"يجب أن ينتهي منطق الاستجداء لتولي مناصب المسؤولية. عليكن أن تؤمنّ بقدراتكن، وبأن الحقوق تُنتزع بالنضال في سبيلها"، بهذه العبارات خاطبت أمينة المكي، رئيسة المحكمة الابتدائية بأزرو، زميلاتها القاضيات والمحاميات والموثقات، وغيرهن من نساء منظومة العدالة، في لقاء تواصلي نظمته وزارة العدل بالمعهد العالي للقضاء بالرباط اليوم الجمعة. اللقاء التواصلي المنعقد بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمرأة، الذي يصادف 10 أكتوبر، عبّرت فيه نساء منظومة العدالة عن عدم رضاهنّ عن حجم حضورهنّ في مناصب المسؤولية، مطالبات برفع عددهن في هذه المناصب، تماشيا مع توجه المغرب لإرساء مبدأ المساواة والمناصفة بين الجنسين. وقالت أمينة المكي موجهة كلامها إلى زميلاتها من نساء منظومة العدالة بحضور وزير العدل محمد بنعبد القادر وثلّة من مسؤولي الوزارة: "لا تطلُبْن حقوقكنّ بل ساهِمْن في تغيير العقلية الذكورية لدى البعض"، وهو ما ردّ عليه وزير العدل مازحا: "مسألة الاستجداء فيها نظر، صحيح أن الحقوق والحريات لا تُستجدى، لكنّ الرجال الذين يتقلدون المسؤوليات لا يترددون بدورهم في استجداء أصوات النساء". بدورها عبرت عائشة آيت الحاج، وكيلة الملك لدى المحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء، عن عدم رضاها عن مستوى حضور المرأة في سلك القضاء؛ فرغم أن المرأة المغربية كانت سباقة إلى الولوج إلى القضاء منذ سنة 1961، إلا أن "دولا أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جاءت متأخرة عنا تمكّنت من تحقيق مبدأ المناصفة". ويصل عدد النساء القاضيات بمختلف محاكم المملكة حاليا إلى 1067 قاضية من أصل 4317 قاضٍ، أي بنسبة 24.72 في المئة، وهي نسبة اعتبرتها عائشة آيت الحاج "ضئيلة جدا وتحز في النفس"، مضيفة: "نتمنى من وزير العدل الدفاع عن ولوج المرأة إلى سلك القضاء بشكل أكبر، فالمرأة متفوقة في دراستها في كليات الحقوق، ولكن حضورها في سلك القضاء جد ضئيل". بنبرة عدم الرضا نفسها تحدثت فاطمة أوكادوم، نائبة رئيسة جمعية اتحاد قاضيات المغرب، قائلة: "مبدأ المساواة مبدأ أساسي تناضل من أجله كل المناضلات، وسيكون قدوة إذا تحقق للأجيال الصاعدة بأن للمرأة كفاءات وقدرات وأنها تبدع وتنتج وتعطي أحسن ما لديها إذا تولت منصب المسؤولية". وأكدت أوكادوم بدورها أن "النساء متفوقات في الدراسة، وحان الوقت في ظل المناخ المتفتح الذي يعيشه المغرب لتكون الفرص متكافئة بينهن وبين الرجال، وإذا أتيحت للمرأة الفرصة فهي تبرهن عن كفاءاتها"، مضيفة أن "المساواة تحقق التوازن داخل الأسرة والمجتمع، وستحقق التوازن أيضا في النموذج التنموي الذي ينكب المغرب على وضعه". من جهتها قالت فاطمة مثمر، رئيسة هيئة كتابة الضبط بالمحكمة الزجرية بالدار البيضاء، إن النساء يمثلن 54 امرأة في موقع المسؤولية بكتابة الضبط والإدارة المركزية، لكنها اعتبرت أن هذا الرقم، بالمقارنة مع مواقع المسؤولية الممنوحة للذكور، يشكّل "قلّة قليلة جدا"، مضيفة أن النساء رئيسات كتابة الضبط في مختلف المحاكم، "يقمن بمجهودات كبيرة ومهام ربما تفوق المهام المنوطة بالرجال". شكاوى نساء منظومة العدالة من استحواذ الذكور على مناصب المسؤولية دفعت وزير العدل إلى الاعتراف بهذا المعطى؛ فبعد أن أكّد أن تأنيث مناصب الوظيفة العمومية يتم بفضل كفاءة المرأة، أشار إلى أن لجنة مباراة الملحقين القضائيين "هي لجنة ذكورية ويمكن أن نعمل على تأنيثها".