تحتفل سلطنة عمان، اليوم الثامن عشر من نونبر، بالذكرى الخمسين لنهضتها، وأبناؤها يواصلون تحقيق المزيد من الإنجازات تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق، الذي أخذ على عاتقه مواصلة مسيرة البناء والتقدم، بينما تحل هذه الذكرى هذا العام والعُمانيون يستذكرون فقيد وطنهم السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور، الذي أسس دولة حديثة تواصل حضورها في مختلف الميادين. وعلى الرغم من رحيل السلطان قابوس فإن يوم الحادي عشر من يناير من العام الحالي 2020 كان يومًا خالدًا من أيام عُمان، إذ شهدت السلطنة خلاله انتقالًا سلسًا للحكم عندما قرر مجلس العائلة المالكة تثبيت من أشار إليه لولاية الحكم. وتنفيذًا لهذه الرغبة، أوكل مجلس الدفاع القيام بفتح الرسالة التي أشار فيها السلطان الراحل إلى تثبيت هيثم بن طارق سلطانا للبلاد "لما توسم فيه من صفات وقدرات تؤهله لحمل هذه الأمانة". وقد تمكّن السلطان هيثم بن طارق، خلال الأشهر العشرة الأولى منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد، من تحقيق العديد من المنجزات في مختلف المجالات توجت بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة لتتواكب مع "رؤية عُمان 2040" التي شارك في رسم ملامحها جميع فئات المجتمع بما يلبي تطلعات السلطان، إذ أسهم المشاركون في تحديد توجهاتها وأهدافها المستقبلية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً. وقد شكل المرسوم السلطاني رقم 75 / 2020 في شأن الجهاز الإداري للدولة نقلة جديدة في ممارسة وتنظيم العمل الإداري في السلطنة، إذ إنه سيسهم في تبسيط الإجراءات والانتفاع من الخدمات المقدمة وإنجازها بشكل أسرع الأمر الذي يتوافق مع توجهات "رؤية عُمان 2040"، التي تعد أولوية لتنمية المحافظات والمدن المستدامة وبمثابة توجه إستراتيجي من خلال اتباع نهج لامركزي نصّت عليه المادة الثانية التي تذكر أن "الجهاز الإداري يتكون من وحدات مركزية كالوزارات والأجهزة والمجالس وما في حكمها ومن وحدات لا مركزية كالهيئات والمؤسسات العامة وما في حكمها". وسيسهم المرسوم السلطاني رقم 101 / 2020 المتعلق بنظام المحافظات والشؤون البلدية في تنمية متوازنة بين المحافظات واستثمار الموارد بشكل أفضل والاستفادة من المقومات السياحية والتراثية وتوفير الخدمات المطلوبة لكل محافظة بالإضافة إلى إدارة مرافق البلدية.. كما أن مجلس شؤون المحافظات سيعمل على التنسيق بين المحافظات في ممارسة اختصاصاتها ومتابعة المشاريع الإنمائي، بالإضافة إلى تقييم أدائها وتقدير الموازنات ومراقبة استثمار مواردها. من جانب آخر، تجلى اهتمام السلطان بمعالجة أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" التي بدأت منذ أواخر العام الماضي، في أغلب دول العالم بصورة واضحة وجلية في أمره بتشكيل لجنة عليا لبحث آلية التعامل مع هذا الفيروس والتطورات الناتجة عن انتشاره والجهود المبذولة إقليميًّا وعالميًّا، للتصدي له ومتابعة الإجراءات المتخذة بشأن ذلك ووضع الحلول والمقترحات والتوصيات المناسبة بناء على نتائج التقييم الصحي العام. وقد عملت هذه اللجنة برئاسة وزير الداخلية حمود بن فيصل البوسعيدي وتضم في عضويها عددًا من الشخصيات وتعدّ في انعقاد دائم، على تنفيذ التوجيهات التي أكد عليها السلطان خلال ترؤسه اجتماعها في مارس الماضي من العام الجاري؛ وهي أن حكومة السلطنة "ستسخر كافة إمكاناتها ولن تألوَ جهدًا ولن تدّخرَ وسعًا في سبيل مجابهة هذه الجائحة والحد من تفشيها حفاظًا على صحة المواطنين والمقيمين" على حدٍ سواء. من جانب آخر، يعد تأسيس "الصندوق الوقفي لدعم الخدمات الصحية" و"الصندوق الخاص بدعم جهود وزارة الصحة لمكافحة فيروس -كوفيد 19" على مستوى عالٍ من الأهمية؛ فقد قام سلطان عُمان، في إطار دعمه الشخصي لمكافحة هذه الجائحة، بالتبرع بمبلغ عشرة ملايين ريال عُماني للصندوق المخصص للتعامل مع الجائحة، وهو ما يؤكد على تضافر الجهود بين القائد والحكومة وأبناء الوطن والمقيمين من أجل القضاء على هذه الجائحة. ونظرًا لما أفرزته هذه الجائحة من آثار اقتصادية ألقت بظلالها على مختلف دول العالم، فقد قام السلطان بتشكيل لجنة منبثقة عن اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا "كوفيد 19"؛ تتولى معالجة الآثار الاقتصادية الناتجة عنها على المستوى المحلي. وقد صدرت عنها جملة من القرارات تمثلت في حزم وتسهيلات تقدمها الحكومة لمؤسسات وشركات القطاع الخاص، إضافة إلى برنامج القروض الطارئة لمساعدة بعض الفئات الأكثر تضررًا من رواد ورائدات الأعمال. أما فيما يتصل بالسياسة الخارجية العُمانية فقد أكد السلطان هيثم بن طارق المعظم، في أول خطاب له، على ثوابت هذه السياسة؛ وهي التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وحُسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الغير الداخلية .. كما أكد انتهاجه خُطى السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور. وجاء في خطابه في هذا الخصوص: "وعلى الصعيد الخارجي، فإننا سوف نرتسم خطى السلطان الراحل مُؤكدين على الثوابت التي اختطها لسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام سيادة الدول، وعلى التَّعاون الدولي في مختلف المجالات". وقد أكدت حكومة السلطنة، في شهر شتنبر الماضي، أمام الدورة ال75 للجمعية العامة للأمم المتحدة في الكلمة التي ألقاها بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، وزير الخارجية، أن السلطان أكد بما لا يدع مجالًا للشك أن "السلطنة ستواصل السياسة الحكيمة التي وضعها السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، باني نهضة عُمان الحديثة ومهندس سياستها الخارجية وعلاقتها الدولية على مدى الخمسين عاما الماضية". ويقوم نهج السياسة الخارجية العُمانية على أسس ثابتة مستمدة من حضورها الحضاري والثقافي، ومن قيم المجتمع العمانيالمتمثلة في الرغبة الصادقة في إعلاء شأن الإنسانية وإرساء السلام لها وعبر انتهاجها التسامح مبدأً والاعتدال قيمة حتى أصبحت وسيطًا مقبولًا ومرحبًا به في الوسط الدولي. وعند الحديث عن الجانب الاقتصادي، فإنه لا بُد من التطرق إلى "رؤية عُمان 2040" وإلى اقتراب موعد انطلاق الخطة الخمسية العاشرة في شهر يناير المقبل مع انخفاض أسعار الذهب الأسود وتأثيرات انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" السالبة على اقتصاد دول العام جميعها ومن بينها السلطنة. وقد شكلت هذه الظروف تحدّيًا حقيقيًّا للحكومة؛ الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ عدد من الإجراءات المهمة يأتي في طليعتها الإعلان عن خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 - 2024)، التي تتضمن مبادرات وبرامج عديدة تهدف إلى "إرساء قواعد الاستدامة المالية للسلطنة وخفض الدين العام ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي بتوجيهه نحو الأولويات الوطنية وزيادة الدخل الحكومي من القطاعات غير النفطية، وتعزيز الاحتياطات المالية للدولة وتحسين العائد على استثمار الأصول الحكومية بما يضمن تعزيز قدرتها على مواجهة أي صعوبات وتحديات مالية وبما يضعها على مسار النمو والازدهار الاقتصادي". كما عملت حكومة السلطنة، ممثلة في وزارة المالية، على إصدار منشورات عديدة بهدف ترشيد الإنفاق للعام الحالي؛ منها تخفيض موازنات الوحدات الحكومية بنسبة 5 في المائة، وتعديل الموازنات التشغيلية والخطط المالية للشركات الحكومية بنسبة 10 في المائة كحد أدنى، بالإضافة إلى إجراءات أخرى تتمثل في ترشيد النفقات الخاصة بالإيفاد في المهام الرسمية والتدريب، وتخفيض مكافآت وأتعاب مجالس إدارة الهيئات والمؤسسات العامة والشركات الحكومية واللجان التابعة لها بنسبة 50 في المائة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي ستبدأ في شهر أبريل من العام المقبل بنسبة 5 في المائة ومن المتوقع أن ترفد الميزانية ب400 مليون ريال عُماني. وقد بلغت جملة الإيرادات المقدرة للموازنة العامة للدولة لعام 2020 نحو 10 مليارات و700 مليون ريال عماني باحتسابها على أساس سعر النفط 58 دولارًا أمريكيًّا للبرميل، حيث قدر إجمالي الإنفاق العام 13 مليارًا و200 مليون ريال عماني بعجز تقديري يبلغ نحو 2.5 مليارات ريال عماني أي بنسبة 8 في المائة من الناتج المحلي. ولقد أكد السلطان، في خطابه الذي ألقاه في شهر فبراير الماضي وتطرق فيه إلى عدد من ملامح المرحلة المقبلة من البناء، على مراجعة أعمال الشركات الحكومية مراجعة شاملة بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها وتمكينها من الإسهام الفاعل في المنظومة الاقتصادية، عبر قوله: "وسنهتم بدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، وسنولي هذه الجوانب كل العناية والمتابعة والدعم". وفي هذا الصدد، قام جهاز الاستثمار العُماني بإعادة تشكيل مجالس إدارة 15 شركة يشرف عليها الجهاز وإعادة هيكلة شركات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، بالإضافة إلى الإعلان عن مشروع شركة متكاملة لتسويق الخضروات والفواكه في السلطنة تتبع الشركة العمانية للاستثمار الغذائي. وفي هذا الجانب، تقوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدور فاعل في زيادة النمو الاقتصادي للدولة. وحرصًا من حكومة السلطنة ممثلة في وزارة العمل والهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة"، فقد عملت الحكومة على إيجاد بيئة مناسبة لهذه المؤسسات من خلال استثنائها من نسب التعمين وتحديد بعض المهن للقوى العاملة الوافدة. كما تقدم بوابة "استثمر بسهولة" العديد من الخدمات الإلكترونية لعالم الأعمال كونها مصدرًا للمعلومات المتعلقة بالحكومة والأعمال التجارية؛ الأمر الذي أكد عليه جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه في قوله: "إننا إذ نُدرك أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع ريادة الأعمال لا سيما المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وتدريب الشباب وتمكينهم؛ للاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا القطاعُ الحيوي؛ ليكون لبنةً أساسية في منظومة الاقتصاد الوطني، فإن حكومتنا سوف تعمل على متابعة التقدم في هذهِ الجوانب أوّلا بأوّل". لقد أوجدت منظومة القوانين والتسهيلات المتعلقة بالاستثمار في السلطنة بيئة جاذبة ومشجعة للاستثمارات الوطنية والأجنبية؛ ومن هذه القوانين قانون استثمار رأس المال الأجنبي. وتعول حكومة السلطنة على الاستثمار في الموانئ العُمانية، خاصة ميناءا صحار وصلالة، إضافة إلى المناطق الاقتصادية الخاصة والصناعية كالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم (ميناء الدقم) في رفد الاقتصاد العماني وحفزه والاستفادة المثلى منها. كما يعد قطاع السياحة أحد القطاعات الأساسية في تعزيز النمو والتنويع الاقتصادي، إذ وضعت الحكومة رؤى إستراتيجية واضحة لهذا القطاع الحيوي، حيث "إن الاستثمار في السياحة كان ولا يزال يعتبر من أفضل أنواع الاستثمار ربحية". لقد أكد السلطان على أهمية التعداد الإلكتروني للسكان والمساكن والمنشآت الذي سيُجرى في شهر دجنبر المقبل؛ من خلال مناشدته الجميع التعاون والتفاعل الإيجابي مع إجراءاته المطلوبة لتنفيذه وإنجازه بصورة متقنة، حيث ستنعكس نتائج هذا التعداد إيجابًا على كافة أوجه التنمية كونه سيسهم في التخطيط المتقن للخطط التنموية. وفي سبيل توفير سبل العيش الكريم للمواطن العُماني في ظل التطورات الاقتصادية على مستوى العالم، يعد صدور قانون نظام "الأمان الوظيفي" وتمويله بمبلغ 10 ملايين ريال عُماني من لدن السلطان المعظم كبداية لتأسيسه تأكيدًا للتوجيهات التي تهدف إلى الإسراع في بناء نظام وطني متكامل للحماية الاجتماعية يضمن حماية ذوي الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي من أي تأثيرات متوقعة جراء تطبيق ما تضمنته خطة التوازن المالي متوسطة المدى. لقد أولى السلطان اهتمامًا بالغًا بقطاع التعليم وجعله في مقدمة الأولويات الوطنية. كما أنه وجّه بتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار باعتباره الأساس "الذي من خلاله سيتمكن المواطن العماني من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة". كما أنه يعتبر ركنا أصيلا في النظام الأساسي للدولة لتقدم المجتمع بهدف "رفع المستوى الثقافي العام وتطويره وتنمية التفكير العلمي وإذكاء روح البحث". أما على صعيد البحث العلمي والابتكار، فيسهم "تحديث الإستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040 لتتواكب مع رؤية عُمان 2040" في إيجاد مجتمع معرفي وقدرات وطنية منافسة تركز على تحويل المعرفة إلى عائد اقتصادي. ويعد إنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية في شهر غشت الماضي التي ضُمت لها كل من كلية التربية في الرستاق وكليات العلوم التطبيقية وكلية التقنية العليا والكليات التقنية دليلا يؤكد على مواكبة التوجه نحو تشجيع البحث العلمي والابتكارات في إطار الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة والتقنيات المصاحبة لها.. كما أن تعديل مسمى وزارة التعليم العالي إلى مسمى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار سيعمل، بدوره، على تكريس أهمية هذا القطاع. قيام ديوان البلاط السلطاني بتمويل بناء 6 مدارس ذات أولوية خلال المرحلة المقبلة، بتكلفة مالية تقديرية تبلغ حوالي 8 ملايين و850 ألف ريال عماني، تأتي في إطار تلمّس السلطان هيثم بن طارق لاحتياجات قطاع التعليم في ربوع السلطنة، والحرص على توفير البيئة الداعمة والمحفزة له، ومدّه بأسباب التمكين باعتباره الأساس في بناء حاضر ومستقبل عُمان. عملت السلطنة على تطبيق سياسة تأمين سلامة البيئة ومكافحة التلوث والمحافظة على النظم البيئية المختلفة في إطار الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة وحماية الحياة الفطرية وصون الطبيعة والحفاظ على الموارد المتجددة والعمل على استغلالها بصورة مستدامة. كما عملت الحكومة، ممثلة في عدد من المؤسسات الهيئات البيئية المتعاقبة، على تطوير آفاق البحث العلمي في المجالات البيئية وتبادل الخبرات وجمع البيانات العلمية والاستفادة منها وتتولى مسؤولية نشر الوعي وغرس مفاهيم متطلبات التعامل مع البيئة لدى كافة فئات المجتمع وترسيخ مبادئ المحافظة على البيئة وموارده الطبيعية والإسهام في دعم الجهود المبذولة وفقا لأهداف التنمية المستدامة. وتهتم حكومة السلطنة بعمليات تقييم التأثيرات البيئية للمشاريع الصناعية والخدمية ومشاريع البنية الأساسية قبل إقامتها، وتنظم من خلال "هيئة البيئة" برامج منتظمة للرقابة والتفتيش البيئي عليها بعد تشغيلها؛ على اعتبار أن ذلك يوفر تشخيصًا ميدانيًا يُعرف بالأوضاع البيئية القائمة للمشاريع والتدقيق على التأثيرات البيئية الناتجة عنها بعد تشغيلها واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة تلك التأثيرات ومنعها أو التقليل منها إلى أقصى حد ممكن. وتقوم الهيئة بمتابعة تنفيذ القوانين والنظم واللوائح والقرارات وبرامج الإستراتيجية الوطنية لحماية البيئة العمانية، وإعداد خطط وبرامج حماية البيئة انسجاما مع الأهداف والسياسات الوطنية وتوافقا مع التزامات السلطنة بالاتفاقيات البيئية الدولية في إطار الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة ومتابعة تنفيذ وإعداد وتحديث الإستراتيجية الوطنية لإدارة المواد الكيميائية، بالإضافة إلى دراسة بيانات تقييم التأثيرات البيئية للمشاريع المختلفة وإصدار التراخيص والموافقات البيئية وإنشاء وتشغيل شبكات وطنية لرصد الملوثات البيئية مثل محطات رصد جودة الهواء وتنفيذ برامج منتظمة لزيارات التفتيش الميداني للمشاريع والمنشآت من أجل متابعتها والتأكد من مدى تطبيقها القوانين واللوائح والاشتراطات البيئية وضبط وإصدار المخالفات البيئية للمشاريع غير الملتزمة بيئيا، بالإضافة إلى إعداد البيانات والمؤشرات المعنية بالبيئة والتنمية المستدامة وتضمينها في التقارير الوطنية وفقا لمتطلبات الاتفاقيات البيئية الدولية ذات العلاقة. وتُعنى الهيئة في جانب آخر بإعداد وتنفيذ القوانين والنظم واللوائح والقرارات المتعلقة بصون الطبيعة والحفاظ على مفردات الحياة الفطرية، وتطوير ومتابعة الإستراتيجية الوطنية وخطة عمل التنوع الأحيائي والخطط الوطنية المتعلقة بإدارة المناطق الساحلية ومكافحة التصحر والالتزام باتفاقيات صون الطبيعة.. كما تقوم بوضع الاقتراحات لإنشاء المحميات الطبيعية والمواقع المحمية المؤقتة والمواقع ذات الأهمية الخاصة وإعداد خطط إدارتها، والتنسيق مع الهيئات الوطنية والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال صون الطبيعة.. كما أنها تقوم بزيارات تفتيش ميدانية ومتابعة مدى تطبيق القوانين والاشتراطات البيئية وضبط وإصدار المخالفات. وتعمل الحكومة، ممثلة في الهيئة، على إصدار التصاريح الخاصة بالتنوع الأحيائي ودخول المحميات والغوص والإسهام في تقييم التأثيرات البيئية للمشاريع التنموية بمناطق الصون والحياة الفطرية والمشاركة في إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بالتنوع الأحيائي وإعداد التقارير الخاصة بوضع الحياة الفطرية في السلطنة.. كما تقوم بتأهيل النظم البيئية المتدهورة وإكثار الحياة الفطرية المهددة وإنشاء وتزويد وحدات حماية الحياة الفطرية بالمستلزمات الفنية للقيام بالأنشطة اليومية الخاصة بحماية الحياة الفطرية من عمليات الصيد غير المشروع. ويعد التعاون الدولي إحدى أهم نقاط الاتصال بين السلطنة ممثلة في "هيئة البيئة" والجهات الإقليمية والعربية والدولية، حيث يتولى المختصون دراسة وتقييم ومتابعة المواضيع الواردة من مختلف المنظمات الإقليمية والعربية والدولية والتنسيق بشأنها مع الجهات المختصة داخل وخارج الهيئة وإعداد خطة التعاون الفني الثنائي مع دول العالم ومتابعة الاتفاقيات مع المنظمات الدولية والعربية والإقليمية ودراسة مختلف مجالات التعاون وتقييمها سنويًا وإعداد أعمال اللجان الثنائية والمشتركة وتنفيذ توصياتها بالتنسيق مع جهات الاختصاص والتنسيق مع المنظمات الدولية والإقليمية فيما يتعلق بمشاركة السلطنة في المؤتمرات والفعاليات الخارجية ذات العلاقة بأنشطة الهيئة المختلفة واتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بالمشاركات الخارجية وبزيارة الوفود الرسمية السلطنة وفقا للأنظمة والقوانين المعمول بها بالتنسيق مع جهات الاختصاص وبإعداد التقارير الخاصة بأنشطة المنظمات الإقليمية والعربية والدولية التي يكون للهيئة عضوية فيها واقتراح السبل الممكنة للاستفادة من الأنشطة والبرامج التي تنفذها تلك المنظمات. وعند الحديث عن النهضة التي يقودها السلطان، فإنه لا بدّ من الحديث عن أفق حرية الرأي والتعبير التي كفلها النظام الأساسي للدولة في مادته "69" التي تؤكد أن حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون؛ وهو ما أكد عليه المقام السامي أعزه الله أن الدولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص التي قوامها العدل وكرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصانة بما في ذلك حرية التعبير. ومن الجوانب المثيرة للانتباه الاهتمام بالمرأة العُمانية وتأكيد دورها الحيوي في بناء الوطن أسوة بأخيها الرجل على مختلف الأصعدة، وقد شدد عليه السلطان بقوله: "ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون، وأن تعمل مع الرجل جنبا إلى جنب، في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها". وقد قام السلطان، في أكتوبر الماضي، بتوزيع أوسمة الإشادة السلطانية على عدد من الشخصيات النسائية العُمانية وقامت حرمه بتسليمهن الأوسمة خلال رعايتها الاحتفال بمناسبة يوم المرأة العمانية بقصر البركة. ووصف السلطان الشباب بأنهم "ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب، وسواعدها التي تبني" مؤكدًا حرصه على "تلمُّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم".. وما احتفال السلطنة بيوم الشباب العماني الذي يصادف ال26 من أكتوبر من كل عام إلا تأكيد لحرص حكومة السلطنة على تسليط الضوء على هذه الفئة من المجتمع وتسخير الإمكانات التي تسهل لهم المضي قدمًا في مسيرة البناء والتنمية. وقد أكد ذي يزن بن هيثم آل سعيد، وزير الثقافة والرياضة والشباب، في كلمة له بمناسبة الاحتفال ب"يوم الشباب العُماني"، أن "الشباب العُماني أثبتوا أنهم على درجة عالية من المسؤولية الوطنية والوعي التام بقضاياهم المعاصرة آخذًا بأسباب الرقي والتقدم وفق رؤية واضحة وهِمّة قوية للمشاركة في بناء نهضة عُمان المتجددة منفتحين على الآخر وثقافته للتعايش معًا بمحبة وسلام". لقد وعد السلطان هيثم بن طارق بأنه سينتقل بعُمان في المرحلة المقبلة إلى مستوى الطموح في شتى المجالات بمشاركة المواطنين الدعامة الأساسية للعمل الوطني، مؤكدًا يقينه التام وثقته المطلقة بقدرات أبناء عُمان المخلصين في التعامل "مع مقتضيات هذه المرحلة والمراحل التي تليها، بما يتطلبه الأمر من بصيرة نافذةٍ وحكمةٍ بالغة وإصرار راسخ وتضحيات جليلة". كما أن السلطان أكد أن بناء الأمم وتطورها هو مسؤولية عامة يلتزم بها الجميع، ولا يُستثنى أحد من القيام بدوره فيها كل في مجاله وبقدر استطاعته؛ فقد تأسّست عُمان وترسّخ وجودها الحضاري بتضحيات أبنائها وبذلهم الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على عزتها ومنعتها وإخلاصهم في أداء واجباتهم الوطنية".