موازاة مع اعتلال الجسد بالحمى وغيرها من أعراض الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد، يعاني المرضى المصابون بهذا الفيروس من تبعاته النفسية، خاصة أنهم يعيشون في عزلة داخل غرفة انفرادية بالمستشفيات، لمدة تتراوح ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع. يبدأ التأثير على نفسية المشتبه في إصابتهم بفيروس "كوفيد-19"، منذ اللحظة التي يصلون فيها إلى المستشفى من أجل إخضاع عينات منهم للتحليل المخبري، جراء هاجس الخوف من أن تكون نتيجة التحليل إيجابية، ويتحملون هذا الخوف لأربع أو خمس ساعات. هاجس الخوف الذي يخيّم على الأشخاص المشكوك في إصابتهم بفيروس "كورونا"، أثناء انتظار نتيجة التحليلة الطبية، يضيف إلى مهام الطاقم التمريضي المكلف برعايتهم مهمة دعمهم نفسيا، من أجل إدخال الطمأنينة إلى نفوسهم. "فترة انتظار نتيجة تحليل العيّنة كتكون صعيبة بزاف، وقليل اللي كيقدرو يصبرو، بسبب الخوف من أن تكون النتيجة إيجابية"، تقول فاطمة الزهراء بلين، ممرضة في جناح عزل المصابين ب"كوفيد-19" في مستشفى مولاي يوسف بالرباط. وتضيف بلين، في تصريح لهسبريس، أن الممرضين الذين يشرفون على رعاية المصابين والمشكوك في إصابتهم يلعبون دورا مهما في التخفيف عنهم، قائلة: "بعض المرات نلعب دور البارشوك (واقي الصدمات) لدعم المرضى، حيث نشرح لهم أن أغلب التحليلات تكون سلبية، وأنها حتى لو كانت إيجابية فإن أغلب المصابين يُشفوْن". وكانت تحاليل عينات المشكوك في إصابتهم بفيروس "كورونا"، في بداية ظهور الفيروس بالمغرب، تتم في معهد باستور بمدينة الدارالبيضاء والمعهد الوطني للصحة والمستشفى العسكري بالرباط، قبل رفع وتيرة التحليلات المخبرية، بإجرائها في ستو مستشفيات جامعية، ابتداء من منتصف شهر أبريل الجاري. التأثيرات النفسية التي ترافق المصابين بفيروس "كورونا"، خلال فترة العلاج داخل أجنحة العزل في المستشفيات المخصصة لهذا الغرض، تترتّب بالأساس عن الشعور بالملل، خاصة أن مدة إقامة المريض داخل غرفته الانفرادية إلى حين امتثاله للشفاء التام قد تمتد، في بعض الحالات، إلى شهر. وتقول فاطمة الزهراء بلين إن بعض المرضى يشعرون بالملل داخل غرفهم، على الرغم من أن الغرف فيها أجهزة تلفزيون، وأغلب المرضى يقضون وقتا مهما في تصفح هواتفهم وحواسيبهم، "ولكن كاين اللي كتجيه صعيب شوية يبقى بين أربعة جدران". وأوضحت أن المصابين ب"كوفيد-19" لا يُسمح لهم حتى بالخروج من غرفهم إلى الممرات، من أحل محاصرة الفيروس في نطاق ضيق داخل الغرفة، حتى لا ينتقل إلى أشخاص آخرين. مشكل نفسي آخر يؤرق المصابين بفيروس "كورونا"، يتعلق ب"الوصم" الذي يحس به المريض ويتخيل أنه سيلاحقه في نظر معارفه، وينبع هذا الإحساس، بحسب إفادة فاطمة الزهراء بلين، من أن المجتمع كان يَعتبر الإصابة ببعض الأدواء والأمراض، مثل الجذري "عيبا"؛ وهو ما يؤثر على نفسية المريض.