طالبت ثلاثة فرق برلمانية تنتمي للأغلبية البرلمانية لجنةَ العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب بتأجيل وضع التعديلات على مشروع قانون رقم 10.16، يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، التي حددت اللجنة أول أمس الجمعة كآخر أجل لوضعها. مطلب فرق التجمع الدستوري والحركي والاشتراكي بتأجيل التعديلات سيدفع إلى وضع مواجهة الإثراء غير المشروع في ثلاجة البرلمان، في الوقت الذي اختار فيه فريق العدالة والتنمية المنتمي كذلك للأغلبية وضع تعديلاته مع ضرورة الاحتفاظ بالصيغة الحكومية فيما يخص مواجهة الإثراء غير المشروع. وتتوفر هسبريس على طلبات الفرق البرلمانية الثلاثة التي بررت فيها أسباب التأجيل، ومنها تدارسها على مستوى الفرق البرلمانية مثلما جاء في رسالة محمد مبدع، رئيس الفريق الحركي، في حين برر توفيق كاميل، رئيس الفريق التجمعي الدستوري، عدم تقديم المقترحات بتعذر اجتماع الفريق، وهو المبرر نفسه الذي صاغه شقران أمام، رئيس الفريق الاشتراكي، الذي أشار إلى كون برلمانييه في عطلة تتزامن مع جائحة فيروس كورونا. واكتفت فرق المعارضة، خاصة الاستقلال والأصالة والمعاصرة، الجمعة، بالاحتفاظ بالتعديلات التي سبق وضعها حول مشروع القانون الجنائي الذي دخل "ثلاجة مجلس النواب" بعدما قدمته الحكومة منذ سنة 2016. وعاشت الأغلبية البرلمانية على وقع خلافات كبيرة بين مكوناتها في ما يتعلق بمادة الإثراء غير المشروع، الأمر الذي أدى إلى تقديم تعديلات غير متوافق عليها، وهو ما أدخل المشروع في حالة "بلوكاج"، في حين خرج فريق الاتحاد الاشتراكي بتقديم مقترح قانون مواز حول الاثراء غير المشروع. وتنص الصيغة الحكومية، التي جاءت بها الحكومة السابقة، وترفضها مكونات من الأغلبية الحالية لكونها تمس مصالح عدد من قيادييها، على أنه "يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100.000 درهم إلى مليون درهم، كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل، ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة". وتضيف الصيغة الحكومية أن ذلك يأتي "انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودعه المعني بالأمر، بعد صدور هذا القانون، مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يُدلِ بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة"، مشيرة إلى أنه "يجب في حالة الحكم بالإدانة الحكم بمصادرة الأموال غير المبررة طبقا للفصل 42 من هذا القانون، والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية طبقا للفصل 86 أعلاه". مصادر برلمانية قالت إن فرق الأغلبية قررت تقديم تعديلاتها متفرقة بعد الخلافات التي حدثت بينها، وخصوصا في ظل تشبث فريق العدالة والتنمية برفض تعديل مادة الإثراء غير المشروع؛ إذ تمسك بسحب تعديلات الأغلبية السابقة على مشروع القانون وأبدى تشبثه بالصيغة التي جاءت بها الحكومة المطروحة على النواب. وفي سابقة خلال هذه الولاية التشريعية، تعيش لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان "بلوكاج" غير مسبوق، بعدما أعدت الفرق البرلمانية تعديلات على مشروع القانون الجنائي دون أن يتم الحسم في تاريخ لتقديمها، بسبب الخلافات الكبيرة بين مكونات الأغلبية حول "الإثراء غير المشروع"، ليتقرر أخيرا الإعلان عن يوم الجمعة كآخر أجل لتقديمها. وسبق لمصادر هسبريس أن نبهت إلى وقوف ما وصفته "مركب للمصالح" ضد تجريم مراكمة الأموال عن طريق المناصب السياسية والمسؤوليات الإدارية داخل الدولة، على حد تعبير مصدر برلماني وهو يفسر لهسبريس أسباب العرقلة التي يعرفها مشروع القانون الجنائي، معيدا التذكير بأنه "لا معنى لاستمرار تعطيل مشروع قانون ولد مع الحكومة، ولم تستطع إخراجه طيلة ولايتها التدبيرية".