجنسي داخل السجون يعود إلى عامل الاكتظاظ، ورواج المخدرات والخمور داخل المؤسسة السجنية، ووجود فوارق بين المعتقلين، ليصبح بذلك الضعيف رهينة للمعاملات اللإنسانية والمهينة من هذا النوع".